تواجه السفن الحربية الأميركية في البحر الأحمر عددًا متزايدًا من الهجمات التي أطلقها "الحوثيون" في اليمن خلال الأسابيع القليلة الماضية، بما في ذلك 17 طائرة من دون طيار وصواريخ أطلقت خلال فترة 10 ساعات يوم الثلاثاء وحده بسحب تقرير أوردته شبكة "سي أن أن". وقال المتحدث باسم "الحوثيّين" يحيى السريع، على موقع "إكس"، إنّ عمليات الإطلاق الأخيرة جاءت في إطار "الدعم المستمر والتضامن مع الشعب الفلسطيني". وكانت الحركة قد قالت في وقت سابق إنها تستهدف السفن المتجهة إلى إسرائيل بعد الهجوم القوات الإسرائيليّ على غزة. وقال مسؤول عسكريّ أميركيّ كبير الأسبوع الماضي، إنّ "الحوثيّين" المدعومين من إيران شنوا ما لا يقلّ عن 100 هجوم على 14 سفينة تجارية وتجارية مختلفة في البحر الأحمر خلال الشهر الماضي. ودفعت الضربات وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، إلى الإعلان عن تشكيل تحالف يضمّ ما لا يقلّ عن 10 دول للتركيز على الأمن في البحر الأحمر. ويعدّ البحر الأحمر أحد أهم طرق التجارة البحرية في العالم، وكان للهجمات أصداء بعيدة المدى، وترتبط ما لا يقل عن 44 دولة بالسفن التي هاجمها "الحوثيون"، وأدت الهجمات إلى تعطيل التجارة الدولية على نطاق أوسع.وقالت القيادة المركزية الأميركية إنّ الطائرات المسيّرة والصواريخ الـ17 التي أطلقها "الحوثيون" يوم الثلاثاء، تم إسقاطها بأسلحة حملتها المدمرة الصاروخية "يو إس إس لابون" وطائرات مقاتلة من طراز "إف/إيه-18" تحلق من حاملة الطائرات "يو إس إس أيزنهاور". ولم تذكر البحرية الأميركية بالضبط ما هي الأسلحة التي تستخدمها سفنها ضدّ هجمات "الحوثيّين"، لكنّ محللين قالوا إنّ المدمرة الأميركية لديها مجموعة من أنظمة الأسلحة تحت تصرفها. ويحسب تقرير الشبكة يؤكد الخبراء أنها تشمل صواريخ أرض جو وقذائف متفجرة من المدفع الرئيسي للمدمرة مقاس 5 بوصات وأنظمة أسلحة قريبة. كما أوضحوا أيضًا أنّ السفن الأميركية لديها قدرات حرب إلكترونية يمكنها قطع الروابط بين الطائرات بدون طيار، ووحدات التحكم الخاصة بها على الشاطئ. الذخائر باهظة الثمن لكن في المقابل يلفت الخبراء إلى أنه مهما كانت الأنظمة التي يستخدمها قباطنة المدمرات الأميركية، فإنهم يواجهون قرارات بشأن التكلفة والمخزون والفعالية مع نمو المهمة. وقال أليسيو باتالانو، أستاذ الحرب والاستراتيجية في كينغز كوليدج في لندن: "هذه قدرات اعتراض جوي متقدمة تبلغ تكلفتها المتوسطة نحو مليوني دولار، ما يجعل اعتراض الطائرات بدون طيار غير فعال من حيث التكلفة". ويشير الخبراء إلى أنّ قوات" الحوثيّين" تُموّل وتُدرب من قبل إيران، لذا فإنّ لديهم الموارد اللازمة لقتال ممتد، مشددين على أنّ الأمر يتعلق أيضًا بالمدى الذي تريد الولايات المتحدة أن تذهب إليه لحماية الشحن التجاري.ولا يستطيع نظام فالانكس حماية السفن التجارية التي قد تكون المدمرة الأميركية تراقبها، وتبحر على بعد أميال من السفينة الحربية.