"أبو حفص الهاشمي القرشي" الزعيم الجديد لتنظيم داعش، خلفا لأبي الحسين الحسيني القرشي الذي قُتل في سوريا، وفقا لما أعلنه التنظيم اليوم الخميس.وقال المتحدّث باسم التنظيم أبو حذيفة الأنصاري في تسجيل نشرته حسابات على تطبيق تيليغرام "لقد قتل الشيخ بعد مواجهة مباشرة (...) في إحدى بلدات ريف إدلب إثر محاولتهم أسره". ولم يحدّد التنظيم مكانا أو زمانا محدّدا لمقتل زعيمه. وفي أبريل، قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إن الاستخبارات التركية كانت تتعقب منذ زمن أبو الحسين القرشي، وتمكنت من القضاء عليه خلال عملية نفذّها جهاز الاستخبارات التركي في سوريا.في الشهر نفسه، أعلنت واشنطن مقتل قيادي بارز في تنظيم "داعش" بغارة في شمال سوريا، لكن لم يُكشف عن هوية القائد المستهدف.ولفهم دلالات إعلان داعش مقتل زعيمه وتعيين خلف له، منصة "المشهد" حاورت الباحث في شؤون الجماعات المسحلة أحمد سلطان.من هو أبو حفص الهاشمي القرشي؟أحمد سلطان: أبو حفص الهاشمي هي كنية جديدة لأحد قادة التنظيم المخضرمين الذين حضروا ما يُعرف بالجهاد العراقي وهو غير معروف على وجه التحديد، لأن التنظيم يسعى لاختيار كنية جديدة لقيادي كان يحمل اسما آخر أو اسما حركيا بهدف تضليل أجهزة الأمن والاستخبارات ويعيق التوصل إلى هويته الحقيقية.وهذا تكتيك يلجأ إليه تنظيم داعش بعد مقتل أبو عمر البغدادي أمير تنظيم دولة العراق الإسلامية النسخة الأسبق لداعش في عام 2010.من قتل الزعيم السابق للتنظيم، تركيا أم أميركا؟أحمد سلطان: لا تركيا ولا أميركا المسؤول عن مقتل أمير تنظيم داعش بل قُتل في اشتباك مع هيئة تحرير الشام في ريف إدلب في وقت غير محدد لكنه يتوقع أنه كان في أبريل الماضي.هيئة تحرير الشام سلّمت الجثة إلى الجانب التركي الذي أعلن بدوره أنه قتل في عملية للاستخبارات التركية في جندريس وهذه المعلومة خاطئة، مما يعني أن الرئيس التركي كان يبحث عن مكسب سياسي من تسويق مقتل خليفة داعش أبو الحسين الحسيني.ماذا يعني الإعلان عن تعيين قائد جديد في هذا التوقيت وبعد 3 أشهر تقريبا من تقارير عن مقتله؟أحمد سلطان: التنظيم يأخذ وقته حتى يجمع أهل الحل والعقد أو ما يُعرف بمجلس شورى التنظيم ويختار خليفة آخر، فضلا عن كون التنظيم قبل مقتل أبو الحسين الحسيني كان قد تلقى ضربة قوية بمقتل أمير الإدارة العامة للولايات أبو سارة العراقي أو عبد الرؤوف المهاجر.وهذا الشخص كان شخصية محورية داخل داعش في سوريا، فكانت قيادة داعش في حالة ضعيفة ويصعب التواصل بين أمراء الإدارة العامة للولايات. لذا استغرق التنظيم وقتا حتى يختار خليفة آخر وبيعة هذا الأخير بالإمارة ثم تم الإعلان عن توليه.لماذا جميع "خلفاء" البغدادي مدة "إمارتهم" قصيرة؟ هل هذا يدلّ على ضعف التنظيم؟أحمد سلطان: تنظيم داعش في الوقت الحالي ليس لدى قادته ملاجئ آمنة يمكن اللجوء إليها وغالبية المناطق التي يتواجد فيها قادة داعش هي بيئات عدائية إما إدلب أو جنوب سوريا.وهذه الأماكن ليس فيها وجود راسخ أو قوي للتنظيم وبالتالي يمكن الكشف عليهم بسهولة سواء من خلال خلايا الدعم اللوجيستي حيث يتم التوصل إليهم من خلال استخبارات الإشارة، مثل ما حصل مع أبو إبراهيم القرشي الذي تمّ تتبعه أثناء قيادته لمعركة غويران لأنه كان على تواصل مع المنفذين. في ظل الضعف الذي تعيشه "داعش" في منطقة "الشام"، هل يمكن أن يغيّر التنظيم مركز "الخلافة"؟أحمد سلطان: خلال الفترة الأخيرة كان هناك انتقادات لتمركز قوة التنظيم في الشام. الحقيقة أن هذه المنطقة هي عقل أو مخ التنظيم المحرّك لأن بها مقر الإدارة العامة للولايات. وهذه الإدارة تتحكم في أفرع داعش الخارجية وهي مكتب الفرقان في غرب إفريقيا ومنطقة الساحل والصحراء، مكتب الكرّار في الصومال، مكتب الصدّيق في أفغانستان، مكتب أم القرى في الجزيرة العربية وهذا جرى تقويضه، مكتب دنيوراين في سيناء الذي جرى تقويضه أيضا، إضافة إلى مكتب الشام (الأرض المباركة) ومكتب العراق.مكتب الشام هو عقل التنظيم والمكاتب الأخرى تعمل على القيادة الإقليمية في المناطق التي توجد بها. هناك انتقادات لاذعة لمكتب الشام وتتّهم بأنها أصبحت مخترقة من الجواسيس ومعلومات التنظيم باتت مكشوفة إلى حد كبير. هناك مطالب بنقل ثقل التنظيم من الشام، لكن هذا لن يحدث لأن هناك هيكلين تنظيميين، الأول هو ولاية العراق وهي منفصلة من الناحية الإدارية، والثاني ولاية الشام المرتبطة بالمكاتب الخارجية التي سبق ذكرها.الحل إما أن ينقل التنظيم مركز ثقله بالكامل إلى العراق، والساحة العراقية لا تستوعب هذا في الوقت الحالي، أو ينقله إلى خارج سوريا وهذا سيمثل ضربة للقيادة والسيطرة في التنظيم، والقادة لا يرغبون حاليا في نقل المركز إلى خارج سوريا. هل أثار مقتل الحسيني القرشي خلافات داخل التنظيم خصوصا في ظل استهداف متكرّر لداعش؟أحمد سلطان: حدث نوع من السجال الداخلي خلال الفترة الأخيرة مع طول المدة التي استغرقها التنظيم للإعلان عن مقتل الحسيني، هناك تبادل اتهامات بالخيانة، ولكن لم تحدث انشقاقات داخلية مازال التنظيم موجودا ولديه عشرات الخلايا المتناثرة في العراق وسوريا ودول أخرى ولديه شبكة عالمية يمكن أن يموّل بها التنظيم.قُتل قائد التنظيم لكن داعش لم تختفِ، لأن القائد هو مجرد رمز يحشد خلفه أفرع ومجموعات التنظيم، لذا فمقتله ضربة رمزية أكثر منها ضربة عملياتية تؤثر على خطط داعش المستقبلية. (المشهد)