يصر المسؤولون الأميركيون والإسرائيليون وحتى اللبنانيون على أن قلة من الأطراف تريد أن تتحول حرب إسرائيل في غزة إلى صراع واسع النطاق يمتدّ إقليميا في كل الشرق الأوسط.لكن اغتيال أحد كبار قادة حركة "حماس" في لبنان الثلاثاء، ومقتل العشرات من الأشخاص في انفجارين غامضين في إيران الأربعاء، حدثين جعلا في الساعات الماضية الشرق الأوسط ومعه الولايات المتحدة، أقرب إلى الانزلاق إلى حافة حرب إقليمية. وهو الأمر الذي حاولت إدارة بايدن تجنبه منذ هجوم حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر.هجمات شبه يوميةعلى الصعيد اليمني، وبعد ساعات فقط من انفجار القنابل في إيران، أصدرت الولايات المتحدة و12 من حلفائها تحذيراً مكتوبا إلى "ميليشيا" ناشطة في المنطقة، "جماعة الحوثيين" التي تشنّ هجمات شبه يومية بالصواريخ والطائرات من دون طيار وبالبحر على سفن تجارية في البحر الأحمر.وحتى الآن، أحجمت الولايات المتحدة عن الردّ على "الحوثيين" لأنها على ما يبدو لا تريد تقويض الهدنة الهشة في الحرب الأهلية في اليمن.لكن الآن يشير مسؤولو بايدن إلى أن صبرهم بدأ ينفد.وقال مسؤولو البيت الأبيض في بيان صدر الأربعاء، بعد يوم من إعلان شركة الشحن العملاقة "ميرسك" أنها ستتوقف مؤقتًا عن الإبحار عبر البحر الأحمر: "لتكن رسالتنا الآن واضحة: ندعو إلى الوقف الفوري لهذه الهجمات غير القانونية والإفراج عن السفن وأطقمها المحتجزين بشكل غير قانوني".وتابع البيان: "سيتحمل "الحوثيون" مسؤولية العواقب إذا استمروا في تهديد الأرواح والاقتصاد العالمي والتدفق الحر للتجارة في الممرات المائية الحيوية في المنطقة".ولم يصل التحذير - الذي وقعته أيضًا بريطانيا وأستراليا ونيوزيلندا والبحرين وبلجيكا وكندا وألمانيا والدنمارك وإيطاليا واليابان وسنغافورة وهولندا - إلى حد التهديد بشن ضربات عسكرية.مع العلم أنه خلال عطلة نهاية الأسبوع، أغرقت البحرية الأميركية 3 زوارق للحوثيين، ما أسفر عن مقتل جميع أفراد طواقمها، وذلك بعدما أطلقت النار على مروحيات أميركية أتت لمساعدة سفينة شحن خاصة بميرسك.وفي هذا الإطار، يؤكد الرئيس بايدن أنه يريد تجنب الهجمات العسكرية المباشرة على "الحوثيين" لتفادي تصعيد الصراع في الشرق الأوسط.هذا من جهة اليمن. أما على الصعيد لبنان، فقد تعهد "حزب الله" بأن مقتل صالح العاروري، القائد في "حماس" لن يمرّ من دون رد.ويمارس "حزب الله"، وهو حليف رئيسي لحركة "حماس"، سيطرة فعلية على الضاحية الجنوبية لبيروت حيث وقع الانفجار الذي أودى بحياة العاروري، ويشارك في هجمات متصاعدة مع القوات الإسرائيلية منذ أشهر.إلى إيران حيث بدت الظروف المحيطة بالانفجارين الذين وقعا يوم ذكرى مقتل الجنرال الإيراني السابق قاسم سليماني، في كرمان أكثر غموضًا.إيران تخشى مواجهة أميركاوبينما سارعت إيران إلى إلقاء اللوم على إسرائيل، قال مسؤولون أوروبيون وأميركيون إنهم يشكون في أن الإسرائيليين هم من نفذوا الضربة: معظم ضربات إسرائيل ضد إيران تكون محددة بدقة عالية، من القضاء على المهندس الرئيسي للبرنامج النووي الإيراني إلى تفجير مرافق نووية وصاروخية.المرشد الأعلى لإيران علي خامنئي أصدر بيانا عقب التفجيرين ألقى فيه باللوم على "أعداء الأمة الأشرار والمجرمين"، لكنه لم يصل إلى حد تسمية أي جماعة أو دولة. وتعهد خامنئي بأن يعلم أعداء إيران أن "هذه المأساة سيكون لها رد قوي".وفي هذا الإطار قال شخصان مطلعان على المناقشات الداخلية الإيرانية إن خامنئي أصدر تعليماته للقادة العسكريين الإيرانيين بالتحلي بـ"الصبر الاستراتيجي" وتجنب إقحام إيران في مواجهة عسكرية مباشرة مع الولايات المتحدة.في الأثناء، قال العديد من المسؤولين الأميركيين إنه من السابق لأوانه التنبؤ بما إذا كانت أي حرب واسعة النطاق سوف تندلع.وقال المسؤولون إن إسرائيل لم تكن لتضرب العاروري في لبنان لو لم تكن متأكدة بأنها تستطيع القيام بذلك من دون أي قلق من تصعيد الصراع على الحدود اللبنانية.فرص نشوب حرب إقليميةولكن مع وقوع الانفجارات، مهما كان سببها بسرعة كبيرة بعد الاغتيال، زاد الشك حول خطر انتشار الصراع، وأصبح الأمر يتصدر الأذهان مرة أخرى في الولايات المتحدة وأوروبا.ولم يعلق المسؤولون الإسرائيليون على ما إذا كانت قواتهم استهدفت العاروري، لكن المسؤولين اللبنانيين والأميركيين نسبوا الهجوم إلى إسرائيل.وفي أعقاب الضربة، وضع مسؤولو إدارة بايدن خططًا لتكثيف الجهود الدبلوماسية مع المسؤولين في لبنان كجزء من محاولة الضغط على "حزب الله" لعدم تصعيد الصراع.وفي الأيام المقبلة، من المتوقع أن يسافر وزير الخارجية أنتوني بلينكن إلى الشرق الأوسط، حيث سيكون احتواء التصعيد المحتمل أحد أهداف زيارته الرئيسية.ويقول الأدميرال المتقاعد جيمس ستافريديس، القائد السابق لحلف شمال الأطلسي: "إن فرص نشوب حرب إقليمية في الشرق الأوسط ارتفعت من 15% إلى 30%". "لا يزال المعدل منخفضًا نسبيًا، ولكنه أعلى من ذي قبل، وبالتأكيد مرتفع بشكل غير مريح". (ترجمات)