المنظر من نافذة مطبخ عائلة المدلل في رفح، ليس سوى ركام تحيط به أكوام من الأنقاض، التي كانت في السابق منازل لجيرانهم، حيث أحدثت الهجمات الإسرائيلية فجوات كبيرة في ما تبقى من الجدران، وتركت أكواما من الزجاج المكسور والخرسانة التي تتشقق في الهواء الصامت عندما يدوسها الناس.وقالت شهد المدلل، وهي طالبة تبلغ من العمر 21 عاماً أمضت الأشهر الأربعة الأخيرة في منزل عائلتها في رفح لصحيفة "الغارديان": "استهدافنا الجيش الإسرائيلي 3 مرات عن يمين منزلنا وشماله، وخلفه، نحن الآن نمزح قائلين: نحن التاليون!".وتحكي المدلل القصة قائلةً: "اعتدنا أن نسمع أصوات الأخرين وهم يموتون، نشعر أن الموت قريب وكأنه يحوم حولنا، الجثث والأنقاض في كل اتجاه".الدمار في كل مكانوتصف المدلل حالة والدتها، تقول: "كثيراً ما ترفض والدتي نعيمة، النظر من النافذة، مذعورة من الدمار، وننام جميعاً في منزل أحد أقاربنا خوفاً من المزيد من الضربات، مضيفة: لقد أُصبتُ عدة مرات عندما كنت أقف بالقرب من النوافذ، حاولنا وضع أكياس بلاستيكية على الفجوات لمنع المطر، لكن هذا لا يفعل الكثي".وعلى الرغم من العمل اليائس الذي قامت به شهد، وهي شابة فلسطينية تحمل الجنسية الأيرلندية، على مدار أشهر لمحاولة الإخلاء مع والديها، لكنها وضعت أمام خيارين كلاهما أقسى من الآخر، فإما أن ينفصلوا ويتركوا وراءهم والدها وليد المريض، أو البقاء معًا والمخاطرة بالموت.وبعد الغارات الجوية الإسرائيلية المكثفة على رفح، خصوصا بعد تلك الليلة المميتة بشكل خاص في منتصف فبراير، عندما قامت القوات الإسرائيلية بعملية نادرة لإنقاذ أسيرين، وأسفرت الغارات الجوية عن مقتل 67 شخصًا على الأقل في رفح.تقول شهد: "في ذلك الصباح، لم أستطع التفكير في أي مكان أذهب إليه، فكرت في الحدود، وعجزت عن التصديق أنني تمكنت من البقاء على قيد الحياة".كما قررت شهد بعد تلك الليلة المغادرة. وأضافت: "شعرت أن الكيل قد طفح، أحمل جواز سفر أيرلنديًا ويحمل والداي تأشيرات أيرلندية لأنها هي الجهة الوحيدة التي تتولى رعايتنا، لكن السلطات الإسرائيلية رفضت إضافة والدي إلى القائمة التي أعدتها السلطات المصرية للأشخاص الذين تمت الموافقة على عبورهم عبر معبر رفح للخروج من غزة".الطريق إلى الحدودتتدهور صحة وليد، ما يجعل تركه وراءهم أمرًا لا يمكن تصوره، انتظرت عائلة المدلل طوال اليوم عند المعبر لمعرفة ما إذا كان من الممكن أن تتغير الأمور.قالت شهد: "لقد كانت هناك خطوتان فقط للوصول إلى مكان أكثر أمانًا على الحدود، رأيناهم يرفضون العديد من الرجال يبدو الأمر وكأنهم يريدون فصل العائلات، إذا كنت تريد النجاة حيًا عليك أن تنفصل.وبعد الانتظار حتى الساعة 10 مساءً، قالت شهد إن العائلة قامت برحلة مرعبة للعودة إلى منزلها وسط الغارات الجوية، مضيفة: "لم نكن نعرف ما إذا كنا سنعيش حتى صباح اليوم التالي، في كل دقيقة هنا في غزة يبدو من المستحيل أن نعيشها، إنها مثل معركة جديدة من أجل البقاء ما زلنا ننتظر، هذا ما ألقى بنا إلى المجهول".ودعت منظمة العفو الدولية إلى التحقيق في العديد من الغارات على حي الزهور باعتبارها جرائم حرب بعد أن صعدت القوات الإسرائيلية ضرباتها على رفح، ويهدد المسؤولون، بمن فيهم رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو، بغزو بري للمنطقة في الأسابيع المقبلة للمنطقة التي يقيم ما يقدر بنحو 1.5 مليون شخص.(ترجمات)