في الوقت الذي تواصل فيه مصر جهودها من أجل التوَصل لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة، قالت مصادر أمنية مصرية، لوكالة رويترز، إنّ القاهرة رفضت طلبًا إسرائيليًا لزيادة الرقابة الأمنية على الحدود بين مصر وقطاع غزة.وجاء الرفض المصريّ، بينما يتواصل القصف الإسرائيلي على قطاع غزة لليوم الـ96 على التوالي، فيما يعيش سكان قطاع غزة في ظروف إنسانية صعبة.ورأى محللون سياسيون، في حديث لمنصة "المشهد" أنّ الرفض المصري للمُقترح الإسرائيلي، ربما بسبب التخوّفات المصرية من استمرار إسرائيل في مُخطط تهجير سكان غزة إلى سيناء، فضلًا عما يشكله محور فيلادلفيا من أهمية للجانب المصريّ باعتباره منطقة عازلة بين مصر وفلسطين.وبحسب المحللين، فإنّ الخط الحدودي الفاصل بين مصر وقطاع غزة، له بند خاص به في اتفاقية السلام التي جرى توقيعها بين مصر وإسرائيل وينص البند على منع وجود أي قوات عسكرية أو التعامل على المحور من جانب أي دولة إلا بعد موافقة الدولة الأخرى.الأولوية لتوّقف الحربوقال مساعد وزير الخارجية المصريّ الأسبق، السفير جمال بيومي، إنّ اتفاقية السلام المُبرمة بين مصر وإسرائيل تُحدد بشكل واضح حجم القوات بين الجانبين على الشريط الحدودي فيما بينهما، وكذلك منع التعامل على محور فيلادلفيا (صلاح الدين)، لافتًا إلى أنّ مصر ربما تكون متمسكة ببنود الاتفاق خصوصا المُتعلقة بشكل حجم وجود القوات وطبيعة تسليحها.وأوضح بيومي في حديث لمنصة "المشهد" أنّ مصر تُدير ملف الحرب في غزة بهدوء ولديها علاقات قوية مع كافة الأطراف بما فيها إسرائيل، على الرغم من أن الحكومة الإسرائيلية هي حكومة مُتطرفين.وأشار مساعد وزير الخارجية المصريّ الأسبق، إلى أنّ الموقف المصري واضح من هذه الحرب وترى ضرورة أن يتوقف العدوان على غزة، كما ترفض ملف تهجير الفلسطينيين خارج أراضيهم.الحكومة الإسرائيلية الحالية لا ترغب في السلامفي المُقابل يبدو أنّ الحكومة الإسرائيلية عازمة على تنفيذ مُخططها بشأن سكان غزة، وفقًا لرأي بيومي، مُضيفًا:"مما لاشك أنّ الحرب في غزة تؤثر على العلاقات المصرية الإسرائيلية خصوصا في ظل وجود الحكومة الإسرائيلية المُتطرفة".وتحدث بيومي عن تأثير حرب غزة على إسرائيل نفسها، قائلًا:" إسرائيل كدولة ليست لديها القدرة على تعبئة الجيش بكامل قوته وتدخل في حرب طويلة الأمد وبالتالي ما يحدث يؤثر على اقتصادها بشكل كبير مما اضطرها إلى طلب دعم مالي من الولايات المتحدة".وتوّقع مساعد وزير الخارجية الأسبق، ألا تنتهي الحرب في غزة في الوقت القريب، خصوصًا وأن الجانب الإسرائيلي لديه إصرار على تنفيذ مخطط ما في المنطقة ومع وجود حكومة مُتعنتة لا ترغب في السلام.منطقة عازلة للحفاظ على الأمن القوميفي السياق نفسه، قال المُحلل السياسيّ المصريّ الدكتور أسامة السعيد، إنّ محور فيلادلفيا له خصوصية تتعلق بوضعه القانوني وله بند خاص في اتفاقية السلام ولا يجوز التعامل عليه من أي دولة بوضع قوات أو أي شيء آخر إلا بموافقة الدولة الأخرى.وأوضح السعيد في حديث لمنصة "المشهد" أنّ هذا المحور أصبح تحت سيطرة السلطة الفلسطينية بعد انسحاب إسرائيل من غزة عام 2005، لافتًا إلى أنّ مصر ترى في هذا المحور منطقة عازلة تحافظ على أمنها القومي.مخاوف من تنفيذ مُخطط التهجيرلماذا رفضت مصر التنسيق الأمني مع الجانب الإسرائيلي؟ يرى السعيد، أنّ الرفض المصريّ ربما يرجع إلى تخوّفها في حالة وجود قوات إسرائيلية أو حتى سيطرة إسرائيل على هذا المحور أن تقوم إسرائيل باستخدامه في فتح طريق لتهجير سكان غزة إلى الجانب المصريّ خصوصا وأن الحكومة الإسرائيلية لا تُريد أن تقدم أي ضمانات أمنية تتعلق بوقف مُخطط التهجير.وأشار المحلل السياسي المصريّ، إلى أنّ سيطرة إسرائيل على المحور في ظل حكومة إسرائيلية مُتطرفة ولا تلتزم بأي وعود أمر يُشكل خطرًا على الأمن القومي المصريّ.هل اتفاقية كامب ديفيد في خطر؟هل اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل في خطر؟ يُجيب السعيد بقوله: مصر ملتزمة بكل مسؤولياتها القانونية تجاه اتفاقية السلام مع إسرائيل واستطاعت أن تصمد أكثر من 40 عامًا، على الرغم من تعرضها لاختبارات قاسية، وذلك نتيجة رغبة الجانب المصريّ في تهدئة الأوضاع في المنطقة وعدم دخولها في صراع.اتفاقية السلام ستظل كما هي طالما حافظ الجانب الإسرائيلي على احترام بنودهاالاتفاقية لن تكون قيدًا لمصر في حالة تهديدها الأمن القومي خصوصا في حالة عدم التزام الجانب الإسرائيلي ببنود الاتفاق كافة.(المشهد)