استيقاظ إسرائيل يوم 7 أكتوبر بمؤسساتها العسكرية والأمنية على هجوم حركة "حماس" ما زالت ارتداداته مستمرة، حيث شكّلت الفجوة الاستخبارية الهائلة صدمة كبيرة لدى مختلف الأوساط والمستويات المرتبطة بإسرائيل التي تعيش خضّة داخلية كبيرة حصدت أعداداً من الجرحى والقتلى والأسرى والإصابات الجسدية والنفسية.في السنوات الأخيرة شهد الجيش الإسرائيلي صعوداً كبيراً ومخيفاً في نسب التهرب من الخدمة والانتحار وتعاطي المخدرات، وانخفاض مستوى الدافعية القتالية كما هو حاصل في السنوات الأخيرة، هذه الظواهر باتت تشكّل في الجيش الإسرائيلي موضوعاً حساساً ومهماً في إسرائيل التي حاولت إبقاءه طي الكتمان وعدم الإعلان عنه رسمياً.لكن مع تفاقم هذه الظاهرة في الجيش الإسرائيلي واتّساع رقعتها، اضطرت القيادة الإسرائيلية إلى إجراء بحوث ونقاشات علنية لإيجاد حلول فعالة لمعالجتها، فقامت بتشكيل لجنة خاصة بعد عام 2006 لمعرفة أسباب الانتحار ومعالجتها. وخلال الحرب المندلعة بين حركة "حماس" وإسرائيل، نشرت وناقشت الوسائل الإعلامية الإسرائيلية التزايد المستمر في محاولات الانتحار بين المستوطنين وجنود الجيش الإسرائيلي، كذلك زيادة الطلب على الإعانة النفسية بين صفوف الجيش والشعب الإسرائيلي.الإعلام الإسرائيلي: محاولات انتحار وطلبات إعانة نفسية بين آلاف الجنودوأوردت وسائل إعلام إسرائيلية عدة، أن المجتمع الإسرائيلي برمته بات يتحدث عن فترة عصيبة يمر بها وهي ما بعد الصدمة "السابع من أكتوبر"، حيث أن المستوطنين والآلاف من الجنود الإسرائيليين يعانون نفسياً، وهم في انتظار الحكومة التي لن تأت لإنقاذهم ومساعدتهم بعد وفقاً لوصفهم، منصة المشهد رصدت أبرز ما جاء في الصحف الإسرائيلية حول هذا الموضوع.صحيفة معاريف الإسرائيليةأحداث "السبت الأسود" وفق صحيفة معاريف الإسرائيلية والحرب التي تلتها ستخلف الكثير من الأذى والألم النفسي لآلاف المستوطنين والجنود الإسرائيليين، حيث كشفت الصحيفة أن "هناك مئات الجنود تعرّضوا لأهوال يوم السبت الأسود، بعض المقاتلين بقوا في وضع قتال ولا زال وضعهم غير واضح في غزة وتخومها، فيما أن هناك مئات آخرين غيرهم أُنزلوا إلى منشآت عسكرية طبية، لفترة غير معلومة، بعضهم تلقى العلاج في أقسام أمراض نفسية مغلقة، والبعض الآخر حاولوا إنهاء حياتهم أي بالانتحار". وأشارت الصحيفة بأن جهاز الصحة النفسية واجهت هذا اليوم وتبعاته بضعف شديد، وحتى الآن لم تتمكن من تقدير ما ينتظر المصابين الذين سيعانون من مشاكل نفسية، كما أكدت بأن الأرقام كبيرة وضخمة في كل منظمة ومؤسسة تعمل حول الموضوع، ونقلت الصحيفة عن مؤسسة التأمين القومي عن 13 ألف مصاب، ووزارة الأمن القومي 2000 مصاب، لافتة إلى أن هذه الأرقام ليست سوى الموجة الأولى، وأنها سوف تزداد يوماً بعد آخر، في سياق متصل هناك عشرات آلاف العائلات تنتظر الحكومة الإسرائيلية بأن تُعالجها. وتناولت صحيفة معاريف سؤال عشرات الآلاف من المصابين: "أين الدولة؟"، حيث إن الحكومة الإسرائيلية ووفق الصحيفة "نائمة في نوبة حراسة"، لأنها لم تنشئ مركز سيطرة قُطري يتضمن العلاج النفسي التأهيلي من أجل بناء حصانة الجبهة الداخلية، ولفتت الصحيفة أن هناك الآلاف من المصابين من الجيش يحظون بوعود جمّة بعدم التخلي عنهم، لكن قريباً سيدركون بأنهم وحدهم، وختمت معاريف رسالة لكافة مكونات الحكومة الإسرائيلية "يجب أن تروا آلاف الأشخاص الذين يعانون من الداخل، وأنتم لا ترونهم، هم عبروا أبواب الجحيم، يجب عليكم معالجتهم". صحيفة هآرتس الإسرائيلية في السياق، جاء في صحيفة هآرتس