ضجة كبيرة أُثيرت خلال الأيام الماضية في مصر، عقب ظهور نجم كرة القدم ولاعب المنتخب السابق محمد زيدان، في إعلان لشركة مراهنات، ما يفتح الباب أمام تفشي هذه الظاهرة في مصر. وخلال السنوات الماضية، حظيت شركات المراهنات العالمية خصوصًا المراهنات الإلكترونية التي تستهدف فئة الشباب المُتابع لدوريات كرة القدم العالمية، الأمر الذي دفع الجهات الرسمية في البلاد إلى اتخاذ إجراءات سريعة للحد من توغّل هذه الظاهرة. دينيًا، اعتبر مركز الأزهر العالميّ للفتوى الإلكترونية، أنّ المراهنات على نتائج المباريات الرياضية ودفع أموال لتوقعها عبر تطبيقات ومواقع إلكترونية تعد من "القمار المحرّم". وقال في فتوى إنه ومع ما أباحته شريعة الإسلام من الترويح عن النفس، إذا اعتبرت المصالح واجتنبت المضار، لا ينبغي أن نغفل في الوقت نفسه ما وضعته الشريعة من ضوابط حتى يُحافظ المسلم من خلالها على دينه، ونفسه، وماله، ووقته، وسلامته، وسلامة غيره، ومن أهم هذه الضوابط ألا يشتمل الترويح على مقامرة. وتابع أنّ المراهنات التي يجريها المشاركون بتوقعهم نتائج المباريات الرياضية وعدد الأهداف فيها وغير ذلك من مجرياتها، على مجموعات مواقع التواصل الاجتماعي والتطبيقات المختلفة، ويدفعون أموالًا في حساباتها، ثم يأخذ هذه الأموال الفائز منهم فقط، ويخسر الباقون؛ فهي عين القمار المحرّم. البرلمان المصريّ دخل على خط المواجهة، إذ كشف رئيس لجنة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بمجلس النواب المصريّ النائب أحمد بدوي، أنّ البرلمان يعمل على إضافة بنود لقانون مكافحة تقنية المعلومات، في الوقت الذي نفت فيه وزارة الرياضة المصرية منح أيّ تراخيص لشركات المراهنات في مصر، لافتة إلى أنّ الوزارة تتخذ إجراءات بالتنسيق مع الجهات الأخرى البلاد لمنع هذه الظاهرة.خسائر اقتصاديةوفي التفاصيل، قال خبير تكنولوجيا المعلومات، المهندس مصطفى أبو جمرة، إنّ القانون المصريّ يمنع المراهنات وكذلك المعتقدات الدينية، لافتًا إلى أنّ المراهنات في مصر تتم فقط للأجانب المقيمين في البلاد وفي مناطق محددة وليس للمصريّين. وأضاف أبو جمرة في تصريح لمنصة "المشهد"، أنّ المراهنات الإلكترونية غير مصرّح بها في مصر وغير قانونية، مؤكدًا ضرورة التفريق بين المراهنات ومسابقات الإنترنت. وأشار أبو جمرة إلى أنّ المسابقات تعتمد على كفاءة المتسابق من خلال طرح أسئلة على الجمهور ويتم السحب من بين المتسابقين الذي قاموا بتقديم إجابات صحيحة بحضور مندوب من وزارة الشؤون الاجتماعية، في حين أنّ المراهنات التي تعتمد على "الحظ" تتعلق بتوقع نتائج مباريات على سبيل المثال. وتحدث أبو جمرة عن الخسائر الكبيرة التي تتعرض لها مصر من جرّاء المشاركة في المراهنات الإلكترونية التي تقيمها الشركات الأجنبية بقوله، "دفع أموال مقابل مراهنات معناه أموال تخرج من مصر لصالح هذه الشركات في حين لا تستفيد الدولة بأيّ عائد لأنها لا تحصل على أيّ ضرائب أو عوائد من جرّاء نشاط هذه الشركات". وتوّقع خبير تكنولوجيا المعلومات أن تتجه الدولة المصرية إلى تجريم التعامل مع مواقع المراهنات الأجنبية، لأنّ البلاد لا تعطي أيّ تصاريح للعمل داخل مصر لهذه الشركات.