طُرد مُدّرس التاريخ مئير باروشين من المدرسة الثانوية حيث كان يعمل بالقرب من تل أبيب، ووضع في السجن بدرجة "سجين شديد الخطورة" بعدما أثار بلبلة بنشره صورة تؤشر إلى التنديد بالحرب في غزة.وحالياً، سمحت المحاكم لباروشين بتدريس طلابه مؤقتا في مدرسة إسحق شامير الثانوية في مدينة بيتاح تكفا، ولكن من خلال دروس مسجلة لتجنب وقوع مشاكل. ويستنكر الإسرائيلي البالغ 62 عاماً محاكمته بسبب تحدثه عن مصير الفلسطينيين في غزة. أثار هجوم "حماس" صدمة في المجتمع الإسرائيلي الذي يؤكد ضرورة عودة المحتجزين والوحدة الوطنية. ويُجمع غالبية الإسرائيليين على تأييد الجيش المرتبط ارتباطا وثيقاً بالأمة منذ قيام دولة إسرائيل في العام 1948، والذي طلبت منه حكومة بنيامين نتانياهو "القضاء على حماس".وأكّد مئير باروشين خلال حديث مع وكالة فرانس برس أن في إسرائيل "هناك من يقول: نحن لا نهتم بمقتل مدنيين أبرياء في غزة بعد ما فعلته حماس بنا، إنهم يستحقون ذلك. ويقول آخرون: من المؤسف قَتل مدنيين أبرياء، لكنه خطأ حماس، وإسرائيل ليست مسؤولة". وأضاف المدرّس وهو عضو في منظمة "النظر في عيون الاحتلال" التي تندد بوضع الفلسطينيين في الأراضي المحتلة قائلاً "بالنسبة إلي، هذا غير مقبول. كإسرائيليين، نتحمل مسؤولية. حكومتي تجعلني قاتلاً".مدرّس إسرائيلي متّهم بدعم "حماس"وأكد باروشين بصوت متهدج أن هجوم 7 أكتوبر جعله "مصدوماً". وشدّد هذا الأب لتوأمين يبلغان 19 عاماً وتم تجنيدهما في الجيش في ديسمبر على أنّ العملية العسكرية في غزة "لا تخدم أمن إسرائيل. بل على العكس، الأيام (التي نمر بها) تخلق الكراهية لأجيال".ويدافع باروشين عن فكرة التوصل إلى حل سياسي للصراع الإسرائيلي الفلسطيني.اتّهمت بلدية بيتاح تكفا التي يترأسها عضو في حزب نتانياهو، باروشين بـ "الفتنة" و"التحريض على الإرهاب" بعد نشره صورة لعائلة فلسطينية مقتولة تضم أطفالاً، على صفحته على فيسبوك.وأوقفت الشرطة الإسرائيلية باروشين في 18 أكتوبر. وطرد من المدرسة التي كان يعمل فيها. وفي 9 نوفمبر، وُضع في حبس انفرادي في القدس، بدون نوافذ وبدون ساعة، بتهمة "نية ارتكاب خيانة" و"نية الإخلال بالنظام العام".وفي 14 نوفمبر، أسقطت المحكمة هذه الاتهامات، وأذنت لباروشين باستئناف عمله في التدريس، في انتظار قرار من محكمة العمل في نهاية مارس.عندما عاد إلى المدرسة في 19 نوفمبر، رفض تلاميذه الدخول إلى الصف. وقال "يرون أنني مؤيد لحماس".وقدّم زملاء باروشين من المعلمين دعماً خجولاً له. وأضاف "صاروا يقولون لي: أنا معك تماماً ولكن لدي ارتباط، أو لدي عرس ابنتي، أو لدي عمل في المنزل.. إنهم يخشون التحدث".رسالة سياسية لإسكات الانتقاداتاعتبرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية اليسارية في افتتاحية أن القضية "استُخدمت لتوجيه رسالة سياسية. وكان الهدف من توقيفه هو الردع، لإسكات أي انتقادات أو تلميح باحتجاجات ضد السياسة الإسرائيلية".من جهتها، تُدير يائيل نوي منظمة "رود تو ريكوفيري" (الطريق إلى التعافي) غير الحكومية وتضم متطوعين إسرائيليين ينقلون مرضى فلسطينيين، ومعظمهم من الأطفال، من نقاط التفتيش في الضفة الغربية، أو من قطاع غزة قبل الحرب، إلى مستشفيات إسرائيلية لتلقي العلاج.وتواصل يائيل نوي التصرف وفقاً لقناعاتها، ولكن بتكتم.وتُتّهم المنظمة في محيطها بـ "العمل مع العدو". وكانت تضم 1300 متطوع قبل هجوم "حماس" على إسرائيل، ولم يبق فيها حالياً سوى 400.وقالت نوي "أصبحت أكثر حذراً عندما أتحدث لأنني أعتقد أن ذلك قد يكون خطيراً".وأكدت وهي على وشك البكاء أنها في حين ترفض "تغيير تفكيرها" إلا أنها لا ترغب بتوسيع عملها، لعدم "مفاقمة آلام الإسرائيليين". (وكالات)