يسعى مجلس الأمن الدوليّ مجددا الاثنين، إلى تبنّي نص يطالب بـ"وقف فوريّ لإطلاق النار" في غزة، وهو مطلب سبق أن أعاقته الولايات المتحدة مرات عدة، لكنها أظهرت مؤخرا مؤشرات الى تغيير في لهجتها مع إسرائيل حليفتها. واستخدمت روسيا والصين الجمعة، حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن الدوليّ، لإسقاط مشروع قرار أميركيّ دعمت فيه واشنطن للمرة الأولى، وقفًا "فوريًا" لإطلاق النار في غزة، ربطًا بالإفراج عن الأسرى الذين اختُطفوا خلال هجوم "حماس" غير المسبوق على الأراضي الإسرائيلية في 7 أكتوبر. ورأى بعض المراقبين في ذلك المشروع، تحوّلًا كبيرًا في موقف واشنطن، التي تتعرض لضغوط للحدّ من دعمها لإسرائيل، في وقت أسفر الهجوم الإسرائيليّ عن مقتل 32,226 شخصًا في غزة، وفق أحدث حصيلة أعلنتها وزارة الصحة. وقد سبق للولايات المتحدة أن عارضت بشكل منهجيّ مصطلح، "وقف إطلاق النار" في قرارات الأمم المتحدة، وقد عرقلت 3 نصوص في هذا الإطار. والنص الأميركيّ الذي أسقِط بالفيتو، لم يدعُ بشكل صريح إلى وقف فوريّ لإطلاق النار، بل استخدم صياغة اعتُبرت غامضة من جانب الدول العربية والصين، وكذلك روسيا التي نددت بـ"نفاق" الولايات المتحدة. مشروع القرار ومشروع القرار الذي سيُطرح للتصويت الاثنين، هو نتيجة لعمل الأعضاء غير الدائمين في المجلس، الذين تفاوضوا مع الولايات المتحدة طوال نهاية الأسبوع، في محاولة لتجنب فشل آخر، وفقًا لمصادر دبلوماسية أعربت عن بعض التفاؤل بشأن نتيجة التصويت. وقال دبلوماسيّ لوكالة فرانس برس الأحد، "نتوقع، ما لم يطرأ أيّ تطوّر في اللحظة الأخيرة، أن يتم تبنّي مشروع القرار، وأنّ الولايات المتحدة لن تصوّت ضده".والمشروع في نسخته الأخيرة، "يطالب بوقف فوريّ لإطلاق النار خلال شهر رمضان"، الذي بدأ قبل أسبوعين، على أن "يؤدي إلى وقف دائم لإطلاق النار"، كما "يطالب بالإفراج الفوريّ وغير المشروط عن جميع الأسرى". ووفقًا لإسرائيل، خُطف نحو 250 شخصًا في 7 أكتوبر، لا يزال 130 منهم أسرى في غزة، ويُعتقد أنّ 33 منهم لقوا حتفهم. ويدعو مشروع القرار الجديد أيضًا، إلى "إزالة كل العوائق" أمام المساعدات الإنسانية، التي من دونها بات سكان قطاع غزة البالغ عددهم 2.4 مليون نسمة، معرضين لخطر المجاعة. كما يدين مشروع القرار الجديد في مجلس الأمن "كل الأعمال الإرهابية"، لكنه لا يأتي على ذكر هجمات "حماس" في 7 أكتوبر، التي أودت بحياة ما لا يقلّ عن 1160 شخصًا، معظمهم مدنيون، وفقًا لحصيلة إسرائيلية رسمية. ولم يُدِن أيّ قرار اعتمده المجلس أو الجمعية العامة للأمم المتحدة منذ 7 أكتوبر "حماس" على وجه التحديد، وهو أمر ووجه بانتقادات من إسرائيل. ولم يتمكن مجلس الأمن المنقسم بشدة، سوى من تبنّي قرارين طابعهما إنسانيّ بشأن ملف النزاع الإسرائيلي -الفلسطيني، من أصل 8 مشاريع طُرحت للتصويت. منع المساعدات وأعلنت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيّين (الأونروا) الأحد، أنّ إسرائيل منعتها نهائيًا من توصيل مساعدات إلى شمال قطاع غزة، حيث خطر المجاعة في أعلى مستوى. وقال المفوض العام للوكالة فيليب لازاريني عبر منصة إكس، "رغم المأساة التي تتكشف أمام عيوننا، أبلغت السلطات الإسرائيلية الأمم المتحدة، بأنها لن توافق بعد الآن على إرسال أيّ قوافل غذائية تابعة للأونروا إلى الشمال"، مضيفًا: "هذا أمر شائن ويجعل عرقلة المساعدة المنقذة للحياة مقصودة أثناء مجاعة من صنع الإنسان". وأكدت المتحدثة باسم الأونروا جولييت توما، أنّ إسرائيل لم تقدم أيّ تبرير لهذا القرار. وواصل الجيش الإسرائيليّ عملياته البرية والجوية الأحد في خان يونس، حيث أعلن أنه يريد القضاء على مقاتلي حركة "حماس" التي يعتبرها على غرار الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبيّ، "منظمة ارهابية". وغداة زيارته الجانب المصريّ للحدود مع القطاع، حيث دعا إلى وضع حدّ لـ"كابوس لا ينتهي" يعيشه الغزّيون، حضّ الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في مؤتمر صحافيّ مع وزير الخارجية المصرية سامح شكري، إسرائيل، على "إزالة ما تبقّى من عقبات" أمام دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع. وقال: "هذه المعاناة يجب أن تنتهي"، داعيًا إلى "وقف فوريّ لإطلاق النار لأسباب إنسانية"، والإفراج الفوريّ عن "جميع الأسرى" المحتجزين في غزة منذ هجوم "حماس"، وبدء الحرب بين إسرائيل والحركة في قطاع غزة. وصرح غوتيريش الأحد، بأنه "عندما ننظر إلى غزة، يبدو الأمر كما لو أنّ فرسان نهاية العالم الأربعة، الحرب والمجاعة والغزو والموت، يركضون فوقها". وتحذّر الولايات المتحدة إسرائيل من شنّ هجوم على مدينة رفح، حيث يتكدّس نحو 1.5 مليون فلسطينيّ وفقا للأمم المتحدة، غالبيتهم نازحون جرّاء الحرب. وصعّد الرئيس الفرنسيّ إيمانويل ماكرون لهجته الأحد تجاه رئيس الوزراء الإسرائيليّ بنيامين نتانياهو، مؤكدًا مجددًا "معارضته الصارمة" لهجوم إسرائيليّ على رفح، ومحذرًا من أنّ "النقل القسريّ للسكان يشكل جريمة حرب". غير أنّ نتانياهو يكرّر تأكيده أنّ هجومًا برّيًا على رفح، أمر ضروريّ من أجل تحقيق "النصر الكامل" على "حماس".(وكالات)