أزمات سياسية كثيرة تعصف بليبيا منذ سقوط نظام العقيد معمر القذافي عام 2011، تطورات في معظمها تصل إلى درجة الاقتتال بين حلفاء الأمس، خلال ما يُعرف بثورة الـ 17 من فبراير. إلا أنّ أحد تلك الأزمات بدأت تطفو إلى السطح بعد 3 أعوام على ترشيح نجل الرئيس الليبيّ السابق معمر القذافي، سيف الإسلام، في الانتخابات الرئاسية التي كان من المقرر أن تُجرى في شهر ديسمبر من عام 2021. فكتيبة الزنتان الموالية لسيف الإسلام القذافي، نظمت استعراضًا عسكريًا مصورًا انتهى إلى بيان يؤكد دعم نجل الرئيس الليبيّ السابق، في الترشح إلى منصب الرئاسة في أيّ وقت. بيان الكتيبة أنطوى أيضًا على تحذير شديد اللهجة من محاولات وُصفت بـ "المشبوهة" من أطراف محلية ودولية، لمنع سيف الإسلام من الترشح للانتخابات. وبعد دقائق من نشر البيان، بدأت وسائل إعلام ليبية، تناقل تسجيلات لبعض القبائل على كامل الرقعة الليبية، وهم يؤكدون دعم بيان الزنتان الداعي لترشيح سيف الإسلام، في مشهد خلق حالة احتقان واسعة ويهدد بتجدد الصراع مرة أخرى.سيف الإسلام يشكو حفتر للمفوضية الإفريقيةإلا أنّ أقلام بعض المُحللين رأت الحاجة الليبية إلى شخصية تحظى بتوافق داخلي لإنهاء حالة الصراع والظروف الاقتصادية والأمنية المتدهورة في البلاد. على الطرف المقابل، تصاعدت التحذيرات من مغبة ترشح سيف الإسلام، الداعين بمسارعة الدخول إلى الزنتان والقبض على سيف الإسلام، والمطلوب للمحكمة الجنائية، وهو ما دفع قيادات عسكرية ليبية في الزنتان للانضمام تحت قيادة سيف الإسلام القذافي، لتكوين جيش قادر على توحيد ليبيا مرة أخرى. في السياق نفسه، تقدم الفريق القانونيّ لسيف الإسلام القذافي، بمذكرة إلى المفوضية الاتحاد الإفريقيّ ضد قائد الجيش الوطني الليبيّ خليفة حفتر، لاعتقاله فريق المصالحة التابع لسيف الإسلام، وقال إنّ الاعتقال جاء بسبب تأييده للمصالحة.سيف الإسلام يتمتع بشعبية كبيرةوفي التفاصيل، أكد رئيس اللجنة التأسيسية لحزب التجمع الوطنيّ الليبي، أسعد زهيو، ضرورة العودة بالمشهد إلى الوضع منذ عام 2011، حتى يمكن قراءة المشهد الليبيّ حاليًا. وقال في مقابلة مع قناة " المشهد"، إنّ سيف الإسلام لا زال يتمتع بشعبية كبيرة في ليبيا وتلك الشعبية هي من كانت تؤيد والده الرئيس السابق، لافتًا إلى أنّ بيان الزنتان هو تقدم كبير لسيف الإسلام في مسار ترشحه لرئاسة ليبيا. وأشار إلى أنّ هذه التطورات الجديدة يمكن تشخيصها وفقًا لأمرين وهما: الكتلة الداعمة لسيف الإسلام في ليبيا كبيرة ولازالت تدعمه في قيادة ليبيا الأوضاع الأمنية والاقتصادية المتدهورة أدت إلى تراجع بعض الأفكار التي تتعلق بالنظام السابق.وأوضح أنّ مطالب ثورة فبراير كافة لم تتحقق خلال السنوات الماضية، بل على العكس يعيش الليبيون ظروفًا اقتصادية وأمنية صعبة، وهو ما أدى إلى تعالي الأصوات المطالبة بترشح سيف الإسلام للرئاسة. وقال إنّ الأزمة الليبية أكبر من ترشح سيف الإسلام أو حتى وصوله إلى المنصب، فالمشكلة الحقيقية هي غياب المؤسسات الرسمية وكذلك عدم وجود دستور حتى الآن.بيان "الزنتان" لا يُمثل الأغلبيةمن جانبه، رأى المحلل السياسيّ الليبي، محمد محفوظ، أنّ بيان الزنتان لا يمثل غالبية الليبيّين في الزنتان، ولكن يمثل الكتيبة التي خرجت بالبيان، بدليل خروج بيانات أخرى لاحقة تندد بهذا البيان وترفضه. وقال في مقابلة مع قناة "المشهد"، إنّ الأمر ليس له علاقة بحنين الليبيّين إلى النظام السابق، بسبب تردي الأوضاع الأمنية والاقتصادية حاليًا، ولكنّ الأمر له علاقة بصفقة سياسية جرى الاتفاق عليها بين سيف الإسلام وهذه الكتيبة، وفق الكثير من الأقاويل المثارة حاليًا. وتساءل محفوظ: "هل لو وصل سيف الإسلام إلى منصب الرئاسة في ليبيا، سيتم حل جميع المشاكل التي يعاني منها الشعب؟". وأكمل المحلل السياسيّ قائلًا، إنّ الوضع يحتاج إلى شخصية توافقية تحظى بتأييد من جميع الليبيّين، لأنّ وصول أيّ شخصية جدلية للحكم حاليًا لن يؤدي إلى الاستقرار. وقلل محفوظ من التحليلات التي تُشير إلى الشعبية الكبيرة التي يحظى بها سيف الإسلام في ليبيا، قائلًا" الحرس القديم للنظام الليبيّ كان يرفض ترشح سيف الإسلام للرئاسة، وبالتالي فهناك معارضة من داخل كتلة والده التي يستند عليها في تحركاته". (المشهد)