بعد أن قضت محكمة الجنايات في باريس الجمعة بسجن الفنان المغربي 6 سنوات لإدانته بالاعتداء الجنسي على الشابة الفرنسية بورا بريول عام 2016، كثرت التساؤلات عما بقي بمقدور سعد لمجرّد أن يفعله لمحاولة التخفيف من الحكم الصادر بحقه.وجاء في الحكم الذي قرأته المحكمة أمام الحضور الحاشد الذي ملأ قاعتين وضم المدعية لورا ووالدتها، وزوجة سعد التي بدت متوترة للغاية، أن المغني المغربي مذنب بأغلبية الأصوات والعقوبة هي السجن لمدة 6 سنوات.الاقتناع بالاعترافعلى الصعيد القانوني، فإنه وفيما يتعلق باعتراف لمجرّد، قالت المحامية اللبنانية دانا حمدان إن "هناك مبدأ أساسيا بالقضايا الجزائية وهو الاقتناع الداخلي وبموجبه يعود القاضي للحكم على ضوء الأدلة المعروضة عليه". وأضافت "من بين الأدلة ووسائل الإثبات هو اعتراف المتهم في الجريمة المنسوبة إليه، وبينت "أيضا هناك مبدأ أساسي لم يعد الاعتراف يؤخذ به إلا إذا كان معززا بأمور أخرى وشكّل قناعة كافية لدى القاضي وأن يكون مطابقا للحقيقة". حمدان أكدت أن "الاعتراف يعود لسلطة تقديرية للمحكمة لتأخذ به أو تهمله على ضوء القضية المعروضة لديها". وقالت "بطبيعة الحال، إن تواجد الاعتراف يجب أن يكون صادرا عن إرادة حرة وواعية بعيدا عن أي ضغط أو إكراه وهناك شروط معينة للأخذ بالاعتراف واعتبارها وسيلة إثبات". وأشارت إلى أن "هذا الاعتراف يسهّل الإجراءات ولكن يجب أن يتعزّز بأمور عدة كالرشوة مثلا حيث يجب أن يعترف الراشي قبل إحالة القضية للمحكمة". الاعتراف المسبق يؤدي وفق حمدان "إلى إعفاء من العقوبة ويؤخد الاعتراف بداية القضية في قضايا صغيرة جدا ولكن بباقي القضايا الكبرى لا يعد الاعتراف ذا أثر كبير".أسباب التبريروفيما يتعلق بقضية تعاطي الكحول أو المخدرات التي اتهم بها لمجرد، قالت حمدان إن "هنالك أسباب مؤثرة في العقوبة من بينها أسباب التبرير وفئة أخرى هي موانع العقاب". لمجرّد أنكر إدانته بتهمة الاغتصاب في القضية، لكنه اعترف بضرب الضحية مبررا ذلك بـ"تعاطيه الكحول والكوكايين". وفي هذا السياق، لفتت القانونية اللبنانية إلى أن السُكر والتخدير يندرجان تحت موانع العقاب وأن معظم من يرتكبون هذه الجرائم يعترفون بأنهم كانوا تحت وطأة السكر والتخدير محاولة منهم للإعفاء من الجريمة والإفلات من العقوبة. وأوضحت أن هذا الموضوع دقيق جدا ويتميز بحالات معينة على أساسها قد يكون سببا لتخفيف للعقوبة او تشديدها. وبشكل عام، فإن القضاء "يُميز بين 4 حالات، أولها السكر والتخدير الكامل غير الاختياري الذي يؤدي للإعفاء من العقوبة، وثاني حالة هي السكر والتخدير الجزئي غير الاختياري يؤدي لتخفيف المسؤولية عنه"، وفق حمدان. الحالة الثالثة، وفق حمدان، تدور حول السكر والتخدير الاختياري، ويتم التصرّف معه بطريقتين الأولى منها إن كانت حالة سكر وتخدير خطأ من الفاعل وفق شروط أعمال مسؤوليته كتوفر جريمة مقصودة وإلا إن كانت جريمة غير مقصودة لا يؤدي إلى قيام مسؤوليته. أما الطريقة الثانية فهي "إن كان السكر والتخدير اختياري منه مع توقع قيام جريمة منه بحمل سلاح لوقت طويل وإمكانية استعمال السلاح في حالة السكر". والحالة الرابعة بحسب حمدان، فهي حالة دقيقة جدا، بحسب يكون فيها السكر والتخدير لهدف ارتكاب جريمة وهذه الحالة تؤدي لتشديد العقوبة.ما عقوبة الضرب؟وأشارت المحامية اللبنانية تعليقا على صورة الفتاة وقد تعرّضت للضرب، أن هذا الفعل يندرج ضمن جريمة أخرى، وبينت أنه "قضائيا الفعل عندما يُرتكب قد يعطى تكييفا قانونيا آخر، فالضرب يندرج تحت جريمة الإيذاء ومدى الأثر الذي تركه فعل الضرب". وأضافت حمدان "قد يتحول إلى جنحة أو جناية على حسب الأثر ومدة التعطل عن العمل والمرض إن أدى إلى عاهة أو إلى غير ذلك. مسألة الضرب لا تعدّ وسيلة للتهرب من جريمة الاغتصاب وقد يؤدي تكييف الفعل الإجرامي إلى جريمة أخرى". وأكدت أن أسباب التبرير، فإن المشرّع عبر عنها بقول "لا جريمة"، لأنه إذا توفر سبب التبرير فإن الفاعل يصبح غير مسؤول جزائيا أو مدنيا. وختمت حمدان حديثها حول موانع العقاب وقالت إن المشرّع قال إنه "لا عقاب"، ويعني ذلك أنها تعفي من المسؤولية الجزائية ولكن لا تمنع من المسؤولية المدنية في بعض الأحوال. وفيما يخص الأعذار المحلّة، فلا تؤثر بمسؤولية الفاعل الجزائية أو المدنية، بحسب القانونية. وأضافت "نذكر كلمة الإعفاء من المسؤولية وليس الإعفاء من العقوبة ونحن المسؤولية لدينا قد تكون مدنية أو جزائية. فالمفهوم الصحيح الذي يُستعمل في موانع العقاب التي من بينها السكر والتخدير يؤدي إلى الإعفاء من المسؤولية". (المشهد)