وقال سيدهارث كوشال، زميل أبحاث القوة البحرية في المعهد الملكي للخدمات المتحدة في لندن: "لتوفير دفاع جوي واسع النطاق (بدلًا من الحماية الذاتية)، تعتمد السفن بشكل أساسيّ على الصواريخ المضادة للطائرات".وأضاف كوشال أن الصواريخ الأميركية الاعتراضية المضادة للطائرات الموجودة على السفن الحربية الأميركية يتمّ إطلاقها من خلايا نظام الإطلاق العمودي (VLS) الموجودة على سطح السفن.وقال كوشال إنّ كل خلية يمكن أن تحتوي على مزيج من الأسلحة (الأرقام الدقيقة مصنفة)، لكنّ العدد الموجود على متن أيّ سفينة محدد.وقال سلفاتوري ميركوجليانو، الخبير البحريّ والأستاذ بجامعة كامبل في ولاية كارولينا الشمالية، إنه إذا تمكن "الحوثيون" من استنفاد مخزون السفينة بهجمات متتالية، فقد تجد السفينة الحربية نفسها تعاني نقصًا في الذخائر اللازمة لحماية السفن التجارية التي تراقبها.وأوضح: "في حين أنّ القوات البحرية مجهزة تجهيزًا جيدًا لدحر ما يطلقه "الحوثيون" حاليًا، فإنّ الخوف هو أن النطاق والحجم يتزايدان، وأنّ المرافقين لن يتمكنوا من الحفاظ على مستوى الدفاع لحماية الشحن التجاري". وقال برادفورد، من مجلس العلاقات الخارجية: "لا يؤدي صاروخ واحد أو طائرة من دون طيار إلى إغراق سفينة حربية أميركية، لكنه يمكن أن يقتل أشخاصًا و/أو يلحق أضرارًا تتطلب انسحاب السفينة لإجراء إصلاحات في الميناء". وقال الخبراء إنّ "الحوثيّين" لم يجربوا بعد هجومًا حقيقيًا بسرب الطائرات من دون طيار - على غرار ما نشرته روسيا مرارًا وتكرارًا في أوكرانيا - وهو هجوم يمكن أن يتضمن عشرات التهديدات الواردة في وقت واحد. ويوضح ميركوجليانو: "يمكن للسرب أن يرهق قدرات سفينة حربية واحدة، ولكنّ الأهم من ذلك، أنه قد يعني تجاوز الأسلحة لضرب السفن التجارية". ويضيف أنّ السفن الحربية الأميركية تواجه أيضًا مسألة كيفية تجديد مخزون الصواريخ في المنطقة. ويلفت إلى أنّ "الموقع الوحيد لإعادة تحميل الأسلحة هو في جيبوتي (قاعدة أميركية في القرن الإفريقي) وهذا قريب من العمل". التهديدات المحتملة في ساحة المعركة المتطورة يرى الخبراء أنّ نشر صواريخ كروز أو صواريخ باليستية مضادة للسفن يمثل تحديًا أكثر صعوبة. وقالت القيادة المركزية الأميركية إنّ قوات "الحوثيّين" أطلقت ثلاثة صواريخ باليستية مضادة للسفن وصاروخين كروز للهجوم البري يوم الثلاثاء.ويمكن لصواريخ كروز المضادة للسفن أن تصل إلى مستوى منخفض وتخترق هيكل السفينة فوق خط الماء. وقال ميركوجليانو: "هذا هو نوع الأسلحة التي أغرقت العديد من السفن البريطانية خلال حرب فوكلاند، وضربت السفينة الأميركية ستارك (في الخليج الفارسي) عام 1987". وأضاف أنّ الصواريخ الباليستية يمكن أن تشكل خطرًا أكبر. وزاد أنّ "السرعة النهائية للسلاح وحمولته يمكن أن تُلحق أضرارًا جسيمة" بسفينة حربية أو سفينة تجارية، وقد تحتاج إلى أفضل الصواريخ الاعتراضية الأميركية لإسقاطها. وقال ميركوجليانو إنّ ساحة المعركة ليست ثابتة وسيكون لدى "الحوثيّين" ما يقولونه حول ما سينشرونه. وختم مؤكدًا أنّ "الحوثيّين" يراقبون ويرون كيف تردّ القوات البحرية على هذه الهجمات.(ترجمات)