في حادثة هي الأولى من نوعها منذ بداية الحرب في غزة، والتصعيد بين إسرائيل و"حزب الله"، انفجرت أجهزة اتصال يحملها عناصر من الحزب في عدد من المناطق اللبنانية، من ضمنها المعاقل الأساسية للحزب في الضاحية الجنوبية لبيروت والبقاع.وقالت وسائل إعلام لبنانية، إنّ إسرائيل فجّرت جميع أجهزة الاتصال اللاسلكي العاملة على شبكة اتصالات "حزب الله" من نوع "Pagers" من خلال تكنولوجيا عالية الدقة، ما أدى إلى إصابة كل من يحمل هذا الجهاز.وطلبت وزارة الصحة اللبنانية من المستشفيات رفع جاهزيتها ومستوى استعداداتها لتلبية الحاجة السريعة لخدمات الطوارئ بعد إصابة العشرات بانفجار الأجهزة التي كانوا يحملونها، بالتزامن مع مطالبتها جميع المواطنين من مستخدمي أجهزة الاتصال من هذا النوع برميها بعيداً فوراً.سبب انفجار أجهزة بيجر للاتصال فى لبنانويشير خبراء لمنصة "المشهد" أن ما حدث في لبنان اليوم سببه "اختراق إسرائيلي" بوساطة تقنية لاسلكية عبر جهاز بيجر. في السياق، يقول المحلل العسكري سمير راغب إنه "عندما تصل إسرائيل إلى تردّد الجهاز، يتم إرسال نبضة كهربائية بفولتاج عال يٌحدث انفجارا شبيها بالانفجار الذي تتسبب به القنبلة".وحول ما إذا كان "حزب الله" قد أخذ احتياطاته بشأن عمليات من هذا النوع، يشير راغب إلى أنه "من الصعب اتّخاذ الاحتياط لأن بعض الأجهزة تكون خاصة بالشخصيات المهمة جداً بأنظمة حماية عالية، لكن الجهاز المذكور هو من النوع البسيط ومن السهل بالنسبة للعدو الحصول على تردداته سواء كان الجهاز من النوع اللاسلكي أو النوع الذي يستخدم شبكات الاتصال الخلوية". ويرى راغب أن "الوقاية في مثل هذه الحالات تكون بعدم استخدام أجهزة اللاسلكي أو استخدامها من خلال سماعات لكي لا يصاب المستخدم بالأذى في حال انفجار الجهاز الذي سيكون بعيداً عن أذنه أو يديه". من جهته، يشرح الخبير بتكنولوجيا المعلومات مصطفى أبو جمرة لـ"المشهد" أن "إسرائيل تمكنت من فك تشفير الإشارات اللاسلكية، وباتت قادرة أن تتحكم فيها مثل أي شخص مرسل من داخل الشبكة ويغير طريقة عملها، فقامت بإرسال أوامر أدت إلى حصول التفجير من خلال طرق عدة، مثلا عبر زيادة قوة الطاقة فيها ما يؤدي إلى تفجيرها أو يسخن الجهاز ويدمره بالكامل في المكان الموجود فيه". وأضاف أبو جمرة:خرق شبكة "حزب الله" يعتبر خطوة مهمة لصعوبته، الذي يتطلب عملا كبيرا من قبل الجهة التي تريد خرق منصات الاتصالات السرية.الأمر ليس سهلا، لكن إسرائيل معروفة بقدرتها الكبيرة على الاختراق، وبامتلاكها تقنيات تستطيع من خلالها اختراق ما تريد.هناك شبكات مؤمّنة بشكل يصعب اختراقها، مثل شبكة "3G" حيث لا يمكن لأي أحد اختراق البيانات المشفرة على نطاقها.هناك شبكات يسهل اختراقها مثل "GPRS".اختراق أمني غير مسبوق في هذا الإطار، يؤكد الخبري العسكري إسماعيل أيوب لمنصة "المشهد" أن "هذا الحدث خطير جدا واختراق إستراتيجي، أجهزة الاتصال المتفجرة تُصنع من قبل دول عظمى، وأيضا تُصنع من قبل إسرائيل في شركة "بيغاسوس" الشهيرة، وتستخدم من قبل أجهزة مخابرات، وهذا يعني أن الحزب مخترق اختراقا كبيرا جدا". ويبيّن أيوب أن الشخص الذي عقد صفقة هذه الأجهزة أو الذي استوردها، يعني ربما يكون هو الشخص الذي على صلة بالموساد أو الجهة المسؤولة عن التفجير. من المعروف أن تنظيمات مثل "حزب الله" لها أجهزة استخبارات قوية تتابع هذه المواضيع، وحتى لو وردت أجهزة اتصال من قبل إيران، هناك قسم يفحص هذه الأجهزة ويختبرها". من الناحية التقنية، يشرح أيوب: الشركات الكبرى التي تصنّع أجهزة الاتصال يمكن أن تصنعها من مواد قابلة للانفجار. يكون على الأجهزة كودات تشغيل مرتبطة بالأقمار الاصطناعية، ولديها أرقام متسلسلة. عندما تعمل هذه الأجهزة يتم التنصت عليها بشكل دقيق جدا، وبالتالي يمكن من خلال تحليل البيانات تحديد أو تقدير من هو الشخص الذي