قالت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية إن إسرائيل تعمل حاليا على تحييد ما يعتبره مسؤولون أمنيون تهديدا وهم الإسلاميون المدعومون من تركيا الذين يحاولون توحيد سوريا.في الأيام الأخيرة، استهدف الجيش الإسرائيلي مواقع عسكرية إضافية بمناطق جديدة في جنوب سوريا لإبعاد الأسلحة عن أيدي الإدارة الانتقالية الجديدة. وقالت الحكومة الإسرائيلية أمس الثلاثاء إنها ستنفق أكثر من مليار دولار لمساعدة الدروز في شمال إسرائيل، فيما أكد محللون أمنيون أنها خطوة لإقناع الأقلية بالمساعدة في إقناع الدروز السوريين برفض حكومة دمشق الجديدة. وتضغط إسرائيل على القوى العالمية حول فكرة جعل الدولة الجديدة الناشئة في سوريا نظاما فيدراليا للمناطق العرقية المستقلة، مع نزع السلاح من المناطق الحدودية الجنوبية لإسرائيل وهي فكرة رفضتها حكومة دمشق. في الأسبوع الماضي طالب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بـ"نزع السلاح من جنوب سوريا"، وأعلن أن قوات القيادة السورية التي كانت متحالفة مع "القاعدة"، لن يُسمح لها بدخول المنطقة. وجاء تمويل الدروز بعد أن هدّدت إسرائيل بالقيام بعمل عسكري لحماية الأقلية الدرزية في سوريا مع اندلاع التوترات مطلع الأسبوع بين بعض الدروز وقوات الأمن الحكومية في إحدى ضواحي دمشق. وقال نتانياهو يوم السبت "لن نسمح للنظام الراديكالي الجديد في سوريا بإلحاق الأذى بالدروز". فيدرالية في سورياوبينما تسعى إسرائيل إلى حماية حدودها وإنشاء منطقة عازلة، فإن أفعالها تمهد الطريق لرؤية إسرائيلية لسوريا الفيدرالية مع منطقة حكم ذاتي يسيطر عليها الدروز على طول حدودها. وفي مثل هذا السيناريو، ستصبح سوريا اتحادا لدويلات، معظمها مستقلا عما يمكن أن يكون حكومة مركزية ضعيفة، مع المزيد من السلطة في أيدي القوات المحلية، خصوصا في المناطق المحاذية لحدود إسرائيل. وقال وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر باجتماع في بروكسل في 24 فبراير "سوريا المستقرة لا يمكن أن تكون سوى سوريا فيدرالية تضم أقاليم مستقلة وتحترم أساليب الحياة المختلفة". ويقول محللون إن رؤية إسرائيل تخاطر بإبقاء سوريا ضعيفة ومقسمة، وقد يأتي ذلك بنتائج عكسية. قال دانيال شابيرو، السفير الأميركي السابق لدى إسرائيل خلال إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما "لإسرائيل مصلحة مشروعة في ضمان عدم ظهور أي تهديدات ضدها من سوريا. لكن لديها أيضا مصلحة، كما تفعل الولايات المتحدة، في معرفة ما إذا كان الانتقال المستقر في سوريا يمكن أن يترسخ ". وأضاف "إذا استمر الجيش الإسرائيلي في السيطرة على الأراضي السورية والتدخل بقوة، فمن المحتم أن تصبح إسرائيل قضية قوية في السياسة الداخلية السورية".قلق من الدور التركيفي الأشهر الثلاثة التي تلت سقوط بشار الأسد، استهدفت إسرائيل البنية التحتية العسكرية لمنع وقوع الأسلحة في أيدي الإدارة الانتقالية السورية مما أضعف قدراتها العسكرية. في خطاب ألقاه يوم الثلاثاء في قمة عربية في القاهرة، ندد رئيس الإدارة الانتقالية في سوريا أحمد الشرع بالإجراءات الإسرائيلية الأخيرة داخل سوريا. وقال: "منذ أن احتلت إسرائيل الجولان السوري في عام 1967، لم تتوقف أبدا عن انتهاك حقوق شعبنا". وتشعر إسرائيل بالقلق بشكل خاص بشأن الدور الذي تلعبه تركيا في سوريا، مما يجلب نفوذ خصمها الجيوسياسي الرئيسي في المنطقة إلى عتبة بابها لأول مرة. وتركيا أول دولة تعترف بإسرائيل وهي حليفة للولايات المتحدة وعضو في منظمة حلف شمال الأطلسي، لكن العلاقات الإسرائيلية التركية متوترة منذ فترة طويلة، خصوصا منذ بدء الحرب في غزة.الإطاحة بنظام الأسددعمت تركيا عملية الإطاحة بنظام الأسد في ديسمبر، ومنذ ذلك الحين، أعرب المسؤولون الإسرائيليون عن عدم ثقتهم في الشرع لأسباب ليس أقلها علاقاته السابقة بتنظيم "القاعدة". وتسعى الحكومة الإسرائيلية إلى تعزيز العلاقات مع الأقلية الدرزية في إسرائيل وسوريا. وبالنسبة لها، تمثل الروابط العائلية المشتركة والمصالح الأمنية مع الدروز فرصة للبلاد للتحالف مع أقلية قوية تعيش بالقرب من حدودها. وقال أمير أفيفي، المسؤول العسكري الكبير السابق الذي يرأس مركز أبحاث أمني التوجه في إسرائيل "لكي تخلق إسرائيل عمقا إستراتيجيا في سوريا، تحتاج إلى بناء هذا التحالف بين الدروز وإسرائيل".ولمواجهة تركيا، تأمل إسرائيل أيضا في أن تستعيد روسيا موطئ قدم لها في سوريا بعد أن تخلت عن قواعدها خلال القتال الأخير، وفق أفيفي.اتحاد درزي مع سورياوعلى مدى العقد الماضي، شنت إسرائيل مئات الغارات الجوية ضد الأصول العسكرية المرتبطة بإيران في سوريا وكان لديها خط اتصال مفتوح مع روسيا لتجنب الاشتباك. يوم الاثنين، قصفت الطائرات الإسرائيلية مستودعا للأسلحة تابعا لنظام الأسد في القرداحة، حيث كان الهدف على بعد حوالي 40 ميلا شمال طرطوس، وهي مدينة ساحلية استضافت واحدة من قاعدتين روسيتين مهجورتين في سوريا. وأشار بعض الدروز إلى خوفهم من حكام سوريا الجدد وأعربوا عن دعمهم لإسرائيل، بما في ذلك الدعوة إلى انفصال طائفتهم عن دمشق. ومع ذلك، احتج كثيرون آخرون في الشوارع، منددين بطموحات إسرائيل، حيث أعلن القادة الدروز أنهم لا يزالون متحدين مع سوريا. ويشعر بعض قادة المجتمع السوري بالقلق من أن هدف إسرائيل توسعي. ويقولون إن إسرائيل تسيطر اليوم بحكم الأمر الواقع على القنيطرة، وهي واحدة من 3 محافظات سورية متاخمة للحدود الإسرائيلية. وأعرب بعض قادة الطائفة الدرزية في سوريا عن قلقهم من أن أهداف إسرائيل الإقليمية طويلة المدى يمكن أن تؤدي إلى مزيد من عدم الاستقرار في سوريا وتعميق الانقسامات داخل مجتمعاتها، مما قد يؤجج الفوضى على طول الحدود الإسرائيلية. (ترجمات)