بعد قرن من تأسيس جمهوريتها، تفرز تركيا المنقسمة بشدة أصوات صناديق الاقتراع منذ ظهر يوم الأحد لاختيار رئيسها الجديد وتجديد برلمانها. وكما جرت العادة في الانتخابات التركية السابقة، تبدأ وكالة الأناضول التابعة للحكومة بنشر النتائج الأولية، وغالبا ما تعطي فرقا شاسعا بين المرشحين لصالح الرئيس التركي الحالي رجب طيب إردوغان مقابل مرشح الرئاسة من المعارضة.وفي بداية الإعلان عن النتائج، قالت الأناضول إن إردوغان حصل على نسبة 59% مقابل 35% لكمال كليجدار أوغلو بعد فرز 2% من الأصوات، لكن سرعان ما بدأت النسب في التقارب، ويرى خبراء أن النتيجة النهائية ستكون متقاربة جدا بين المرشحين.في المقابل، خرج المعارض التركي كليجدار أوغلو ليؤكد تصدره نتائج الانتخابات الرئاسية، كما أن رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو قال إن البيانات الحالية تظهر أن كليجدار أوغلو سيكون الرئيس القادم.وقالت وسائل إعلام تركية إن نسبة المشاركة الأولية في الانتخابات وصلت إلى نحو 89%، وهي نسبة تُقارب تلك المسجلة في انتخابات 2018 التي فاز فيها إردوغان، حيث شارك في الانتخابات 88.19% من الناخبين. وتشير وسائل الإعلام الرسمية إلى تقدم إردوغان على كليجدار أوغلو بعد فرز نحو نصف الأصوات.الأتراك يريدون التغييرتعليقا على نسبة المشاركة الأولية في الانتخابات التركية، قال المحلل السياسي التركي جواد كوك إن المشاركة الكبيرة هي دليل على رغبة الأتراك في التغيير.وأضاف في حديث لمنصة "المشهد": "هناك من يريد التخلص من إردوغان بأي شكل من الأشكال وهناك من يدعمه إلى آخر رمق"، وتابع:المنافسة قوية هذه المرة بين إردوغان والمعارضة.المعارضة كانت موحدة ودعمها قيادات الأحزاب الكردية. في المقابل كان هناك قومية دفعت أتباع إردوغان للنزول إلى الساحة بقوة خوفا من الخسارة.النسبة الفارقة بين إردوغان وكليجدار أوغلو ستنقص ويكون هناك تقارب بعد فرز أصوات إسطنبول وإزمير.المدن الشرقية تدعم المعارضة وهناك أرقام تسجل تقدم كليجدار أوغلو.في السياق ذاته، يقول الأكاديمي والباحث في العلوم السياسية الدكتور مهند حافظ أوغلو إن نسبة المشاركة العالية تفوق النسبة المسجلة في انتخابات عام 2018.وكشف حافظ أوغلو في حديث لمنصة "المشهد" أن نسبة المشاركة تفوق نسبة كل الانتخابات الماضية حتى إنها في بعض الإحصائيات الرسمية لامست 90%، "هذا رقم رهيب وأكثر من رائع".واعتبر حافظ أوغلو أن نسبة المشاركة العالية تدل على أن الشعب التركي بأجمله يريد أن يكون له تأثير في سياسة تركيا المستقبلية ويريد أن يقول كلمته.الدائرة الرمادية تحدّدوأوضح الأكاديمي التركي أن هناك أكثر من 20% من المشاركين من الدائرة الرمادية التي لم تكن في الماضي تذهب جميعها إلى الانتخاب لأن كان هناك النظام البرلماني سائدا وبالتالي أغلب هذه الفئة كان يقاطع الانتخابات.ويشير المتحدث ذاته إلى أن الدائرة الرمادية هي لسيت محزبة ولا تتبنى أي أيديولوجية وليست تحت جناح تحالف الجمهور أو الطاولة السداسية، "هؤلاء هم بيضة القبان أو ميزان الانتخابات التركية".وتشمل الفئة الرمادية التي تسمى أيضا بفئة المترددين: فئة الشباب الذين يصوتون للمرة الأولى وفئة المتضررين من الزلزال الذين كانوا في الانتخابات الماضية مع إردوغان.وقال حافظ أوغلو إن هذه الفئة الرمادية تريد أن تقول كلمتها وأن تتجه وتدلي بصوتها لترجح كفة على أخرى، لأن "الوضع خطير بين قاعدة تؤكد استمرارها وثباتها وقوتها وقاعدة تريد التغيير وإن كان نغييرا مجهولا"، على حد تعبيره.واعتبر حافظ أوغلو أن الفئة الرمادية من خلال مشاركتها الكثيفة في هذه الانتخابات تؤسس لاستقلال جديد لجمهوية تركيا، مبينا أنه لو كان النظام البرلماني لا يزال موجودا ستكون الانتخابات أسهل لإردوغان على عكس الوضع حاليا مع النظام الرئاسي.وقال حافظ أوغلو أن لاشيء سيحسم إلا بعد فرز أكثر من 80% من الأصوات، مؤكدا أنه لا يمكن التعويل على أي منطقة أو مدينة مهما كبرت أو صغرت لأن الانتخابات الحالية تجري فوق أرض نفسية باردة بعد الزلزال الذي ضرب 10 محافظات تركية. استمرار فرز النتائجوتستمر النتائج الأولية للانتخابات الرئاسية والبرلمانية الرئيسية في تركيا في الظهور بعد أن أدلى نحو 61 مليون مواطن بأصواتهم يوم الأحد.وتظهر بيانات غير رسمية من العاصمة أنقرة حتى الآن أنه تم فتح 21.69% من صناديق الاقتراع وأن الرئيس رجب طيب إردوغان، الذي يسعى لإعادة انتخابه ، يتقدم على منافسيه.وجاء في النتائج أن إردوغان يحتل الصدارة في العاصمة بنسبة 53.26%، بينما حصل منافسه الرئيسي كمال كليجدار أوغلو على 39.35% من الأصوات.ونجح المرشح الثالث سنان أوغان في حصد 6.85% من الأصوات بينما حصل منافس آخر محرم إنجه على 0.54% على الرغم من انسحابه من السباق في وقت سابق يوم الخميس.على الرغم من انسحابه ، أكد المجلس الأعلى للانتخابات (YSK) - السلطة الانتخابية في تركيا - صحة الأصوات لصالح إنجه.وتم تسجيل أكثر من 64.1 مليون شخص للتصويت، بما في ذلك أكثر من 1.76 مليون ممن أدلوا بأصواتهم بالفعل في الخارج و 4.9 مليون ناخب لأول مرة.وأدلى كل ناخب بصوتين، أحدهما للرئيس والآخر للبرلمانيين.ويتنافس في الانتخابات أكثر من 30 حزبا سياسيا و150 مرشحا برلمانيا مستقلا.(المشهد)