حذّر اقتصاديون من أنّ فلاديمير بوتين ربما يكون قد روّج للعلاقات الوثيقة بين روسيا والصين، لكنّ موسكو قد تصبح معتمدة بشكل مفرط على بكين في التجارة، وفق مجلة "نيوزيوك" الأميركية.بعد أن فرض الغرب عقوبات على الحكومة الروسية كعقاب على الحرب التي بدأها بوتين بأوكرانيا في فبراير 2022، قسّمت روسيا العالم إلى دول صديقة وغير صديقة، وعرضت على المجموعة السابقة شروطًا تجارية مواتية لصادراتها، وأهمها النفط والغاز. والصين محايدة رسميًا بشأن حرب بوتين، وكدولة صديقة، أعلنت في ديسمبر الماضي عن تجارة قياسية بين البلدين في عام 2023. وقد وصلت قيمتها إلى 218 مليار دولار بين يناير ونوفمبر الماضيَين، أي أكثر من العام السابق بأكمله. ويعود جزء من التوسع التجاريّ بين البلدين إلى بناء خط أنابيب النفط ESPO (شرق سيبيريا - المحيط الهادئ) بين روسيا وآسيا، وخط غاز قوة سيبيريا، وفتح مشاريع يامال للغاز الطبيعيّ المسال بشكل كبير. واردات غربية أكثر للصينوتُعدّ روسيا أيضًا مورّدًا كبيرًا للمنتجات الزراعية مثل القمح، وزادت بدورها من وارداتها من السلع الاستهلاكية والصناعية الصينية مثل السيارات، التي كانت تأتي من مورّدين غربيّين. لكنّ الاقتصاديّين الروس، ألكسندر نوبل من معهد جايدار وألكسندر فيرانشوك من مركز دراسات التجارة الدولية، حذّرا من أنه إذا اضطرت الصين إلى الاختيار بين الغرب وروسيا، فإنها لن تفضل موسكو.وأشار تقريرهما الذي نُشر في 30 ديسمبر، إلى أنّ الشركاء التجاريّين الرئيسيّين للصين، مثل الاتحاد الأوروبيّ والولايات المتحدة واليابان وكوريا الجنوبية، غير ودودين تجاه موسكو ويبيعون منتجات للصين أكثر مما تبيعه روسيا. وفي حين توفر الصين ما يقرب من ثلث تجارة روسيا، فإنّ حصة موسكو في حجم التجارة الصينية تبلغ 5.1% من الواردات و3.3% من الصادرات، أي "أصغر بكثير من حصة الدول غير الصديقة الرئيسية، وهناك مخاطر من تراجع التجارة في حالة فرض عقوبات ثانوية". وقال التقرير إنّ "اعتماد الصين على توريد السلع الصناعية من الدول غير الصديقة يتجاوز بشكل كبير اعتمادها على استيراد الموادّ الخام الروسية". وأضاف الباحثان، "هناك مخاطر من فرض عقوبات ثانوية تؤثر على التجارة المتبادلة بين الصين وروسيا، خصوصًا إذا فُرضت على شركات فردية".اعتماد كلّي على بكينمن جهته، قال الرئيس التنفيذيّ لشركة الاستشارات الاستراتيجية "ماكرو أدفيزوري" كريس ويفر للمجلة، إنه "بعد عقد من محورها نحو آسيا، أصبحت روسيا تعتمد على الصين في التجارة كما كانت مع الغرب في 2014". ساعدت الزيادة في حجم الأعمال بإنقاذ الاقتصاد الروسيّ في مواجهة العقوبات المرتبطة بالحرب، لكنّ مسؤولين وقادة الأعمال في موسكو يشعرون بالقلق من أنّ هذا الترتيب يفضل الصين أكثر بكثير من روسيا. وأضاف ويفر "في حين أنّ الصين تشتري بفارغ الصبر الطاقة والمواد، وتبيع السلع الصينية الصنع إلى السوق الروسية، وكل ذلك يناسب بكين، فإنّ هناك القليل جدًا من الاستثمارات القادمة إلى روسيا، وبالتأكيد لا يوجد ما يكفي لتعويض الاستثمار المفقود من خروج الشركات والمستثمرين الغربيّين". وكان عمدة موسكو سيرغي سوبيانين، قد أعرب في منتدى موسكو الاقتصاديّ في أكتوبر الماضي، عن مخاوفه بشأن المحور نحو الشرق، بعد أن منعت العقوبات وصول روسيا إلى التجارة والاستثمارات والتكنولوجيات الغربية. وفي الوقت نفسه، ومن أجل تقليل الاعتماد على الصين، هناك دعوات بين البعض في روسيا لتوسيع مجموعة دول البريكس (البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا) جزئيًا لأنّ ذلك قد يسمح لموسكو بتنويع الشركاء التجاريّين.وقال ويفر، إنّ "النفط والغاز والمواد الأخرى التي تصل إلى الموانئ الصينية، قد تكون عرضة للتعليق أو الحصار في حالة نشوب نزاع كبير مع دول مجموعة السبع، لكنّ الصين تحصل الآن على ما يكفي من الإمدادات الحيوية المباشرة من روسيا، للحفاظ على الأقل على إمداداتها الحيوية".(ترجمات)