أكّد الملك الأردني عبدالله الثاني، اليوم الثلاثاء، أنّ الحكومة الإسرائيلية قتلت في هذه الحرب أطفالا وصحفيين وعمال إغاثة إنسانية وطواقم طبية أكثر من أي حرب في التاريخ الحديث، معتبراً أنّ "التصعيد ليس من مصلحة أي دولة في المنطقة ويتجلى ذلك بوضوح في التطورات الخطيرة في لبنان في الأيام القليلة الماضية ويجب أن يتوقف هذا التصعيد".وقال الملك الأردني، خلال إلقائه خطاباً في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة المنعقدة في نيويورك في دورتها الـ79: خلال ربع القرن الماضي لطالما وقفت على هذا المنبر والصراعات الإقليمية والاضطرابات العالمية والأزمات الإنسانية تعصف بمجتمعنا الدولي وتختبره وغالبا لم تمر لحظة على عالمنا دون اضطرابات إلا أنني لا أذكر وقتا أخطر مما نمر به الآن. تواجه أممنا المتحدة أزمة تضرب في صميم شرعيتها وتهدد بانهيار الثقة العالمية والسلطة الأخلاقية وإن الأمم المتحدة تتعرض للهجوم بشكل فعلي ومعنوي أيضا. تقف شاحنات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة بلا حراك على بعد أميال فقط من فلسطينيين يتضورون جوعا كما يتم استهداف ومهاجمة عمال الإغاثة الإنسانية الذين يحملون شعار هذه المؤسسة بكل فخر ويتم تحدي قرارات محكمة العدل الدولية وتجاهل آرائها. أدانت دول العالم أجمع العام الماضي ومن ضمنها الأردن هجمات 7 أكتوبر على مدنيين إسرائيليين لكن حجم الفظائع غير المسبوق الذي تم إطلاقه على غزة منذ ذلك اليوم لا يمكن تبريره بأي حال من الأحوال. الواقع الأليم الذي يتجلى أمام الكثيرين هو أن بعض الشعوب هي فعليًّا فوق القانون الدولي وأن العدالة الدولية تنصاع للقوة وأن حقوق الإنسان انتقائية فهي امتياز يمنح للبعض ويحرم البعض الآخر منه حسب الأهواء. لا بد من ضمان حماية الشعب الفلسطيني ويحتم الواجب الأخلاقي على المجتمع الدولي وأن يتبنى آلية لحمايتهم في جميع الأراضي المحتلة ومن شأن ذلك توفير الحماية للفلسطينيين والإسرائيليين من المتطرفين الذين يدفعون بمنطقتنا إلى حافة حرب شاملة. لسنوات مد العالم العربي يده لإسرائيل عبر مبادرة السلام العربية مستعدا للاعتراف التام بها وتطبيع العلاقات معها مقابل السلام إلا أن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة اختارت المواجهة ورفضت السلام نتيجة للحصانة التي اكتسبتها عبر سنوات. لقد تحمل الفلسطينيون أكثر من 57 عاما من الاحتلال والظلم والاضطهاد وخلال هذه السنوات سُمح للحكومة الإسرائيلية بأن تتجاوز الخط الأحمر تلو الآخر. وحشية الحرب على غزة أجبرت العالم على النظر عن كثب ورؤية الحقيقة والآن بات كثيرون ينظرون إلى إسرائيل بعيون ضحاياها. لسنوات اختار المجتمع الدولي الطريق الأسهل واكتفى بقبول الوضع القائم المتمثل في استمرار الاحتلال العسكري الإسرائيلي للفلسطينيين مقدما الدعم لحل الدولتين من خلال تصريحات لا تسمن ولا تغني من جوع. أدعو جميع الدول للانضمام إلى الأردن في فرض بوابة دولية للمساعدات الإنسانية إلى غزة كجهد إغاثي ضخم لإيصال الغذاء والمياه النظيفة والدواء وغيرها من الإمدادات الحيوية لمن هم في أمس الحاجة إليها ويجب ألا تكون المساعدات الإنسانية أداة حرب أبدا. بعد مضي عام تقريباً على هذه الحرب أثبت عالمنا فشله سياسيا ولكنّ هذا لا يستوجب أن تخذل إنسانيتنا أهل غزة بعد الآن (وكالات)