يستعمل هذا الجهاز ودرجة أهميته، وبالتالي يمكن تفعيل أجهزة التفجير من خلال منظومات فضائية، أو طائرات مسيرة. هذه العملية قديمة وسهلة وليست معقدة، إذ يتم تفجير الجهاز عن بعد، نتيجة امتلاك الجهة المفجرة للكود والأرقام التسلسلية، والكودات الخاصة بعملية التفجير. ليس بعيدا عن أجهزة المخابرات أو الموساد الإسرائيلي بأن يكون قد سرب هذه الأجهزة إلى "حزب الله". المفاجئ أن يكون الحزب على درجة عالية من هذا الاختراق، وبالتالي عليه أن يراجع حالته الأمنية. الخطوة الأولى التي يجب أن يقوم بها "حزب الله" الآن هو سحب كل هذه الأجهزة من التداول، والاعتماد على أجهزة ربما تكون محلية الصنع، أو المراسلة التقليدية بالورق أو الشخصية.أجهزة بيجر "Pager"وحول طبيعة الأجهزة التي تم اختراقها (pager)، تقول خبيرة أمن المعلومات إنجي السبكي في تصريح إلى منصة "المشهد" إن "pager هو جهاز اتصالات صغير يعتمد على نقل الترددات الراديوية بين شبكات الترحيل (Paging Network) والأجهزة. هذا النوع من بروتوكولات الاتصالات قديم ويشوبه ثغرات أمنية عديدة كما يفتقد للتشفير في نقل الرسائل مما يسهل عملية اختراقه بعدة طرق و منها: اعتراض الرسائل Message Inspection بجهاز صغير(radio scanner) مما يجعل المخترق يستطيع استراق السمع لترددات الراديو المختلفة ويمكنه ضبطها على نطاقات مختلفة. كما يمكنه أيضا الربط علي النطاق نفسه والتردد في غياب التشفير والإجراءات الأمنية مما يجعله قادرا على تعديل الرسائل الأصلية وإعادة إرسالها (Replay Attacks) أو إرسال رسائل مخادعة (Spoofed Messages) تبدو وكأنها من مصدر موثوق منه بتقليد إشارته والتي يمكن أن تحتوي علي تعليمات ضارة (Malicious Instructions).تلك الأجهزة القديمة تستخدم بروتوكولات غير آمنة (Post Office Code Standardization Advisory Group)& FLEX and POCSAG والتي تفتقد التشفير في نقل البيانات فتتيح للمخترق الوصول للصورة الأصلية للبيانات المنقولة عبر تلك الترددات بسهولة ومن ثم تضمين بعض الأوامر الضارة (Malicious Instructions/Messages Injection) بدلا عن الأصلية أيضا يمكن للمخترق الوصول والتحكم في الأجهزة وإعطاؤها بعض الأوامر الضارة عن بعد إذا تمكن من الوصول والتحكم في البنية التحتية لشبكة التحكم الخلفية للأجهزة (Backdoor Access Via Network Infrastructure) ومن المرجح أن يكون بعض هذه الطرق هو ما تم استخدامه لشن هجوم اليوم على "حزب الله" بلبنان.عيون إسرائيل على لبنان وفي وقت سابق، أكدت الإذاعة الرسمية الإسرائيلية أن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت وقيادة المنظومة الأمنية يجرون مشاورات مكثفة منذ الصباح بشأن لبنان. في السياق ذاته، قال مسؤولون إسرائيليون إنهم قلقون من أن امتلاك "حزب الله" نحو 100 ألف صاروخ قد يسبّب أضرارا واسعة في إسرائيل، مشيرين إلى أن "صقور إسرائيل الذين يطالبون بحرب مع لبنان يجهلون صعوبة حصولنا على ذخائر هجومية". وقالت مصادر أمنية إن أجهزة الاتصال التي انفجرت في لبنان هي أحدث طراز يجلبه "حزب الله" في الأشهر القليلة الماضية. هذا ونقلت وكالة "أسوشيتد برس" عن مسؤول لبناني قوله إنه من المعتقد أن استهداف أجهزة الاتصال هو نتيجة هجوم إسرائيلي، فيما لم تعلق إسرائيل رسميا حتى الآن. بالمقابل، قالت وسائل إعلام إسرائيلية إن مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو طلب من الوزراء عدم إجراء مقابلات أو التعليق على انفجار أجهزة الاتصال في لبنان.وأفادت صحيفة "يديعوت أحرونوت" أن مستشار رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو حذف تغريدته التي أشار فيها لمسؤولية إسرائيل عن هجمات بيروت بعد دقائق من نشرها.فيما قالت القناة الـ12 الإسرائيلية إن مستشار نتانياهو ألمح إلى أن إسرائيل تقف وراء تفجير أجهزة اتصال في لبنان.(المشهد )