إعلان حركة "حماس" في لبنان تأسيس "طلائع طوفان الأقصى" لم يمرّ مرور الكرام لدى عدد كبير من الرأي العام اللبناني، وعدد من الأحزاب السياسية المناهضة لفكرة السلاح خارج إطار المؤسسات العسكرية اللبنانية. وتزامنت الخطوة مع اشتداد التوتر عند الحدود الجنوبية، بحيث دعت الحركة "الشباب والرجال الأبطال" كما ذكرت في بيانها، إلى الالتحاق بطلائع من وصفتهم بـ"المقاومين"، وهنا السؤال: هل يتحول الجنوب اللبنانيّ إلى "حماس لاند"، على غرار ما اصطُلح على تسميته "فتح لاند" عام 1969 في اتفاق القاهرة؟تجدر الإشارة إلى أنّ اتفاق القاهرة 1969 هو اتفاق تمّ التوقيع عليه في 3 نوفمبر 1969 في القاهرة لغرض تنظيم الوجود الفلسطينيّ المسلح في لبنان، وقام الرئيس اللبنانيّ آنذاك شارل حلو بإرسال وفد لبنانيّ برئاسة قائد الجيش إميل البستاني، للتفاوض مع ياسر عرفات تحت إشراف وزير الدفاع المصري محمد فوزي، ووزير الخارجية المصرية محمود رياض.لبنان يدفع الثمن كما في كل مرّة في السياق، شدّد النائب عن حزب الكتائب اللبنانية إلياس حنكش في حديث خاص مع منصة وقناة "المشهد"، على أنّ: الأساس بهذا الموضوع سيادة الدولة، لكن لا دولة في لبنان وهناك من فتح مجالًا ليكون البلد منصّة صواريخ لقضية نحن نحترمها وندعمها وندين كل الاعتداءات الإسرائيلية.اليوم كلبنانيّين لدينا قضية واحدة وهي القضية اللبنانية، خصوصًا أنّ بلدنا على المحكّ، وفي وضعٍ مصيريٍّ.فإما يبقى هذا الشعب في هذه الأرض ويمارس عاداته ويعيش بكرامتِه ويُخطط لمستقبلِهِ ويَنفتِح على العالم، وإما سيَعود إلى "فتح لاند"، والآن "حماس لاند"، وبالتالي يصبح منصة لكلّ البلدان "الساكتة" على ما يحصل في غزة، فيما لبنان يدفع الثمن كما في كل مرة. وأضاف حنكش: "لا يمكن للبنان أن يدفع ثمن هذه القضية أو ثمن مساندتها". وأكد النائب الكتائبيّ احترام حقّ الشعوب بتقرير مصيرها، معتبرًا أنّ الحل الوحيد هو "حلّ الدولتَين"، ولكن في الوقت نفسه نحن لا نستطيع أن نساعد الآخرين في وقت نحتاج فيه إلى المساعدة. ولفت حنكش إلى أنهم لن يقبلوا بأن يكون لبنان منصة لـ"حماس" أو غيرها، ولـ"حزب الله" أو غيره، فأيّ حركة خاطئة اليوم تخاطر بالبلد. وتابع: "نحن نتعاطى مع عدو مجرم، وآلة قتل قادرة على تدميرنا وإعادتنا 30 عامًا إلى الوراء". "حماس لاند" تأتمر من "حزب الله" من جهته، شدّد رئيس جهاز الإعلام والتواصل في حزب "القوات اللبنانية" شارل جبّور في حديثه لمنصّة وقناة "المشهد"، على أنه يجب ألا يَحْرِف إعلانُ حركةِ "حماس" الأنظار ولو لأقلّ من ثانية، عن أنّ المشكلة الرئيسة في لبنان منذ عام 2005 إلى اليوم، هي "حزبُ الله" وسلاحه، ولولا هذا السلاح الذي يُغيّب الدولة في لبنان لما كنّا شهدنا إعلان "حماس" هذا. واعتبر جبور أنّ إعلان "حماس" هو جزء من حالة الفوضى