كشف الصحفي المتخصص في الملف الأفغاني عزام أحمد، في تحقيق حصري لصحيفة "نيويورك تايمز"، معلومات وأحداث صادمة أثناء تواجده في كابول، لافتا إلى أن "إستراتيجية واشنطن في أفغانستان كانت تهدف إلى التغلب على طالبان من خلال كسب قلوب وعقول الناس واستغلالها باسم المنفعة العسكرية".يشرح عزام أحمد في تقريره "لقد غطيت الحرب في أفغانستان، وعدت بعد سيطرة طالبان، أتذكر كان الجنرال عبد الرازق (قائد شرطة ولاية قندهار جنوب أفغانستان) أحد أشرس حلفاء أميركا في الحرب ضد طالبان، وكان شابًا محاربًا وشجاعًا يحظى بولاء واحترام رجاله، وقد ساعد في دحر طالبان في ساحة المعركة الحاسمة في قندهار، حتى مع تقدم المتمردين في جميع أنحاء أفغانستان".ويضيف أحمد: "لكن نجاحه، حتى اغتياله عام 2018، كان مبنيًا على التعذيب والقتل خارج نطاق القضاء. وباسم الأمن، قام بتحويل شرطة قندهار إلى قوة قتالية من دون قيود. ولم يراعِ ضباطه، الذين تم تدريبهم وتسليحهم ودفع رواتبهم من قبل الولايات المتحدة، حقوق الإنسان أو الإجراءات القانونية". وفقًا لتحقيق "نيويورك تامز".يضيف أحمد أن "إستراتيجية واشنطن في أفغانستان كانت تهدف إلى التغلب على طالبان من خلال كسب قلوب وعقول الناس، الذين كان من المفترض أنها تقاتل من أجلهم". لكن عبد الرازق "مكّن الأميركيين من دحر أمراء الحرب والسياسيين الفاسدين والمجرمين باسم المنفعة العسكرية". ويشرح أحمد كيف تم استخدام رجال مثل عبد الرازق لدفع العديد من الأفغان نحو طالبان، وإقناع آخرين بمن فيهم الذين كانوا متعاطفين مع أهداف الولايات المتحدة، بأن الحكومة المركزية المدعومة من أميركا لا يمكن الوثوق بها لإصلاح وضع أفغانستان. وإذا كانت هناك أي فرصة في أي وقت مضى لتمكين الولايات المتحدة من اقتلاع طالبان، فإن إستراتيجية الحرب المتبعة جعلت الأمر أكثر صعوبة.حملة أميركية وحشية يقول عزام أحمد إنه قام رفقة زميله ماتيو أيكنز بتغطية أخبار أفغانستان لسنوات طويلة. وبعد الانسحاب الأميركي الفوضوي من أفغانستان، تمكنا من زيارة أشخاص وأماكن كانت محظورة أثناء القتال والسفر إلى هناك، على أمل معرفة ما حدث بالفعل خلال أطول حرب خاضتها أميركا في تاريخها. إلى جانب فريق من الباحثين الأفغان، قام أحمد بالبحث في أكثر من 50 ألف شكوى مكتوبة بخط اليد ومحفوظة في دفاتر حكومة قندهار السابقة المدعومة من الولايات المتحدة، ووجدت فيها تفاصيل قرابة 2200 حالة اختفاء مشتبه بها. ومن هناك، توجهوا إلى مئات المنازل في جميع أنحاء قندهار. ويضيف أحمد أنهم تعقبوا قرابة 1000 شخص قالوا إن أحباءهم اختطفوا أو قتلوا على يد قوات الأمن الحكومية. وقاموا بتوثيق 400 حالة، مع شهود عيان على عمليات الاختطاف، وأثبتوا ادعاءاتهم بتقارير الشرطة الأفغانية والإفادات الخطية وغيرها من السجلات الحكومية، التي قدموها. وفي كل حالة من حالات الاختفاء القسري هذه، لا يزال الشخص مفقودًا. ويرى الكاتب أنه من السهل جدا القول إن تكتيكات عبد الرازق كانت بلا جدوى، لقد أعادوا تأكيد سيطرة الحكومة في قندهار ودفعوا المتمردين إلى المناطق النائية. حاز عبد الرازق على إعجاب الكثيرين ممن عارضوا طالبان، وقال أكثر من 10 مسؤولين أميركيين إنه من دونه كانت طالبان ستتقدم بشكل أسرع.عبد الرازق.. أداة تجنيدلكن أساليب عبد الرازق أثرت سلبا على كل شيء حوله، إذ استغلت طالبان قسوته إلى أداة تجنيد، ونشر مسؤولو طالبان مقاطع فيديو عنه على "واتساب" لجذب مقاتلين جدد.ويقول أحمد في تحليله: "جاء العديد من الأفغان لتشويه سمعة الحكومة المدعومة من الولايات المتحدة وكل ما تمثله. وقال فضل الرحمن، الذي اختطف شقيقه أمام شهود عيان في عهد عبد الرازق: لم يدعم أحد منا طالبان، لكن عندما انهارت الحكومة، ركضت في الشوارع مبتهجا".وبعد وفاة عبد الرازق، لجأ قادته إلى ابتزاز الناس العاديين وسرقهتم. وقال أحد سكان قندهار الذي دعم الحكومة في البداية: "ما جلبوه تحت اسم الديمقراطية كان نظاما في أيدي عدد قليل من مجموعات المافيا".وسيقضي المؤرخون والعلماء سنوات في الجدل حول ما إذا كان يمكن للولايات المتحدة أن تنجح، إذ إن أغنى دولة في العالم قد غزت واحدة من أفقر دول العالم، وحاولت إعادة تشكيلها من خلال تنصيب حكومة جديدة.لكن أخطاء الولايات المتحدة هناك نتج عنها "تمكين القتلة الذين لا يرحمون، وتحويل الحلفاء إلى أعداء، وتمكين الفساد المستشري"، بحسب التقرير.(ترجمات)