في ظل التغيرات المناخية المتسارعة والنشاط البيئي غير المنتظم، باتت ظاهرة انتشار الجراد الصحراوي تشكل تهديداً حقيقيًّا لعدد من الدول الواقعة في شمال إفريقيا والشرق الأوسط، ومنها تونس. وتُعد هذه الظاهرة من أخطر الكوارث الطبيعية التي تصيب القطاع الفلاحي، نظراً لقدرة الجراد الكبيرة على التدمير السريع للمحاصيل الزراعية، ما يهدد الأمن الغذائي ويزيد من الضغوط الاقتصادية على الدول المتضررة. الجراد الصحراوي يهدّد تونس وفي هذا الإطار، شهدت تونس أخيراً حالة من الاستنفار بعد رصد وصول أسراب من الجراد الصحراوي إلى عدة محافظات جنوبية، وذلك نتيجة حركة الرياح القوية التي ساعدت على انتقال الحشرات من الأراضي الليبية والجزائرية إلى الحدود التونسية. وقد جاءت هذه التطورات في وقت حذّرت فيه منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) من إمكانية ولادة أسراب جديدة في جنوب تونس خلال الأيام القليلة المقبلة، ما زاد من حالة القلق في الأوساط الفلاحية والرسمية على حد سواء. وتُظهر المعطيات الأخيرة أن الجراد الصحراوي بدأ في التكاثر بشكل فعّال في مناطق شمال غرب إفريقيا منذ شهر مارس، خصوصاً في الجزائر وليبيا، مع وصول بعض المجموعات أيضاً إلى تونس. وتاريخيًّا، واجهت تونس موجات مماثلة من هذه الآفة في خمسينات القرن الماضي، وفي عامي 1987 و2012، وتمكنت السلطات من السيطرة عليها عبر خطط مكافحة ميدانية واستباقية. وحاليًّا، يُتوقع استمرار التكاثر الربيعي للجراد في المناطق الصحراوية لتونس، ما يتطلّب يقظة قصوى وجهوداً منسقة بين الجهات المختصة. فبمجرد أن تبدأ هذه الحشرات في التكاثر، يمكن أن تتضاعف أعدادها بسرعة، وتتحول إلى أسراب مدمرة قادرة على القضاء على مساحات شاسعة من المحاصيل في ظرف وجيز. لذلك، تبقى عمليات الرصد المبكر والمكافحة السريعة عوامل حاسمة في مواجهة هذا الخطر الطبيعي الموسمي.(المشهد)