في أكبر موجة احتجاجات تشهدها تركيا منذ أكثر من عقد، تحوّلت شوارع المدن إلى ساحات مواجهة بين المتظاهرين وقوات الأمن، عقب توقيف رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو بتهم فساد ينفيها. الرئيس التركي رجب طيب إردوغان وصف الاحتجاجات بأنها "تحولت إلى حركة عنف"، محمّلًا حزب الشعب الجمهوري مسؤولية ما يجري، فيما تتسع رقعة الغضب الشعبي يومًا بعد يوم.احتجاجات رغم الحظر رغم الحظر المفروض على التجمّعات في إسطنبول وأنقرة وإزمير، خرجت تظاهرات لليلة السادسة على التوالي، وامتدت إلى 55 محافظة من أصل 81. سكان العاصمة الاقتصادية قرعوا الطناجر دعمًا للمتظاهرين المتجهين إلى حي بشكتاش، معقل المعارضة، وسط هتافات حماسية ووجود أمني كثيف. وفي رسالة نقلها محاموه من داخل سجن مرمرة (سيليفري)، قال إمام أوغلو (54 عامًا): "أنا هنا. أرتدي قميصًا أبيض لا يمكنكم تلطيخه. معصمي قوي ولن تتمكنوا من ليّه. لن أتراجع قيد أنملة. سأنتصر في هذه الحرب". وقد علّقت مهامه رسميًا، رغم فوزه مؤخرًا بالانتخابات التمهيدية داخل حزبه، ليكون مرشح "حزب الشعب الجمهوري" للرئاسة عام 2028.مقاطعة الإعلام الحكومي خلال تجمّع أمام بلدية إسطنبول، خاطب زعيم المعارضة أوزغور أوزال عشرات الآلاف قائلًا: "هذا ليس تجمّعًا، بل فعل تحدٍّ للفاشية"، ودعا إلى مقاطعة القنوات الموالية للحكومة وبعض الشركات المتهمة بالتبعية للسلطة. وفي أول تعليق مباشر على الأزمة، قال أردوغان بعد اجتماع لمجلس الوزراء: "حزب الشعب الجمهوري مسؤول عن أيّ ضرر أو إصابات للشرطة"، مضيفًا أنّ عليهم "التوقف عن تحريض الشارع". ووفق وزارة الداخلية، ارتفع عدد الموقوفين منذ بدء الاحتجاجات إلى أكثر من 1300 شخص، بينهم صحفيون، كما سُجّلت إصابة 123 شرطيًا خلال مواجهات مع المتظاهرين. وفي فجر الاثنين، داهمت الشرطة منازل صحفيين واعتقلت 10 إعلاميين على الأقل، بينهم مصوّر لوكالة فرانس برس.مراسلون بلا حدود: طالبت بالإفراج الفوري عن الصحفيين المعتقلين. منظمة العفو الدولية: دعت إلى وقف الاستخدام المفرط للقوة ضد المتظاهرين السلميين. منصة إكس (تويتر سابقًا): كشفت أنّ السلطات التركية طلبت حظر 700 حساب معارض.ردود دوليةفرنسا: وصفت اعتقال إمام أوغلو بـ"الهجوم الخطير على الديمقراطية". ألمانيا: اعتبرت الخطوة "غير مقبولة إطلاقًا" وتتابع التطورات بقلق. الاتحاد الأوروبي: دعا أنقرة لاحترام القيم الديمقراطية. اليونان: عبّرت عن قلقها من "تدهور الحريات ودولة القانون" في تركيا.ويرى محللون أنّ إردوغان شعر بالتهديد من صعود إمام أوغلو، السياسي الكاريزمي الذي يجذب جمهورًا واسعًا من مختلف التوجهات، وقال الباحث سونر كاغابتاي من معهد واشنطن: "تركيا تدخل مرحلة استبدادية جديدة… إردوغان يختار بنفسه من يمكنه أن يعارضه".وبعد أسبوع من الاضطراب السياسي، عاود مؤشر بورصة إسطنبول الارتفاع، فيما نفى وزير الاقتصاد محمد شيمشك شائعات استقالته قائلًا: "نواصل العمل لضمان استقرار الأسواق… لا تصدّقوا الشائعات". (وكالات)