في خطوة وصفها محللون بأنها محاولة لتوريط مصر في قطاع غزة والتخلص من "كابوس" القطاع، اقترح زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد أن تُسيطر مصر على غزة لمدة 15 عامًا، تقوم خلالها بالإشراف على الانتقال نحو حكم ذاتي في القطاع، مُقابل سداد ديونها الخارجية.تصريحات لابيد جاءت على هامش زيارته لواشنطن خلال ظهوره بمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات بالولايات المتحدة، حيث قام بتوزيع فكرته بين جهات الاتصال في منطقة الشرع الأوسط، وقال: "لا شك في ذهني أن المصريين على علم بالفعل" باقتراحه، وفق وكالة "بلومبرغ".وبحسب محللين تحدثوا لمنصة "المشهد" فإن الاقتراح الخاص بسيطرة مصر على قطاع غزة ليس الأول من نوعه، ولكن جرى طرح هذه الفكرة في وقت سابق ورفضتها مصر.وقال لابيد إن "ديون مصر الخارجية البالغة 155 مليار دولار تشكل تهديدًا للحكومة المصرية... وإسرائيل مهددة أيضًا بعدم الاستقرار في جنوبها".وأضاف عن مصر: "بالإضافة إلى الأموال، فإنهم يفهمون غزة كتهديد أمني لهم أيضًا، باعتبارها جهازًا مزعزعًا للاستقرار في حياتهم".في المُقابل، قالت مصادر مصرية في تصريحات لوسائل إعلام، إن القاهرة ترفض أي مقترحات بشأن سيطرة مصر على قطاع غزة، وأضافت "قطاع غزة سيديره الفلسطينيون".تهديد للأمن القومي المصريّتعقيبًا على ذلك، قال الخبير الإستراتيجي المصريّ اللواء سمير فرج إنّ الخطة الجديدة التي طرحها لابيد تم عرضها من قبل على مصر ولكن بشكل مختلف وبالتحديد من رئيس المخابرات الأميركية ويليام بيرنز، حيث كانت تتضمن سيطرة مصر على قطاع غزة لمدة 6 أشهر وتقوم خلال هذه الفترة بالإشراف على إجراء انتخابات في القطاع مقابل حصول مصر على 3 مليارات دولار.وأوضح فرج، في حديث لمنصة "المشهد" أن المقترح الإسرائيلي الجديد مرفوض بالطبع من الجانب المصري، لأنه يضرّ بالأمن القومي المصريّ، لافتا إلى أن سيطرة مصر على غزة ستجعلها في مواجهة مع "حماس" والتي ترغب تل أبيب في تفكيك قدراتها العسكرية.وأشار الخبير الإستراتيجي المصريّ إلى أنّ إسرائيل تريد أن تتخلص من مشكلة قطاع غزة وبالتالي تجرّ مصر للصراع وتضعها في المشكلة، لافتا إلى أن هذه الخطوة تتعارض مع الموقف المصري الخاص بمستقبل قطاع غزة.وكانت مصر على مدار الأشهر الماضية، قد استضافت اجتماعات للفصائل الفلسطينية المختلفة من أجل التوّصل لاتفاق حول مستقبل إدارة قطاع غزة، وذلك من خلال تشكيل لجنة "إسناد مجتمعي" تضم الفصائل الفلسطينية كافة على أن تتولى إدارة القطاع حكومة "تكنوقراط" تقوم بالإشراف على عمليات إعادة إعمار القطاع وتسيير الأحوال هناك."ريفييرا الشرق الأوسط""حماس" بدورها أبدت مرونة تجاه هذا المقترح وقالت إنها غير راغبة في تصدّر المشهد السياسي في غزة ولا تتمسك بوجودها ضمن إدارة متفق عليها لتسيير شؤون القطاع بعد انتهاء الحرب، ولكن في الوقت ذاته، لا يبدو أن الحركة حاليًا راغبة في ترك سلاحها بالقطاع وتشترط "إنهاء الاحتلال" وإقامة دولة فلسطينية مستقلة.ووفقًا لرؤية لابيد، ستكون مصر مسؤولة عن الأمن والإدارة المدنية، بدعم من قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وبدعم من الشركاء الإقليميين. وستتعاون مصر مع الحكومة الأميركية بشأن الاستثمارات في غزة كما حددها الرئيس دونالد ترامب، وستعمل مصر وإسرائيل معًا لمعالجة التهديدات الأمنية العاجلة، بحسب "بلومبرغ".وقال لابيد إن إسرائيل لا ينبغي لها أن تحتل غزة أو تضمها، بحجة أن دولة عربية تحتاج إلى تولي السيطرة على الجيب قبل الانتقال النهائي للسيطرة إلى سلطة فلسطينية مجددة ومنزوعة التطرف، وهو الخيار الذي يعارضه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو. وأشار لابيد إلى أن التغيير الأخير في الحكومة الأميركية يقدم فرصة لمتابعة حلول جديدة. وتعد فكرة لابيد من بين البدائل التي تم طرحها منذ اقترح ترامب استيلاء الولايات المتحدة على غزة مما سيؤدي إلى طرد سكانها البالغ عددهم حوالي 2 مليون فلسطيني وإنشاء "ريفييرا الشرق الأوسط"."محاولة بائسة"من جانبه، رأى أستاذ العلوم السياسية الفلسطيني الدكتور أيمن الرقب أنّ المقترح هو "محاولة بائسة" من قبل إسرائيل للتخلص من قطاع غزة.وأضاف في حديث لـ"المشهد" أن مصر رفضت هذا المقترح بمجرد الإعلان عنه، لافتا إلى أن هناك رؤية عربية واضحة ترفض تهجير الفلسطينيين من أراضيهم وتؤكد على ضرورة قيام دولة فلسطينية مستقلة.وأشار الرقب إلى أن هذا المقترح جرى طرحه في عقود سابقة يتعلق بقيام مصر بالسيطرة على قطاع غزة ولكن الإدارة المصرية وقتها رفضت هذا المقترح.وتابع أستاذ العلوم السياسية قائلا: "كنت أتمنى أن يكون لابيد شجاعًا بما يكفي ويقدم رؤية سياسية لحل القضية الفلسطينية من خلال إقامة دولة مستقلة ولكنه لم يجرؤ على ذلك".وأضاف أن البحث عن أيّ إجراءات تتعلق بتخلّص إسرائيل من قطاع غزة "هو أمر مرفوض، ويعبر عن فشل الرؤية الإسرائيلية في تقديم أي حلول لإنهاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني".وأكد الرقب ضرورة أن يكون هناك توافق بين الفصائل الفلسطينية حول مستقبل إدارة قطاع غزة، وقال إن هناك مقترحين حول مستقبل القطاع:مقترح مصري يتم عبر تشكيل لجنة إسناد مجتمعي على أن يتولى إدارة القطاع حكومة تكنوقراط وهو مقترح وافقت عليه حركة "حماس".مقترح من السلطة الفلسطينية يقوم على تشكيل حكومة برئاسة أحد الوزراء في حكومة محمد مصطفى يقوم بتولي إدارة أمور القطاع.وأشار الرقب إلى أن المقترح الثاني من الممكن أن يتم التوافق حوله بين الفصائل الفلسطينية، لافتا إلى أنه كان من المفترض أن تتوافق الفصائل الفلسطينية على مستقبل القطاع قبل انعقاد القمة العربية في القاهرة في 4 مارس المقبل، ولكن هذا لم يحدث فحتى الآن لا توجد رؤية واضحة لدى الفصائل الفلسطينية فيما يتعلق بمستقبل القطاع.(المشهد)