بعد الارتفاع الأخير في عدد القادة القتلى في "حماس"، والذي من أبرزهم 16 قائدًا لغاية الثلاثاء، آخرهم قائد كتيبة جباليا وفق لتقارير إسرائيلية، باتت تساؤلات عدة تُطرح في الآونة الأخيرة عن مدى تأثير ذلك على قدرة الحركة بالاستمرار في الحرب الحالية.ولطالما هدّد الجيش الإسرائيليّ وتوعّد بقتل يحيى السنوار، وزاد هذا الوعيد في الفترة الأخيرة بعد أن أطلقت الحركة الفلسطينية المسلّحة عملية "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر الماضي ضدّ إسرائيل، التي ردّت بإعلان الحرب على "حماس" وشنّت في الأيام الماضية حربًا برّية موسعة. ونجحت إسرائيل في قتل العشرات من أعضاء المكتب السياسي والجناح المسلّح لحركة "حماس"، وعلى رأسهم عماد أبو ركبة وأيمن نوفل. وبحسب المتحدث العسكري للجيش الإسرائيلي، فإنه "تمّ تصفية نحو 55 من قادة وعناصر حركة "حماس" في قطاع غزّة". وتدور تساؤلات حول قدرة "حماس" في الاستمرار بالوتيرة ذاتها إن تمّ اغتيال القياديّ يحيى السنوار المطلوب الأبرز لتلّ أبيب وواشنطن. فهل يؤدي اغتيال السنوار إلى تفكيك "حماس"؟ وهل هذه التنظيمات تعتمد في ديمومتها على قادتها شأنها شأن الجيوش النظامية؟.تحرّك غير "مؤثّر" في هذا السياق، قال رئيس الجمعية الأردنية للعلوم السياسية الدكتور خالد شنيكات، إنّ اغتيال قادة عدّة في حركة "حماس"، لن يؤثر أبدًا على قدرة الحركة في إدارة الحرب الحالية مع الجيش الإسرائيلي. وأضاف: "لا أعتقد بأنّ ذلك سيؤثر كثيرًا. قيادات عدة في السلطة و"حماس" قُتلوا على مرار الأعوام الماضية، وقبل ذلك بقصف جوّي أو اغتيالات بطريقة ما، ولم تنتهِ الحركة ولم توقف أنشطتها بل زادت قوة ،وأداؤها تطوّر بشكل ملحوظ". ولفت شنيكات إلى أنّ "حماس" تحوّلت وفق الكثيرين من تنظيم مسلّح إلى "إيديولوجيا" وأصبحت "فكرًا" أكثر من كونها حركة تحمل السلاح فقط. وقال إنّ "استمرار القصف الإسرائيليّ على مدار عقود في قطاع غزّة، أسهم في أن يكون وقودًا لتطوّر حركة "حماس"، ومواصلة حصار القطاع أدى إلى تحوّلها من تنظيم صغير إلى تنظيم موسّع، ليس في فلسطين فقط وإنما في مجتمعات أخرى خارجية". من جانبه، أوضح أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأردنية الألمانية الدكتور بدر الماضي، في حديثه لمنصة "المشهد"، أنه "عندما نتحدث عن الهيكل القياديّ لمثل هذه الحركات فهي لا تحتاج إلى كثير من الجهد لخلق قيادات بديلة". وأضاف: "هي تمتلك عقيدة. وهناك دوافع شخصية ووطنية يشترك بها الجميع، ليكونوا على قدر كبير من التجهيز والإحلال لما يتمّ فقدهم من قادة".حركات لا تقف عند شخص ولطالما توعّد الجيش الإسرائيلي بأنه سيقوم باغتيال رئيس المكتب السياسي لـ"حماس" يحيى السنّوار في محاولة لتحجيم قدرات الحركة. ومن هنا، أكد شنيكات أنّ السنوار يعدّ بالنهاية "فردًا واحدًا. وقبله كان القيادي عبد العزيز الرنتيسي والشيخ أحمد ياسين، واغتيالهما لم يوقف الحرب". ولفت إلى أنّ الحرب "مرتبطة بانتهاء الاحتلال ولا علاقة لها بشخص السنوار ولا بأيّ قياديّ آخر". وأوضح المحلل السياسي أنّ المئات من قيادات الحركة قُتلت منذ نشأتها ولم تتوقف الحرب. فيما أكد الماضي أنّ خسارة بعض القيادات لدى "حماس" قد يكون له بعض الأثر، و"لكنه أثّر في جانب معنوي، وفي زاوية معينة لا تؤثر على الصورة العامة". وقال "السنوار هو قياديّ في حركة "حماس"، ولكنه ليس قائدًا عسكريًا. وأنا أعتقد بأنّ كل الحراك العسكري يتمحور حول شخصية محمد الضيف وشخصية الناطق العسكري أبو عبيدة، وهما لهما الكثير من المساعدين والمتعاونين الذين يمكن أن يحلّوا محلّهم إن حدث لهم شيء طارئ". وأضاف الماضي: "لا أعتقد بأنّ اغتيال السنوار سينهي المقاومة. سيبقى هؤلاء الأشخاص وستبقى "حماس" كفكر قوميّ وفكر دينيّ وفكر عقائديّ وإسلامي. لن ينهيها فرد أو فردان أو مجموعة من الأفراد". واستبعد المحلل السياسي أن تتمكن أيّ جهة من القضاء على "حماس" إن تمّ اغتيال شخصية أو اثنَين من قياداتها السياسية، على الرغم من الرغبة الإسرائيلية الأميركية بإنهاء دورها ورؤية غزة من دون قيادات عسكرية إسلامية أو سياسية إسلامية. هل يمكن تفكيك "حماس"؟ قال شنيكات إنّ القضية "تكمن في كيفية إنهاء حصار غزّة وتوقف القصف الجويّ وسياسة التجويع والاضطهاد". وأكد أنّ البشر بطبيعتهم يواجهون الاحتلال، والجماعات المسلّحة لا تشبه الجيوش النظامية التي تتوقّف خططها حال مقتل قائدها. وأوضح شنيكات أنّ "كل شعوب العالم التي تخضع تحت الاحتلال، تنبثق منها تنظيمات تواجه المحتل. بقاء هذه التنظيمات وقوتها واستمراريّتها مرتبطة باستمرار الاحتلال نفسه". فيما شدد الماضي على أنذ "فكر" حركة "حماس" بات متعمّقا في أذهان الناس وعقول الكثيرين، معتبرًا أنّ الحرب التي تشنها إسرائيل حاليًا على قطاع غزّة، ستُسهم في إنتاج الكثير من القيادات الميدانية التي تشعر باليأس والخذلان. وقال: "سيدفع هذا القمع بأجيال جديدة للانضمام إلى الحركة. هذه من القضايا التي لم يحسب حسابها الجيش الإسرائيلي، لأنّ الشعور بالظلم سيولّد الكثير من القيادات التي ستحمل لواء المقاومة". وشدد على أنّ الاعتمادية في مثل هذه الحركات مختلفة عن الجيوش النظامية التابعة لدول، مبيّنا أنها حركات مبنيّة على "التحرّر" وتعتمد على التصرف الفرديّ في كثير من الأحيان من دون انتظار أوامر عسكرية عليا. وأكد الماضي أنّ فاعلية الحركات المسلّحة قد "تؤدي أداء الجيوش المنظمة تفسها إن لم يكن أكثر، بسبب الإيمان المطلق للقادة وللمقاتلين بأنهم أصحاب حقّ وأصحاب أرض".(المشهد)