عندما شعر المسعف حسن حسني بوعكة صحية شديدة تمنعه من مواصلة مهمته الليلية مع جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في 23 مارس، وافق ابنه بكل سرور على القيام بمناوبته.ولكن للأسف كانت تلك المناوبة الأخيرة لمحمد، البالغ من العمر 21 عامًا.في غضون ساعات قليلة، وبينما كان المسعف الشاب ضمن قافلة من سيارات إسعاف تبحث عن طاقم مفقود في رفح، جنوب غزة، اتصل محمد بوالده متوسلاً المساعدة وسط نيران كثيفة من الجيش الإسرائيلي.وقال محمد بحسب والده الذي روى ما حصل: "تعال إليّ يا أبي، ساعدني.. لقد استهدفنا الإسرائيليون، وهم الآن يطلقون النار علينا مباشرةً". وبحسب حسني، انقطعت المكالمة بعد ذلك.ويتابع: قلتُ له آسف لعدم تمكني من الانضمام إليكم. لو لم أعد إلى المنزل، لكنتُ أنا وهو معًا في نفس المهمة.وبقي مصير الشاب مجهولاً لأكثر من أسبوع، حتى حصلت فرق الإنقاذ على إذن من الجيش الإسرائيلي للوصول إلى المنطقة، واكتشفت مشهدًا مروعًا: مقبرة جماعية تحتوي على جثث 15 من المسعفين دُفنوا مع سيارات الإسعاف المحطمة.تناقض الرواية الإسرائيليةكلها أدلة إضافية توضح اللحظات الأخيرة التي عاشها رجال الإنقاذ يومها وتناقض الرواية الإسرائيلية التي ادعى فيها عناصر الجيش من دون تقديم أي أدلة أن المركبات كانت تتحرك بشكل مريب من دون مصابيح أمامية أو أضواء وامضة نحو القوات الإسرائيلية وأن أعضاء فرق الطوارئ كانوا مسلحين.ويؤكد والد محمد أنه تعرف على ابنه الذي دفنه الجيش كما زملائه في التراب، وأنه رأى جرحا عند مستوى فمه وطلقة في الرأس وطلقة في الظهر وطلقات كثيرة أخرى.وتُقدّم مراجعة أجرتها شبكة CNN لفيديوهات تُوثّق إطلاق النار، وصورا، ومشاهد ملتقطة عبر الأقمار الصناعية للموقع، بالإضافة إلى مقابلاتٍ مع خبراء في الطب الشرعي وأفراد من عائلات الضحايا، رواية مُفصّلة عن استهداف الجيش الإسرائيلي ودفنه طواقم إنقاذ تضع علامة جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، والدفاع المدني، والأمم المتحدة.كما تُناقض المقابلة التي أجرتها "سي ان ان" مع أحد الناجين من الهجوم، ووالد المسعف الذي اتصل بوالده في لحظاته الأخيرة، الرواية الإسرائيلية.إعادة التحقيقوأعلن الجيش الإسرائيلي أنه بدأ إعادة التحقيق في الحادث بعد ظهور لقطات تُظهر سيارات إسعاف وشاحنة إطفاء تسير وأضواء طوارئ مضاءة.وبعد إطلاعه على التحقيق الأولي، أمر رئيس أركان الجيش الإسرائيلي بإجراء تحقيق أعمق باتباع آلية جدية، والانتهاء منه في غضون أيام.وقال الجيش في بيان: "سيتم فحص جميع الادعاءات المتعلقة بالحادث وسيتم عرضها بشكل مفصل وشامل لاتخاذ قرار بشأن كيفية التعامل مع الحدث".ووفقًا لمسؤول عسكري إسرائيلي، تم إطلاق النار على المسعفين بعدما اعتبرت الاستخبارات تحركاتهم "مشبوهة"، وأن من بينهم من ينتمي لـ"حماس".وتابع المسؤول العسكري بالقول إن القوات الإسرائيلية دفنت جثث العمال لأنها توقعت أن يستغرق تنسيق استعادتها مع جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني والأمم المتحدة وقتًا، ولرغبتها في منع الحيوانات من أكلها.ولكن بحسب خبير في الطب الشرعي اطلع على صور الجثث المتضررة بشدة، فإن حالة تحللها تشير إلى أنها ربما تعرضت للافتراس من قبل الكلاب.وينفي أفراد عائلات وزملاء المسعفين القتلى بشدة أن يكون أيٌّ من العاملين مسلحًا، ويطالبون بتحقيق مستقل في عمليات القتل.(ترجمات)