ما زالت امتحانات الثانوية العامة في مصر، تُشكِّل هاجسًا لكل أسرة لديها أبناء في هذه المرحلة من التعليم، إذ تلعب الأجواء المُحيطة دورًا رئيسا في زيادة الضغوط على أولياء الأمور.وخلال الأعوام الماضية، انتشرت ظاهرة الغشّ الجَماعي وتسريب الامتحانات، على منصات التواصل الاجتماعي، الأمر الذي فاقم من الضغوط على الطلاب وأولياء الأمور الذين يحلمون بمستقبل مُشرق لذويهم، فيما سعت الدولة المصرية لمحاربة هذه الظاهرة بالوسائل كافة، إلى أن نجحت في تحجيم هذه الظاهرة في النسخة الحالية من الامتحانات.ومع ثورة التحديث والتطوير في نُظم العملية التعليمية في مصر، لجأت وزارة التربية والتعليم إلى انتهاج سياسة جديدة في عملية تقييم الطلاب، خصوصا في الثانوية العامة، تقوم على الاختيار من بين إجابات مُتعدّدة، فيما تقتصر الإجابات على 15% فقط من الأسئلة، فضلًا عن رقابة إلكترونية متقدمة لرصد عمليات تسريب الامتحانات.وقال خبراء تعليم ومتابعون، إنّ الدولة قامت بجهد كبير هذا العام، للقضاء على ظاهرة تسريب الامتحانات، ومنع حالات الغشّ الجَماعي، وذلك قبل بدء عملية الامتحان، عن طريق منع التحويل إلى ما يُعرف بمدارس الغشّ الجَماعي، بالإضافة إلى الإجراءات المُشدّدة أثناء الامتحان، ومنع اصطحاب أجهزة الهاتف المحمول.رسميًا، أصدرت وزارة التربية والتعليم في مصر، بيانات صحفية عدة، تطرقت إلى التعامل مع حالات غشّ شهدتها لجان الامتحان خلال الأيام الماضية، ففي محافظة الشرقية جرى إحالة رئيس لجنة، ومراقب أول للتحقيق العاجل لمسؤوليتهم عن تسريب أجزاء من امتحان التفاضل والتكامل، جرى تصويرها داخل دورة مياه لجنة مدرسة "علي مبارك" الابتدائية.وفي بيان لاحق قالت الوزارة، إنّ أعضاء فريق مكافحة الغشّ الإلكتروني تمكنوا من رصد 4 حالات غشّ إلكتروني، وهي: حالتان في مادة علم النفس والاجتماع، في محافظتي القاهرة، والشرقية، وحالة واحدة في مادة الرياضيات البحتة (التفاضل والتكامل) في محافظة المنوفية، وحالة واحدة في امتحان مادة الجيولوجيا في محافظة بني سويف، حيث تم ضبط هؤلاء الطلاب لدى قيامهم بالغشّ، باستخدام الهاتف المحمول، وقد تم التحفّظ على أجهزة الهواتف المحمولة المستخدَمة، وعمل محاضر إثبات حالة بالوقائع المضبوطة، واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة، حيال الطلاب الذين تم ضبطهم، وتطبيق القرار الوزاري رقم (34) لسنة 2018، بشأن تنظيم أحوال إلغاء الامتحان، والحرمان منه.السيطرة على مدارس الغشّ الجّماعيوقال الخبير التربوي المصري، الدكتور حسن شحاته، إنّ امتحان الثانوية العامة هذا العام، يتميّز بأنه من دون قلق من جانب الطلاب وأولياء الأمور، لافتًا إلى أنّ الوزارة استطاعت أن تسيطر على مدارس الغشّ الجَماعي.وأضاف في تصريح لمنصة "المشهد"، أنّ التربية والتعليم أوقفت طلبات النقل الخاصة بتأدية الامتحانات في مدارس معينة، بهدف تحجيم عمليات الغشّ داخل لجان الامتحانات.وأشار إلى أنّ المواد التي أدى الطلاب امتحاناتها، لم تشهد مظاهر غشّ جَماعي، كما لم تشهد تسريب الامتحان كما كان يحدث في السنوات السابقة، مبيّنًا أنّ الثانوية العامة تعدّ أمنًا قوميًا لمصر، لذا فهي تحظى باهتمام ومتابعة جهات كثيرة، حيث تجري عملية تفتيش دقيقة للطلاب لمنع دخول الهواتف المحمولة داخل اللجان.