في كل مكان في نابلس، يبدو واضحًا أثار الأزمة الاقتصادية الكبيرة التي يعيشها السكان، بسبب التضييقات الكبيرة التي تفرضها إسرائيل على الحياة والعمل في الضفة الغربية، بعد أن كانت هذه المدينة مركزًا نشطًا للتجارة الفلسطينية، وذلك بحسب تحقيق نشرته صحيفة " واشنطن بوست".وقال رئيس غرفة تجارة نابلس إياد القاضي: "الشعب الفلسطيني معتاد على الأزمات، لكن ما أراه الآن لم أشهده من قبل". وفي هذا الشتاء، قال مسؤولون محليون إن مئات العائلات تواصلت للمرة الأولى للمطالبة بالنقود أو الطعام أو التدفئة الأساسية. وأضاف القاضي: "قبل ذلك على الأقل، كانت لدينا الاحتياجات الأساسية للبقاء على قيد الحياة"، مؤكدا أن الضغط الذي تمارسه إسرائيل على الضفة الغربية يدفعها إلى حافة الهاوية. وبينما تحاصر إسرائيل غزة وتقصفها، يقول الفلسطينيون هنا إنها تشن أيضًا حربًا اقتصادية في الضفة الغربية. منذ هجمات حماس في أكتوبر.إلغاء تصاريح العمل منذ 7 أكتوبر الماضي، فرضت إسرائيل قيودًا شاملة على الاقتصاد الفلسطيني، وألغت تصاريح العمل، وأعاقت حرية الحركة، بل واحتجزت لعدة أشهر عائدات الضرائب التي تجمعها للسلطة الفلسطينية. وأدت هذه الإجراءات، التي تقول إسرائيل إنها اتخذت لأسباب أمنية، إلى فقدان عدد كبير من الوظائف وعدم دفع الرواتب وانخفاض حاد في الإنتاج المحلي، وفقا للبنك الدولي.وقال جمال الطيراوي، زعيم حزب فتح المحلي في مخيم بلاطة للاجئين في نابلس: "إنهم يقتلوننا اقتصادياً". ويقول المسؤولون هناك إن الآلاف من سكان المخيم البالغ عددهم حوالي 33 ألف نسمة كانوا يعملون في إسرائيل قبل الهجوم، معظمهم عمال بناء. وقال أحمد ذوقان، الرئيس المشارك للجنة الخدمات الشعبية في المخيم، إن نحو 70% من العمال هناك لا يحصلون الآن على رواتب، مقارنة بـ 35% كانوا عاطلين عن العمل قبل 5 أشهر. وفي جميع أنحاء الضفة الغربية، وصل معدل البطالة إلى 29% بحلول نهاية عام 2023، مما تسبب في انخفاض حاد في الناتج المحلي الإجمالي، وفقًا لجهاز الإحصاء المركزي الفلسطيني. لقد مارست إسرائيل منذ فترة طويلة سيطرة كبيرة على حياة وحركة الفلسطينيين. واستولت على الضفة الغربية في عام 1967، وحكمت لعقود من خلال الاحتلال العسكري وبناء مستوطنات مترامية الأطراف للمواطنين الإسرائيليين. وفي التسعينيات، بعد الانتفاضة الفلسطينية الأولى، منحت اتفاقيات أوسلو السلطة الفلسطينية حكماً ذاتياً محدوداً في الشؤون المدنية، بما في ذلك الاقتصاد، كخطوة نحو السلام. لكن هذا السلام لم يتحقق قط، ولا يزال الفلسطينيون يعتمدون بشكل كبير على إسرائيل في توفير الوظائف، والوصول إلى الأسواق، وجباية الضرائب، واستيراد المواد الخام والسلع الأساسية. على مر السنين، شكل العمال الفلسطينيون العمود الفقري لصناعة البناء في إسرائيل وأصبحوا مصدرا موثوقا للعمالة الرخيصة لقطاعي الزراعة والسياحة. ويمكن للعمال من غزة والضفة الغربية أن يكسبوا في إسرائيل 3 أضعاف ما يمكنهم الحصول عليه في الأراضي الفلسطينية، وفقا للبنك الدولي. وقال أوفير فولك، مستشار السياسة الخارجية لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، في بيان: "إن مسألة تصاريح العمل للفلسطينيين تعتمد على اعتبارات أمنية مستمرة وشاملة". وأضاف أن "إسرائيل يقظة بشأن هذه القضية من أجل منع المزيد من الإرهاب الفلسطيني". (ترجمات)