يبدو أن الأمور تتسارع بشكل كبير على صعيد العلاقات السورية – التركية، بعد الموقف السوري الذي أكد فيه الرئيس السوري بشار الأسد انفتاحه على جميع المبادرات المرتبطة بتحسين العلاقة بين بلاده وتركيا، جاء الرد من نظيره التركي رجب طيب إردوغان الذي أعلن انفتاحه على فرص إعادة علاقات بلاده مع سوريا بالطريقة نفسها التي كانت تسير بها في الماضي من دون التدخل في الشؤون السورية.واعتبر بعض المراقبين أن الرد الإيجابي من الرئيس التركي على نظيره السوري بشأن سيادة سوريا وعدم التدخل في شؤونها، هو الخطوة الأساسية التي يطلبها الجانب السوري قبل البدء بأي خطوة في اتجاه تطبيع العلاقات مع تركيا، وحصول اللقاء المنتظر بين الرجلين.ترحيب سوريا بتصريحات إردوغانوفي هذا الإطار، يرحب رئيس لجنة الشؤون العربية والخارجية في البرلمان السوري، النائب بطرس مرجانة، في حديثه لمنصة "المشهد" بتصريح إردوغان ويقول إن:تصريح أعلى سلطة في تركيا سيكون له صداه في سوريا خصوصا أنه يأتي بعد أعوام عجاف مرت على هذه العلاقات، بعدما قامت تركيا بما قامت به وهو معلوم من الجميع وليس خافيا على أحد.فهي ما زالت تحتل أراضي في الشمال السوري وتدعم فصائل مصنفة دوليا بالمنظمات الإرهابية، لكننا ننظر بإيجابية إلى تصريح إردوغان بشأن إمكانية تصحيح هذه العلاقات ووضعها في المسار الصحيح.وشهدت العلاقات بين تركيا وسوريا صراعا كبيرا عقب اندلاع الحرب في سوريا في عام 2011، حيث اتهمت الحكومة السورية أنقرة بأنها دعمت الجماعات الإرهابية التي كانت تُقاتل الجيش السوري بهدف السيطرة على الأراضي السورية، وما زالت تقوم بذلك في شمال سوريا على حد قول السلطة السورية. وما تطلبه سوريا من تركيا قبل أي لقاء بين الأسد وإردوغان، هو إنجاح الوساطة الروسية وترجمة الأقوال التركية إلى أفعال على الأرض، وفي طليعتها الانسحاب من الأراضي السورية. ويقول رئيس لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان السوري إن "ما يعرقل هذه العلاقات هو احتلال تركيا لأراض في الشمال السوري ودعمها الفصائل المسلحة الإرهابية". ويعدّد النائب السوري الخطوات الأساسية التي تطلبها دمشق وتصر عليها كي تكون مقدمة لتطبيع العلاقات مع أنقرة، لكنه رفض أن يسميها شروطا. ويوضح: "نحن لا ندع شروطا لإعادة العلاقات مع تركيا إنما مطالبنا تندرج تحت بند السيادة الوطنية، وعلى تركيا أن تنسحب من الأراضي العربية السورية ووقف تدخلها في الشؤون الداخلية السورية، بتحقيق ذلك يمكن أن ننتقل إلى تطبيع العلاقات والتعامل المتبادل بمعادلة حسن الجوار بين الدول التي تشترك في الحدود فيما بينها".موعد لقاء الأسد وإردوغانويشدّد مرجانة على أهمية الوساطة الروسية في هذا التقارب التركي السوري، ويقول إن "الوساطة الروسية متواصلة وسيكون هناك اجتماعات بين لجان متخصصة حول الوضع العسكري والأمني بحضور الوسيط الروسي بهدف الوصول لحل المشاكل وتطبيع العلاقات مع تركيا". ويصّر النائب السوري في حديثه لمنصة "المشهد" على أهمية نتائج اجتماعات اللجان التركية السورية المتخصصة، قائلا: "إنها هي التي تنبئ بإمكانية اللقاء بين الرئيس بشار الأسد وإردوغان، فإذا كانت إيجابية فيحصل اللقاء في قمة شنغهاي أو في مكان آخر، هذا لا يهم ما يهمنا أن تكون نتائج اجتماعات اللجان إيجابية وتتحول الأقوال التركية إلى أفعال". وفي قراءة سياسية للتقدم الحاصل على الطرفين التركي والسوري، يؤكد الكاتب والمحلل السياسي السوري غسان يوسف في حديثه لمنصة "المشهد" أن "الأمور على صعيد العلاقات السورية – التركية تتسارع بشكل كبير وبدأنا نشعر بجديتها على الأرض وفي التصاريح من قبل الطرفين، حيث كان واضحا ما قال الرئيس التركي بشأن احترام الشؤون الداخلية السورية ورفض التدخل فيها، إضافة إلى رغبته في إعادة العلاقات مع دمشق". ويوضح الكاتب السوري النقاط الأساسية التي يتم الاتفاق عليها بين الطرفين التركي والسوري برعاية روسية، ويؤكد أنها بدأت تظهر على أرض الواقع. ويضيف أن "اللقاءات مستمرة بين الجانبين في أماكن عدة"، ومن الأمور التي بدأ الاتفاق عليها هي: 1- منع الانتخابات الكردية بأي شكل، ما يفسر تأجيلها من قبل الأكراد إلى شهر أغسطس. 2- فتح معبر أبو الزندين، وهذا ما حصل في الأيام الأخيرة حيث بدأ تأمين الطريق المؤدية إلى المعبر من الجانب السوري. 3- تفكيك "جهة النصرة" كمرحلة أولى وفتح طريقي M4 وM5 على أن يليها تفكيك "الجيش الوطني"، وهناك تطورات كبيرة في هذا الملف باتت ملموسة على أرض الواقع بانتظار ساعة الصفر.4- تسليم معبر باب الهوى للحكومة السورية، ويجري العمل على هذه النقطة بين الطرفين التركي والسوري. 5- تركيا لن تتدخل في الانتخابات والدستور وتشكيل الحكومة المقبلة، وهذا كان واضحا في التصريح الأخير لإردوغان.6- الشركات التركية قد تكون من أولى الشركات التي تساهم بإعادة الإعمار.7 - لقاء الرئيس إردوغان بالرئيس الأسد قد يحدث خلال قمة شنغهاي أو في الآستانة.8- زيارة إردوغان إلى دمشق ستكون بعد تنفيذ ما اتفق عليه.ووفق ما تقدم يبدو أن الأيام المقبلة ستشهد تطورات جديدة في ملف تطبيع العلاقات التركية – السورية، ما سيكون له انعكاسات كبيرة على البلدين ودول المنطقة. (المشهد)