الإسرائيلية حول الموضوع ذاته، أن الأسباب التي تدفع الجنود إلى طلب المساعدة النفسية في ازدياد كبير من قبل وبعد هجوم حركة "حماس"، خصوصًا بعد تكليفهم بمهام عسكرية في ألوية ووحدات قتالية. وفي هذا الصدد، جاء في الصحيفة بأن أسباب الانتحار وتزايدها في صفوف الجيش الإسرائيلي يعود إلى تنامي الاضطرابات العقلية وسط الجنود، في حين أجرى نظام الصحة النفسية داخل الجيش الإسرائيلي 47 ألف جلسة علاج نفسي مع الجنود، ووفق الصحيفة تبيّن وجود قفزة بنسبة 40% في الاستفسارات العقلية والنفسية الواردة من الجنود. صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيليةمن جهتها، تناولت الصحيفة الإسرائيلية أن ثلث الذين تم استدعاؤهم للخدمة العسكرية، في عام 2020 والأعوام المتتالية، امتنعوا عن التجنيد، وأحد البنود التي يعتمدون عليها هو الإعفاء من الخدمة العسكرية بسبب الحالة النفسية، وقالت الصحيفة بأنه من خلال الدراسات الأخيرة نجد أن أغلبية المنتحرين هم العائدون من ميدان المعركة، ومعظم الجنود الذين انتحروا عانوا مدة طويلة من قلق بشأن المستقبل، وعاشوا حالة إحباط مستمر وارتباك شديد وشعور بعدم الانتماء للإطار العسكري. ضغط نفسي يؤثّر على الجيش الإسرائيليويُعاني الجيش الإسرائيلي حالياً منذ 7 أكتوبر وحتى دخوله الحرب مع غزة من حالات نفسية شديدة، بسبب الصدمة التي تعرضوا لها، وكذلك إثر الحروب والاشتباكات التي يخوضونها مع الفلسطينيين، وعند القيام بأي عمل عسكري جديد يُصابون بالاضطرابات النفسية الشديدة، وحالة من الهلع، التي قد تدفعهم للتخلص من أنفسهم في بعض الأحيان، بفعل القلق من الحاضر والخوف من المستقبل. في السياق، يقول الباحث في الشأن الإسرائيلي شادي الشرفا لمنصة المشهد:على أرض الواقع الكثير من الجنود الإسرائيليين الذين ينخرطون في الخدمة العسكرية بالجيش الإسرائيلي يصرحون في العديد من المناسبات بعدم رغبتهم في العمل مع الجيش، خصوصا المعارك التي تشنها إسرائيل على غزة او المواجهات في القدس والضفة الغربية.إذا ما قلنا بأن الأهم في أي جيش وقوة عسكرية هو العنصر البشري، تعكس هذه المؤشرات ضعفاً جذرياً في منظومة الجيش الإسرائيلي.في الحقيقة وبحسب بعض الدراسات الأخيرة نجد أن أغلبية المنتحرين هم العائدون من ميدان المعارك.معظم الجنود الذين انتحروا عانوا مدة طويلة من اضطرابات نفسية وقلق بشأن المستقبل. معظم الجنود عاشوا حالة إحباط مستمر وارتباك شديد وشعور بعدم الانتماء للإطار العسكري. من جانبه، يؤكد المحلل السياسي والعسكري الإسرائيلي ناحوم برنياع لمنصة المشهد أن:الحرب التي تخوضها القوات الإسرائيلية في قطاع غزة أكثر تعقيداً من الصورة التي رسمها رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو.يجب علينا عدم الانجرار وراء التفاؤل المفرط الذي يعلن عنه القادة السياسيون والعسكريون بشأن سير العمليات البرية نحو قلب غزة.نستطيع أن نستدل الطريق من شعبة القوى البشرية ووحدة الصحة النفسية بالجيش الإسرائيلي أن التنامي الهائل في الاضطرابات النفسية في صفوف الجيش الإسرائيلي هو أحد الأسباب الهامة للإقدام على الانتحار.هذا يرجع للضغوط الاجتماعية والنفسية، وحالة الحرب والاقتتال المتواصلة، والوضع الأمني العام في إسرائيل.ووفقاً للعديد من الدراسات ورد بأن هناك العديد من حالات الانتحار في صفوف الجيش الإسرائيلي "لم تشخّص فقط بالاضطراب النفسي، لأنه تم الكشف عن جنود كانوا قد انتحروا عانوا مدة طويلة من قلق وخوف بشأن المستقبل، وشعور بعدم الانتماء للإطار العسكري"، يختم برنياع تصريحه.(المشهد)