تشهد الساحة العراقية انقسامًا شديدًا بشأن كيفية التعامل مع الإدارة السورية الجديدة بقيادة أحمد الشرع، ومستقبل العلاقات بين البلدين بعد سقوط نظام بشار الأسد، الذي كانت تدعمه الميليشيات الموالية لإيران.خلال الساعات الماضية تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو من حوار على أحد القنوات العراقية يهدد فيه محلل بقتل الشرع إذا فكر في زيارة بغداد.وقال أحد الضيوف "إذا جاء الشرع لحضور القمة العربية في بغداد على قدميه سيعود في صندوق خشبي". بعدها بساعات تلقى وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، دعوة رسمية لزيارة جمهورية العراق لمناقشة عدد من القضايا المشتركة وفتح صفحة جديدة في العلاقات الثنائية بين البلدين، حسبما أفادت الوكالة العربية السورية للأنباء (سانا)، اليوم الجمعة.وأوضح المكتب الإعلامي بوزارة الخارجية في تصريح لـ"سانا": "أن تحديد موعد الزيارة سيحدد لاحقاً بعد استكمال جدول الأعمال وإجراء المشاورات التقنية اللازمة لتحديد التوقيت المناسب".ويثق المحللون أنه رغم أن هذه التهديدات غير رسمية لكنها توضح حجم الانقسام في المجتمع العراقي بشأن سوريا الجديدة."القتل وارد"ويرى الخبير الأمني العميد عدنان الكناني، أنه توجد مخاوف من أن يقتل الشرع في الأراضي العراقية، وقال: "وهذا الاحتمال وارد، حتى لو كانت التهديدات غير رسمية".وأشار الكناني في حديثه مع منصة "المشهد" إلى أن المنطقة يراد لها أن تشتعل بحرب عربية عربية إسلامية إسلامية لمصلحة جهة معلومة.بدوره، قال الخبير الإستراتيجي أحمد الشوقي، إن الساحة العراقية تشهد انقسامًا وتناقضات عميقة بشأن الإدارة السورية الجديدة. وأوضح الشوقي في حديثه مع منصة "المشهد" أنه توجد أطراف تدفع بإعادة العلاقات مع الحكومة السورية بما يخدم شعبي البلدين، لكن في الوقت نفسه توجد أطراف أخرى وهي الميليشيات الموالية لإيران التي ترفض أي تقارب يضر بمصالحها ومصالح داعميها.وأكد أن هذه الفصائل تملك نفوذًا قويًا في بغداد وقادرة على التأثير على أيّ قرار سياسي يتعلق بالعلاقات مع سوريا، لأنها ترى أن هذا التقارب يتعارض مع الأولويات الإيرانية ويهدد نفوذها في العراق وسوريا.مع اندلاع "معركة ردع العدوان" التي شنتّها "هيئة تحرير الشام" ضد النظام السوري السابق في ديسمبر الماضي، تحدثت تقارير عن أن الميليشيات العراقية الموالية لإيران تستعد للتدخل لدعم النظام، ثم سرعان ما أعلن الجيش العراقي حشد قواته العسكرية الحدودية خوفًا من أيّ اختراقات أمنية مع تجدد الحرب في سوريا.كشفت مصادر صحفية تركية في 11 فبراير، عن خطة إيرانية تستهدف الإطاحة بالحكومة السورية بقيادة الرئيس الانتقالي أحمد الشرع، عبر انقلاب عسكري جرى التخطيط له في اجتماع سري في مدينة النجف العراقية. وقالت التسريبات التي حصلت عليها صحيفة "Türkiye Gazetesi" إن "خطوة انتقامية من إيران التي خسرت سوريا، في اجتماع نظمته طهران، عقد جنرالات الحرس الثوري وكبار القادة من عهد الأسد المخلوع اجتماعا سريا في النجف وناقشوا خطة الانقلاب في دمشق"."دور متوازن"ويقول الشوقي إن الحكومة العراقية تحاول لعب دور متوازن وبدقة في الموقف السوري، مشيرًا إلى أن مستقبل العلاقات بين العراق وسوريا مرهون بمدى قدرة الحكومة في بغداد على المناورة بين الضغوط الإيرانية والتوازنات الإقليمية.لكنه أكد أنه "إذا استمر نفوذ هذه الميليشيات في العراق دون ردع فمن الصعب تحقيق تقارب جديّ ومستقل بين بغداد ودمشق".وأضاف "هذه الفصائل غالبا ما تنفذ أجندات تتجاوز المصلحة الوطنية العراقية، ولكن إذا استطاعت بغداد فرض سيطرتها فيمكننا أن نشهد تعاونًا كبيرًا بين البلدين على المستوى الأمني والاقتصادي". ويرى الشوقي أن التقارب بين بغداد ودمشق يجب أن يكون قرارًا عراقيًا خالصًا يخدم مصلحة البلدين دون أن يكون خاضعًا لأيّ ضغوط خارجية.ويعتقد الكناني أن الوضع ليس بأفضل حالاته بين الحكومة العراقية والميليشيات. وقال "يبدو أن هناك حذر واضح بالتعامل. وابتعاد الحكومة عن أحضانها أوضح".وقالت سانا إنّ الزيارة ستتناول القضايا ذات الاهتمام المشترك لفتح صفحة جديدة في العلاقات الثنائية بعد إطاحة المعارضة بالرئيس السوري بشار الأسد في ديسمبر بعد الحرب الأهلية التي استمرت 13 عامًا. ويرى مراقبون في سوريا أن أبرز الملفات التي يحملها الشيباني إلى بغداد هو ملف الحدود وسيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد) على مناطق شمال شرق سوريا ووجود بعض معتقلي تنظيم داعش في شمال سوريا، إضافة إلى ملف الضباط السوريّين الذين فرّوا إلى العراق بعد سيطرة فصائل المعارضة على سوريا. أما دعوة وزير الخارجية السوري يرى الكناني أنها تمهد لاطلاع الشيباني على الاستعدادات للقمة العربية ولتوضيح دور الوفد السوري وما هي الإجراءات التنسيقية مع الجهات الحكومية العراقية. (المشهد)