التي رعاها "حزب الله" ونظّمها، لأنّها تأتمر منه وبالتنسيق معه ولما صدر هكذا إعلان لولا موافقته ومشورته وإشرافه، وبالتالي لا يجب لهذا الإعلان أن يحرِفَ الأنظار عن أنّ المشكلة الأساس هي "حزب االله". وشدّد جبور على أنه من الأكيد ألّا وجودَ لشيء اسمه حركة مسلحة خارج إطار إمرة "حزب الله" وإشرافه وموافقته، فهو يحتكر قرار السلاح، ويحتكر قرار الحرب، وهو الممثل الأساسيّ لإيران في لبنان، ولا يحقّ لأيّ منظمة أن تتحرّك من دون إمرته والتنسيق معه والطلب منه، وبالتالي هذا الإعلان جاء بطلب من "حزب الله" وقد يكون هو من نصّه وأطلقه لأسباب وغايات قد تظهر في مرحلة مقبلة.وأضاف أن من يغيّب قرار الدولة، هو "حزب الله"، من يحتكر قرار الحرب هو "حزب الله"، من يمنع قيام دولة فعلية هو "حزب الله"، من يُبقي لبنان ساحة مرتبطة بإيران، هو "حزب الله". وشدّد على أنّ المسؤولية هي مسؤولية "حزب الله" ولولا وجوده لما كان من وجود لـ"حماس" وكانت المخيّمات منزوعة السلاح، فهذه المخيمات أُبقي السلاح فيها بإشراف سوريّ بين 1990 و2005 وبإشراف "حزب الله" بعد 2005 لغايات وأهداف لها علاقة بالحزب وبإيران، إنطلاقًا من مشروع إبقاء لبنان ساحة مستباحة لهذا المحور. وأوضح جبور أنّ "ما شهدناه في هذا الإعلان لا يختلف عن الصواريخ التي أُطلقت من منظمات فلسطينية كـ"حماس" و"الجهاد"، ولا يختلف عن مشهد "القمصان السود" في مرحلة معيّنة، ولا يختلف عن مشهد اجتياح بيروت في مرحلة أخرى، وبالتالي هذا جزء من حالة فوضى لها أهدافها بهذا التوقيت وعنوانها "حماس"، لأنّ لكلّ مرحلة عنوان يطلقه "حزب الله" ويرعاه، ويجب أن تبقى الأنظار مشدودة إلى أنّ المشكلة كانت وما زالت سلاح "حزب الله". على القوى الأمنية أن تدخل الأنفاق؟على الجانب الثاني المقرّب من محور الممانعة، أكد نائب رئيس "التيار الوطني الحر" للعلاقات الخارجية ناجي حايك، أنّ "التيار" ضدّ الوجود الفلسطينيّ المسلح داخل المخيمات وخارجها، مشددًا على ضرورة ألا يتعدّى وجودهم سيادة البلاد. ورفض حايك أيّ دعوة من قبل الفصائل الفلسطينية إلى الحشد أو التسلّح أو إطلاق صواريخ، معتبرًا أنّ هذا الأمر خارج عن القانون، وداعيًا القوى الأمنية إلى ضبط الأمن ونزع السلاح الفلسطينيّ أينما وُجد. وتساءل حايك: لماذا وجود "الجبهة الشعبية" في أنفاق الناعمة؟، مضيفًا: "على القوى الأمنية أن تدخل هذه الأنفاق وأن تنزع سلاحهم". حايك لفت إلى أنّ "التيار" لن يقبل بقيام "حماس لاند" على غرار "فتح لاند" إطلاقًا، مؤكدًا ردًا على سؤال عن إشراف "حزب الله: على هكذا خطوة: "إذا كان صحيحًا أنّ حزب الله خلفها فنحن ضدّه في هذا الأمر".ويبدو أنّ الشارع اللبنانيّ بات قاب قوسين من سجال جديد أطلقته دعوة "حماس" لتشكيل "طلائع طوفان الأقصى"، في ظل تخوّف من حرب مع إسرائيل. (المشهد)