في مشهد درامي لم تتوقعه إسرائيل نفسها، تعرّض "حزب الله" لخسائر فادحة خلال الأسبوعين الماضيين، عقب الهجوم غير المسبوق الذي شنته تل أبيب على الأهداف العسكرية وشبكة الاتصال وفي الأخير اغتيال قيادات الحزب بمن فيهم الأمين العام حسن نصر الله. التصعيد العسكري الإسرائيلي الأخير، حطّم إستراتيجية الردع المتبادل بين تل أبيب و"حزب الله" والذي استمر لسنوات طويلة، كما وضع إيران في مأزق كبير بعد الانتكاسة الكبيرة التي تعرض لها حليفها الإستراتيجي، وسط حالة من الخوف من أن تتحوّل إسرائيل ناحيتها بعد أن تحقق أهدافها في لبنان. وقال محللون في حديث لمنصة "المشهد" إنّ الهدف الإسرائيلي القادم هو ضرب المنشآت النووية الإيرانية، حيث تجد طهران نفسها أمام مأزق حقيقي بسبب: عدم قدرة إيران على الدخول في مواجهة مباشرة أو حتى دعم "حزب الله" ضد إسرائيل خشية دخول الولايات المتحدة في الصراع.انتظار المصير نفسه باستهداف منشآتها النووية.وكانت تقارير غربية قد أشارت إلى أنّ الولايات المتحدة أرسلت تهديدات مباشرة إلى إيران لتحذيرها من الدخول في صراع مباشر مع إسرائيل، الأمر الذي سيعرض منشآتها النووية لخطر الاستهداف الإسرائيلي. وقالت صحيفة "فايننشال تايمز": "إنّنا نشهد تحولا كبيرا في ميزان القوى في الشرق الأوسط لصالح إسرائيل على حساب إيران"، مشيرة إلى أن إيران تبدو مذعورة، وتفتقر إلى الإرادة والقدرة العسكرية اللازمة للرد، وغير مستعدة للمجازفة بعدم الاستقرار في الداخل. ولقد اشتمت إسرائيل رائحة الضعف في طهران، وهي تؤكد الآن على تفوقها بضرب "حزب الله". واتفق مُحللان في حديث لـ "المشهد" على أن تصعيد إسرائيل ضد "حزب الله" ما هو إلا تمهيد لضرب المنشآت النووية الإيرانية، خصوصا وأن امتلاك إيران لقنبلة نووية خطر كبير يهدد تل أبيب.الهدف: النووي الإيرانيوفي التفاصيل، قال المتخصص في الشأن الإيراني وجدان عبد الرحمن، إنّ الهدف الأساسي لما تقوم به إسرائيل من ضرب أذرع إيران في المنطقة هو استهداف المنشآت النووية الإيرانية. وأضاف عبد الرحمن في حديث لـ "المشهد" أن إسرائيل كانت تهدف لضرب المنشآت النووية في المقام الأول، ولكنها تعرف أنّ الأذرع الإيرانية في المنطقة خطيرة جدا وتحيط بإسرائيل، وبالتالي قررت في البداية ضرب أذرع إيران قبل أن تستهدف المنشآت الإيرانية".وأشار عبد الرحمن إلى أن طهران تراجعت عن مساعدة "حزب الله" خوفا من الضربات الإسرائيلية، لافتا إلى أن الهجمات الإسرائيلية جعلت من أذرع إيران في المنطقة مشلولة. وقال إنّ إيران تُقايض وتُضحي حاليا بكل أذرعها في المنطقة من أجل الحفاظ على رأس الأخطبوط (المنشآت النووية)، لأنها تعرف تماما أن إسرائيل تُريد جرها إلى مواجهة مباشرة، مُبينا أنّ الولايات المتحدة الأميركية تُحيط أيضا بإيران من كل اتجاه ووقد حذرتها مسبقا بعد اغتيال إسماعيل هنية من القيام بأي أعمال ضد إسرائيل. وأضاف عبد الرحمن: "إيران فهمت الدرس وتعي جيدا أن التهديدات الأميركية جدية هذه المرة وبالتالي لن تلجأ إلى الدخول في مواجهة مع إسرائيل". وكانت وزارة الدفاع الأميركية قد أعلنت قبل يومين، عن تدعيم أنظمة دفاعاتها الجوية في منطقة الشرق الأوسط، وحذّرت طهران من أي محاولة للدخول في الصراع. وتوّقع المتخصص في الشأن الإيراني أن يستمر العنف والصراع في المنطقة خلال الفترة المٌقبلة، وقال: "لن ينتهي الأمر عند (حزب الله) والقادم سيكون باقي الميليشيات الموالية لإيران وصولا للبرنامج النووي الإيراني نفسه".هل تُبادر إيران؟من جانبه، اتفق المتخصص في الشأن الإيراني، الدكتور محمد عبادي، مع الطرح السابق بقوله: "الخطوات الإسرائيلية جاءت بالتتابع... بدأت بـ (حماس) والآن (حزب الله) والخطوة القادمة المنشآت النووية الإيرانية".وقال عبادي في حديث لـ "المشهد": "حينما هاجمت (حماس) إسرائيل في 7 أكتوبر كانت تعلم أن الرد الإسرائيلي سيكون شديدًا، وكانت تعوّل على ما يٌسمى بمحور المقاومة لتوزيع فائض القوة الإسرائيلية على جبهات عدة". وأشار عبادي إلى أن إيران بمجرد اندلاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة تخلّت عن "حماس" وسمحت لأذرعها بالقيام بعمليات مشاغلة فقط وليس الدخول بشكل جدي في الصراع، لافتا إلى أنّ الحكومة الإسرائيلية عازمة على ضرب المنشآت الإيرانية بعد الانتهاء من تحقيق أهدافها في لبنان بإبعاد مقاتلي "حزب الله" عن حدودها وإضعاف قدراته. وأضاف أنّ "حزب الله" تهاون بإسرائيل وسقطت قياداته بشكل غير متوقع حتى لخصومه، وجرى ضرب هيكل القيادة بالكامل لـ "حزب الله" وهو ما دفع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو إلى التصريح بأن تل أبيب قادرة على الوصول إلى أي مكان في الشرق الأوسط. ورأى المتخصص في الشأن الإيراني أن مخطط ضرب المنشآت النووية في إيران مُنته وجاهز وينتظر فقط الوقت والقرار السياسي في تل أبيب. وقال عبادي، إنّ إيران مُدركة لهذا الأمر ولكنها غير قادرة على فعل أي شيء في الوقت الحالي، وتراهن على عامل الوقت ربما يستطيع "حزب الله" صد الهجوم البري على لبنان. وأوضح أن إيران ستعمل خلال الفترة المقبلة على سيناريوهين: صد "حزب الله" للهجوم البري الإسرائيلي، وبالتالي يتكرر سيناريو حرب 2006.إعادة بناء الكوادر القيادية في "حزب الله".وتطرّق عبادي إلى الحديث عن الخسائر الكبيرة التي تتعرض لها إيران بسقوط "حزب الله" بقوله: "الخسارة فادحة لإيران... كانت تنفق سنويا نحو 700 مليون دولار لتسليح (حزب الله) لكي يكون خط المواجهة الأول مع إسرائيل". ماذا لو هُزم "حزب الله" كليا في لبنان.. رأى المتخصص في الشأن الإيراني أن هذا السيناريو سيضع إيران أمام خيارين: أن تبادر وتهاجم إسرائيل مباشرة.الانتظار وهو ما يعني أن إسرائيل ستقوم بضرب منشآتها النووية.(المشهد)