أدت الغارات الإسرائيلية والقصف المكثف على أرجاء قطاع غزة، إلى تحول الحياة فيها إلى صراع يومي من أجل البقاء، حيث تعطّل القطاع التعليمي برمته، بعد أن أتت الحرب الإسرائيليّة على عدد هائل من المدارس، وحُرم آلاف التلاميذ من تحصيل دروسهم ومن صفوفهم المدرسية.تقارير أصدرتها وزارة التربية والتعليم الفلسطينية أفادت مقتل 4 آلاف طالب، وسقوط 6 آلاف جريح، فيما قتل 300 من الكادر التعليمي، وأصيب ألف بجراح بالغة، وهي أوضاع عصيبة يعيشها طلبة غزة تحت نيران القصف والبؤس والحرمان. حال المدارس في غزة كشفت علا عوض رئيسة الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني خلال حديثه مع منصة "المشهد"، عن أعداد الطلبة الغزيين وأحوال المدارس في ظل الحرب، قائلة: "منذ السابع من أكتوبر، انقطع مئات الآلاف من الطلبة في غزة عن دراستهم، كما نزح الطلاب من مناطق سكنهم، وقتل المئات منهم، وبفعل القصف الجوي والمدفعي، جرى تعطيل جميع المدارس في قطاع غزة، وحرم نحو 608 آلاف طالب وطالبة من حقهم في التعليم المدرسي، كما جرى استخدام 70 مبنى مدرسياً حكومياً، و145 مبنى مدرسياً تابعاً لوكالة الغوث، مراكز إيواء للنازحين في قطاع غزة". وتضيف عوض "لا يوجد أي شكل من أشكال الدراسة أو التعليم في قطاع غزة حالياً، للأسف الصورة قاتمة، ولا يمكن أن يتنبأ أحد بمستقبل واقع هذه العملية إلا بعد أن تضع الحرب أوزارها تماماً. الطلاب في غزة متضررون بصورة كبيرة، إذ إن معظم سكان غزة هم في عداد النازحين ويعيشون ظروفاً إنسانية كارثية، ومعظم طلاب وطالبات الأونروا يتخذون من مدارسهم ملجأ للسكن يمضون فيه ساعات النهار وينامون داخل الفصول الدراسية". استهداف ممنهجمن جهته، أكد صادق الخضور المتحدث باسم وزارة التربية والتعليم الفلسطينية لمنصة "المشهد" أن الحرب استهدفت ودمرت 90% من الأبنية التعليمية الموجودة في غزة، "أتون الحرب، قضت على 92 مدرسة وجامعة بشكل كلي وخرجت عن الخدمة تماماً، وتحتاج إلى إعادة بناء، فيما دمر الجيش الإسرائيلي 285 مدرسة وجامعة بشكل جزئي، وهي بحاجة إلى إعادة تأهيل وترميم لتعود للعمل من جديد، وبالتالي التعليم في غزة بمرافقه وكوادره ومنشآته بات في بؤرة الاستهداف الإسرائيلي، وتصنفه معظم المنظمات الحقوقية بالاستهداف الممنهج".وبشأن التقديرات بأعداد القتلى من المدرسين والطلبة، يقول الخضور خلال حديثه مع "المشهد": "في الواقع، لا توجد إحصائية دقيقة لتلك الأعداد، وذلك بسبب مواصلة الحرب والقصف المدفعي والجوي، وعرقلة عمل الطواقم الحكومية وحتى المؤسسات الحقوقية، المتخصصة في عمليات رصد قتل الطلبة والمدرسين ومن لهم علاقة بسلك التعليم". وحول الاعتداءات على البنية التحتية للمدارس، يقول الخضور "قرابة 278 مدرسة حكومية، و65 تابعة لوكالة الأونروا، تعرضت للقصف والتخريب في قطاع غزة، الأمر الذي أدى إلى تعرض 83 منها لأضرار بالغة، و7 للتدمير بالكامل". تحول المدارس إلى مراكز إيواء ويبدو أن مصير العام الدراسي الحالي مجهول بالنسبة إلى الطالبة نادين الحاج موسى، نتيجة الحرب الإسرائيلية الضروس على غزة، وعبرت عن حزنها الشديد لمنصة "المشهد"، إذ حرمتها الحرب من استكمال صفها العاشر المدرسي، "حرمنا من كل شيء، من أبسط حقوقنا، حتى التعليم، أشتاق كثيراً لأيام المدرسة واللعب مع صديقاتي، في هذه الحرب القاسية فقدت الكثير من طالبات صفي ومدرستي ومعلماتي، وكثير منهن بات مصيرهن مجهولا، أتمنى العودة إلى مقاعد الدراسة، والتمكن من اجتياز مرحلة الثانوية العامة، والوصول إلى الدراسة الجامعية، لكن نريد أن يتوقف هذا القتل". وذكر الباحث الحقوقي من غزة يامن المدهون لمنصة "المشهد" أن "النازحين الذين بلغ عددهم مليونا، تتزايد أعدادهم في المدارس والتي أصبحت مراكز إيواء، فهذه المدارس ومعظمها كانت تستخدم لأغراض التدريس والتعلم، لكنها تحولت إلى مراكز إيواء للنازحين، الذين يلجؤون إلى المدارس، الحال مروع وخطير داخل مدارس الإيواء، فالطفل الذي من المفترض أن يكون في هذا الوقت على مقاعد الدراسة ويتلقى تعليمه وحقوقه، أصبح يستقر في المدارس التي تم تحويلها لمراكز إيواء لحمايته من القتل والقصف والتشرد". وأضاف المدهون "تحت وطأة القصف الذي لم يتوقف، هذه المدارس التابعة للأونروا والحكومة، هي معرضة للقصف الإسرائيلي بصورة مباشرة وغير مباشرة، هذا الحال أدى إلى مقتل مئات النازحين، من بينهم نساء وأطفال، الطالب اليوم في غزة، حرم من كافة حقوقه المشروعة في اللعب والتعليم والمكان الآمن والعلاج والغذاء، كلها مفقودة، فيعيش بصورة مغايرة عن أطفال العالم الذين ينعمون بالحقوق الكاملة". يشار إلى أن الهجوم الجوي والبري غير المسبوق الذي تشنه إسرائيل ضد "حماس" أدى إلى نزوح نحو 85% من سكان قطاع غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، وسط شكوى من تكرار النزوح أكثر من مرة بسبب استمرار القصف من دون وجود مناطق آمنة في عموم قطاع غزة.(المشهد)