إجراءات رادعةوكشف "شحاتة"، أنّ الوزارة تتّخذ إجراءات سريعة ورادعة، تجاه أيّ محاولة للغشّ بين الطلاب داخل اللجان، لافتًا إلى أننا هذا العام نتابع محاولات فردية، ويجرى اتخاذ الإجراءات الرادعة فورًا.وأوضح الخبير التربوي المصري، أنّ لجوء بعض الطلاب للغشّ بموافقة أولياء أمورهم، هو نوع من أنواع الأمراض الاجتماعية التي يجب مواجهتها، مضيفًا أهمية أن تعطى الفرصة التنافسية كاملةً أمام الطلاب خلال الامتحان، لعدم وقوع ضرر على المجتهِدين منهم.مُفترق طرقبدوره قال الصحافي المتخصص في شأن التعليم في جريدة الأخبار المصرية، علاء حجاب، إنّ امتحانات الثانوية العامة المصرية الحالية، تشهد تراجعًا لحالات الغشّ بشكل كبير، بعد أن كان مُعدّل حالات الغش تصل إلى 50 حالة في الامتحان الواحد، أصبح حاليًا لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة.وأرجع في تصريح لمنصة "المشهد" حالة القلق التي تسيطر على البيت المصري، لمن لديه أبناء في الثانوية العامة، لأنها ما زالت هي مفترق الطرق، وأدق المراحل التعليمية في النظام التعليمي المصري، لتأثيرها على مستقبل الطالب، والمجموع الذى يحصل عليه له دور كبير في التخصّص الجامعي الذي سوف يسلكه الطالب.وأوضح "حجاب"، أنّ وزارة التربية والتعليم المصرية، تبذل أقصى جهودها لإتمام الامتحانات بصورة منضبطة وآمنة، وتعمل على توفير الأجواء الملائمة لخدمة أبنائنا الطلاب، حرصا على تكافؤ الفرص، وضمان حصول كل طالب على حقّه كاملًا.وأشار إلى أنّ الواقع يؤكد تراجع الغشّ بشكل كبير خلال الثانوية العامة الحالية، نتيجة اتّباع إجراءات صارمة في تنفيذ الامتحانات.4 مراحل لتأمين الامتحانوتابع : "تشهد خطة تأمين الثانوية العامة المصرية، رحلة طويلة تسير على 4 مراحل، الأولى وضع الأسئلة، والثانية طباعتها، والثالثة نقلها حتى وصولها للجان، والرابعة مواجهة الغشّ الإلكتروني".المرحلة الأولى: تتعلق بما يُعرف ببنك الأسئلة الخاص بالثانوية العامة، تكون من خلال اختيار العناصر المكلفة بوضع الامتحانات في كل مادة، ويتم بإجراءات شديدة الانضباط. المرحلة الثانية: طباعة الأسئلة التي تتولى مطابع إحدى الجهات السيادية طباعتها، وهذا جزء من سريّة الإجراءات، وتتم إحاطة عملية الطباعة بإجراءات تأمين عالية السرية والتأمين، وفعليا لا يمكن لوزير التعليم، أو أيّ مسؤول في الوزارة أن يعرف الأسئلة، إلا بعد وصولها ليد الطالب.المرحلة الثالثة: تأمين لجان الامتحانات، حيث نشرت وزارة التربية والتعليم كاميرات في كل اللجان، لمراقبة الطلاب والملاحظين، منعًا لأيّ غشّ خصوصا الجَماعي داخل اللجان.المرحلة الرابعة: يتم مواجهة الغشّ الإلكتروني، من خلال فريق من جهات مختلفة، لمراقبة غروبات الغش وصفحات شاومينغ على وسائل التواصل الاجتماعي، وخصوصا تيليغرام وواتسآب وفيس بوك.وقال إنّ الوزارة لديها العديد من الأدوات التي يمكنها كشف المواقع والأشخاص الذين يقومون بتسريب امتحانات الثانوية العامة 2023، لافتًا إلى أنّ معظم هذه الأدوات موجودة بورقة امتحانات الثانوية العامة 2023، حيث تم وضع باركود على البابل شيت الخاص بامتحانات الثانوية العامة، وورقة الإجابة الخاصة بـالأسئلة المقالية، أعلى أو أسفل الورقة، لإثبات ورقة الطالب، وإذا قام الطالب بنشر ورقة الأسئلة والإجابة على الإنترنت، يتمّ التعرف في دقائق إلى صاحبها من الباركود .(المشهد)