تمرّ العلاقات بين إسرائيل و"حزب الله" بمرحلة يسودها التوتّر منذ زمن طويل، إلا أنها زادت في الآونة الأخيرة خصوصا بعد 7 أكتوبر الذي شهد هجوما شنّته "حماس" على جنوب إسرائيل.وتصاعدت الاشتباكات بين الجانبين منذ 8 أكتوبر، وسط تهديد من قادة إسرائيليين سياسيين وعسكريين بالدخول في حرب برية واسعة في لبنان. ويواصل "حزب الله" المدعوم من إيران عملياته العسكرية ضد أهداف إسرائيلية إسنادا لغزة، وفق ما يقول، الأمر الذي أدى إلى إفراغ المناطق الشمالية لإسرائيل من السكان.وفي الوقت الذي تحدّث فيه محللون عسكريون عن أن الأوضاع على الحدود الإسرائيلية اللبنانية باتت على شفا حرب شاملة، يخرج آخرون ليؤكدوا أن "حزب الله" لن يُصعد ضدّ إسرائيل أكثر من ذلك، خصوصا وأن طهران لا تريد توسيع الحرب خوفا من تضرّر مصالحها.ومع اقتراب التوصّل إلى هدنة وصفقة أسرى بين "حماس" في غزة وإسرائيل، باتت التساؤلات تدور حول إمكانية أن يشمل وقف إطلاق النار في القطاع، "حزب الله" أيضا في لبنان. إلا أن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، نفى ذلك مؤخرا، وقال إن العمليات العسكرية الإسرائيلية ضد "حزب الله" في لبنان لن تتوقف حتى وإن تم التوصل لهدنة تُفضي للإفراج عن الأسرى الإسرائيليين في قطاع غزة.وفي الساعات الماضية، نقلت تقارير إسرائيلية أن مسؤولين إسرائيليين أكدوا وجود مؤشرات إيجابية واقتراب إتمام صفقة تبادل الأسرى بين إسرائيل و"حماس".لا اتفاق يشمل "حزب الله" في هذا الإطار، قال الباحث السياسي من رام الله جهاد حرب إنه "لا يعتقد بأنه سيكون هناك اتفاق على وقف إطلاق النار يشمل حزب الله". وأضاف حرب في تصريح لمنصة "المشهد" أن "ما سمعناه خلال الحرب أو منذ بدايتها في خطابات الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصر الله الذي يقول إنه سيتوقف عن إطلاق الصواريخ على إسرائيل عندما تتوقف الحرب في القطاع غزة، تبقى تصريحات مؤقتة". وتابع:أن تنسحب الهدنة على جنوب لبنان بأمر الواقع لعدم قيام الحزب بعمليات أو استهداف مواقع عسكرية في شمال إسرائيل في حال وقف إطلاق النار في غزة، تبقى من الفرضيات القوية.ما شاهدناه اليوم من قصف في البقاع الغربي، سيوتّر الأجواء أكثر ويشير أن إسرائيل يبدو أنها ذاهبة لمواجهة مع لبنان حتى وإن تم الاتفاق على هدنة مؤقتة في غزة.الأحاديث عن انتقال الحرب إلى لبنان، تأتي من أصوات تتصاعد داخل الحكومة الإسرائيلية.مخاطر الحرب مع "حزب الله" هي أكبر بكثير من المخاطر التي واجهتها إسرائيل في قطاع غزة.واعتبر حرب أن الأثمان التي ستدفعها إسرائيل ولبنان ستكون أعلى بكثير حال اندلاع شرارة الحرل بشكل رسمي. وقال:لا أعتقد أن إسرائيل تستطيع كمؤسسة عسكرية الذهاب لهذه الحرب بعدما جرى في قطاع غزة على مدار نحو 5 أشهر، وإنهاك القوة القائمة هناك، ناهيك عن إمكانية توسع الحرب بهذا الاتجاه.الدول الإقليمية وكذلك الولايات المتحدة ستسعى لمنع الوصول إلى حرب شاملة في لبنان؛ لأنها ستُشعل الإقليم بذلك.إمكانية تدخّل إيرانيوالاثنين، قُتل عنصران على الأقل من "حزب الله" من جرّاء غارتين استهدفتا محيط مدينة بعلبك، التي تُعدّ معقل الحزب الرئيسيّ في شرق لبنان، وفق ما أفاد مصدران أمنيان، في ضربات هي الأولى في المنطقة منذ بدء التصعيد.ومن هنا، قال أستاذ العلوم السياسية الدكتور بدر الماضي إن كل السيناريوهات مطروحة، لكن السيناريو الأبعد في التحقيق وهو وقف العمليات والاحتكاكات اليومية مع "حزب الله". وفي حديثه لمنصة "المشهد"، أوضح الماضي "إن ما تمّت الهدنة بين "حماس" وإسرائيل، فإنها ستكون فرصة كبيرة جداً لتل أبيب لمحاولة أيضاً وضع "حزب الله" كهدف أساسي ورئيسي لأي عمليات عسكرية في المستقبل". وشدد على أن إسرائيل تجد الآن بما حدث بعد 7 أكتوبر تحديا أساسيا لوجودها وتحديا مقلقا لتاريخها العسكري ولاستقرارها في المنطقة، وهذا يتفق مع بعض القوى الإقليمية في تقييم خطورة "حزب الله" ووجوده كفاعل لعدم الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط والمنطقة العربية وبالتالي إسرائيل. وأضاف "أرى أن الهدنة لن تشمل "حزب الله" لكن سيقوم الحزب اللبناني مباشرة بعد إعلان أي هدنة، بالتصريح مع جماعة "الحوثي" في اليمن أنهما سيتوقفان عن أي احتكاكات مع إسرائيل".فترة ساخنة على حدود لبنانوأكد أن وقف إطلاق النار من قبل "حزب الله" و"الحوثيين" لن يكون حبل النجاة لهما، خصوصا وأن الإسرائيليين مُصرّون تماما على محاولة إضعاف القدرات العسكرية للحزب اللبناني، إلا إذا كان هناك توافق بين إيران وإسرائيل عبر أي طرف آخر بأن "حزب الله" لن يقوم بأي هجوم حقيقي وعسكري في المستقبل لزعزعة الاستقرار والأمن الإسرائيلي. ودلّل الماضي كلامه، بأن "حزب الله" لم يتدخّل حقيقة في الحرب الجارية في غزة بشكل فعلي، وبقيت تحركاته عبارة عن مناوشات، وإرسال رسائل بين الطرفين ولكن لم يحقق ما كانت تتمناه "حماس" وحركات المقاومة حول العالم. وقال إن الفترة المقبلة ستكون ساخنة على حدود لبنان، إلا إذا تدخلت طهران وحاولت تنفيذ توازن مهم جداً بين إسرائيل و"حزب الله". وأكد الماضي أنه ستكون هناك مهمة ليست فقط لإسرائيل ولكن للولايات المتحدة وبعض الأطراف العربية في محاولة استغلال الفرصة، وقد تكون فرصة ذهبية من أجل القضاء على قدرات "حزب الله" أو القضاء على أي إمكانية لأن يكون الحزب عاملا مهدّدا للاستقرار في المنطقة العربية والأمن الإسرائيلي.(المشهد)