في منتصف فترة الانتخابات التي شهدتها الغابون، انقطعت خدمة الإنترنت في البلاد، قبل أن تتمّ استعادتها يوم الأربعاء 30 أغسطس في أعقاب الانقلاب. حكومة علي بونغو اعتبرت أنّ قطع الوصول إلى الإنترنت طريقة لدرء انتشار "الأخبار الكاذبة"، ويبدو مع إعلان عشرات الجنود إسقاط النظام أنّ الأخبار كانت ستؤثر على سمعة الرئيس. الجنود الانقلابيون الذين أقالوا الرئيس المنتهية ولايته، خرجوا في تظاهرات ابتهاج في البلاد، ووضعوا على رأسهم قائد الحرس الجمهوريّ الجنرال بريس أوليغي نغيما.وحتى وقوع هذا الانقلاب، الذي أدانه الاتحاد الإفريقي وفرنسا ودول غربية أخرى، كانت عائلة بونغو تحكم هذه الدولة الغنيّة بالنفط في وسط إفريقيا، لأكثر من 55 عاما. وتدين المعارضة بانتظام "سلالة بونغو" في بلد يستشري فيه الفساد.وشهدت الغابون محاولتَي انقلاب:الأولى في عام 1964، بعد حل الجمعية الوطنية على يد الرئيس ليون مبا، أطاح الجنود بالأخير. ثم قرر الجنرال ديغول التدخل الفرنسي لاستعادة الحكومة الشرعية، ما يسمح لمبا بالعودة إلى السلطة.الثانية في عام 2019، بينما يتلقى الرئيس علي بونغو العلاج في الخارج، حاول الجنود الإطاحة بالنظام. تم إيقافهم بسرعة كبيرة وتم القضاء على الانقلاب في مهده.ولمعرفة تفاصيل أكثر عن أزمة الغابون، منصة "المشهد" حاورت الخبير الجيوسياسي والأستاذ الباحث في جامعة عمر بونغو في ليبرفيل، ستيفان أوندو زي.هل يمكن أن نتحدث عن محاولة انقلاب ناجحة في الغابون، على عكس الانقلابات السابقة؟الخبير الجيوسياسي: أعتقد أنّ الوقت في صالح مدبري الانقلاب. في الوقت الحاضر، لم تعد إدارة الانقلاب تتم على الأراضي الغابونية. وعلينا أن ننتظر ردود أفعال المؤسسات الدولية التي تنتمي إليها الغابون. وكانت الجماعة الاقتصادية والنقدية لوسط إفريقيا، والجماعة الاقتصادية لدول وسط إفريقيا، في المقدمة. ومن المفترض أنه ينبغي استبعاد الردّ العسكري. لكنّ العقوبات الاقتصادية والعزلة في المنطقة، هي الأكثر احتمالا. تتمتع منطقة وسط إفريقيا بمكانة مميزة للغاية بالنسبة للأنظمة القائمة منذ عقود. ومن الصعب أن نصدّق أنّ الغابون سوف تجد حليفا مناسبا في المنطقة. وعلى المستوى القاريّ، سقطت أولى الإدانات للاتحاد الإفريقي.ويتعيّن علينا الآن أن نرى ما إذا كان تقارب الأنظمة الانقلابية يقدّم الدعم للغابون، ولكن لم يتم القيام بأيّ شيء حتى الآن. وبعد ذلك، يجب علينا أيضًا أن نلاحظ موقف الولايات المتحدة الأميركية وروسيا والصين، وخصوصا فرنسا، التي لا تزال لديها مصالح عدة في الغابون. في نهاية المطاف، ستعتمد نتيجة هذا الانقلاب على قدرة لجنة انتقال واستعادة المؤسسات ورئيسها نغيما بريس، على الصمود في مواجهة الضغوط الاقتصادية والدولية. وبالفعل أعطت اللجنة تعهداتها بالتزامها بالحفاظ على الأداة الاقتصادية. والذي يفترض أنّ هذا هو الوضع الراهن على المستوى الدولي. إنّ كفاح اللجنة الانتقالية يركز حقا على تطهير البيئة السياسية في الغابون.في نظرك، لماذا تم اختيار نغيما رئيسا للمرحلة الانتقالية؟الخبير الجيوسياسي: أصبح الجنرال بريس أوليغي نغيما قائدًا لحرس الجمهورية. تم تعيينه "رئيسًا للانتقال" من قبل العسكريين الانقلابيين من مختلف الجماعات المسلحة الذين يتحدون مع لجنة الانتقال واستعادة المؤسسات. نحن قريبون من النظام القديم من دون الحاجة إلى تسهيل حدوث انقلاب دولة. لقد أصبح الرجل معروفًا جدًا للغابونيين. يجب أن يعرف عوالم السياسية في البلد، ويخرج بنتائج سريعة جدًا للغابونيين المختنقين اقتصاديًا بسبب جائحة كوفيد 19.من المستفيد ومن المتضرّر من انقلاب الغابون؟الخبير الجيوسياسي: من الصعب معرفة ذلك في هذه الساعة. لقد استولى الجيش على السلطة ونتيجة لذلك فإنه يستفيد من شعبية لدى المواطنين. وتدل على ذلك مشاهد الابتهاج بين السكان أثناء مرور القوافل العسكرية في المدن الكبرى. لكن في الواقع، لا أحد يعرف حقًا نيّتهم، وقد دعا بعض النشطاء بالفعل إلى توخّي الحذر.هل يمكن أن نشهد في الغابون تطورات مثل تلك التي حدثت في النيجر؟الخبير الجيوسياسي: لا قد لا نشهد تدخلا عسكريا أو مفاوضات مثل تلك التي حدثت في نيامي، على الرغم من أنه يمكن العثور على العديد من أوجه التشابه بين النيجر والغابون بشأن وجود تدخلات دول أجنبية مثل فرنسا. ولكن يبدو أنّ نوايا الانقلابيين في الغابون، لا تتوافق مع توازن القوى المباشر مع المؤسسات الدولية. هناك في الواقع الكثير من التوقعات. توجد مناطق رمادية كثيرة جدًا، لإنشاء نتائج طبيعية واستخلاص نتائج الانقلاب حتى اللحظة.هل يضعف انقلاب الغابون نفوذ فرنسا في إفريقيا؟الخبير الجيوسياسي: ليس من الخطأ أن نقول إنّ موقف فرنسا في إفريقيا أكثر هشاشة. وكان النظام القديم (نظام علي بونغو) قد حصل على دعم من فرنسا، رغم أنّ العلاقات بين البلدين شهدت فتورا كبيرا منذ عام 2016. لكنّ الزيارة التي قام بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى الغابون، في وقت سابق من هذا العام، أنذرت بالتقارب. لكنّ فرنسا أدانت بالفعل الانقلاب. الأحداث تؤكد أنّ صفحة جديدة تُفتح لفرنسا في إفريقيا. (المشهد)