التعامل مع الظاهرةعقب إثارة الأزمة، أصدرت وزارة الرياضة المصريّة بيانًا أشارت فيه إلى أنّ جميع اللوائح المنظمة لإجراءات إشهار الشركات الرياضية تمنع تمامًا إشهار أيّ شركة يتعلق مجال عملها بالمراهنات في كرة القدم أو غيرها. وقالت "في ضوء ما تداولته بعض وسائل الإعلام من أخبار بشأن أحد المواقع الإلكترونية التي تبثّ من خارج مصر لممارسة المراهنات في المجالات المختلفة، ومنها منافسات كرة القدم المصرية، تؤكد الوزارة أنّ جميع اللوائح المنظمة لإجراءات إشهار الشركات الرياضية تحظر تمامًا إشهار أيّ شركة يتعلق مجال عملها بالمراهنات، سواء بشكل مباشر أم بطريق المساهمة مع شركات أخرى، كما أنه لم يسبق صدور أيّ قرارات تتعلق بإشهار مثل تلك الشركات". المتحدث الرسميّ لوزارة الرياضة المصرية، محمد الشاذلي، قال لـ"المشهد" إنّ الوزارة رصدت خلال الفترة الماضية بعض هذه الممارسات، وقامت بإخطار الجهات الرسمية المنوط بها التعامل مع هذه الظاهرة. وأضاف "نقوم بالتنسيق مع النيابة العامة المصرية لإخطارها بأيّ حالات يتم رصدها، وكذلك يتم التنسيق مع وزارة الاتصالات وهي الجهة المنوط بها التعامل مع المواقع الإلكترونية الخاصة بالمراهنات". وأشار الشاذلي إلى أنه من المستحيل رصد حجم هذه الظاهرة لأنها عمل مجرم ويتم بشكل سري، لافتًا إلى أنّ هذه الممارسات غير مشروعة والوزارة لم تعطِ أيّ تصريح لأيٍّ من تلك الشركات. ورأى المتحدث باسم وزارة الرياضة المصريّة، أنّ تحرك البرلمان لإضافة مواد تجرّم التعامل مع مواقع المراهنات من شأنه أن يساهم في التقليل من انتشار هذه الظاهرة، قائلًا، "المراهنات مجرمة قانونًا وفقًا لقانون العقوبات المصري، وحينما يصدر تشريع خاص بالمراهنات الإلكترونية سيساهم هذا الأمر في اتخاذ إجراءات قانونية فورية تجاه هذه الممارسات".تعديل تشريعيمن جانبه، قال رئيس لجنة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في مجلس النواب المصريّ، النائب أحمد بدوي، إنّ هناك العديد من التطبيقات ومواقع المراهنات الإلكترونية التي انتشرت في مصر خلال السنوات الماضية، وبالتالي يتحتم على البرلمان المصريّ التحرك من أجل إضافة مواد لقانون مكافحة تقنية المعلومات الصادر برقم 175 لسنة 2018. وأوضح بدوي في حديث لـ"المشهد" أنّ ظاهرة المراهنات الإلكترونية لم تكن موجودة حينما تم إقرار القانون، لافتا إلى أنّ المراهنات تعدّ جريمة من الجرائم الإلكترونية والتي يجب أن يصدر تشريع ينص على حظر التعامل معها. وكشف رئيس لجنة الاتصالات بمجلس النواب المصريّ، أنّ القانون من المتوقع أن يخرج إلى النور خلال شهر بعد أن يتم مناقشته داخل البرلمان، لافتًا إلى أنه ستتم إضافة بعض البنود فقط وليس تغيير القانون وهي: مواجهة الابتزاز الإلكتروني.المراهنات الإلكترونية.نشر الشائعات على الإنترنت.ورأى بدوي، أنّ وجود نص قانون يجرّم المراهنات الإلكترونية من شأنه أن يحجّم هذه الظاهرة، مضيفا "هذه التطبيقات تعمل من خارج مصر لأنّ القانون المصريّ لا يصرّح بإنشاء هذه الشركات". وقال إنّ هذه الخطوة تمنع أيضًا ترخيص أيّ شركات تقوم بعمل مراهنات إلكترونية للجمهور في المستقبل باعتبارها غير مطابقة للمواصفات التي تضعها البلاد".(المشهد - القاهرة)