يحاول مسؤولون كبار من ما لا يقلّ عن 10 دول مختلفة، صياغة مجموعة من المقترحات المثيرة للاهتمام لإنهاء حرب غزة، والإجابة عن السؤال المثير للخلاف حول كيفية إدارة القطاع، بعد توقّف القتال، بحسب ما ذكر تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز". وأشارت الصحيفة إلى أنّ المناقشات الجارية تنقسم إلى 3 مراحل، حيث تبدأ بالاتفاق إلى وقف لإطلاق النار، وصولًا إلى التعهد بإقامة دولة فلسطينية في المستقبل. وتركز المرحلة الأولى من المناقشات على التوصل إلى وقف لإطلاق النار بين إسرائيل و"حماس"، والذي سيتضمن تبادل أكثر من 100 أسير إسرائيليّ محتجز في غزة، مقابل وقف إطلاق النار والإفراج عن آلاف الفلسطينيّين المحتجزين في السجون الإسرائيلية. أما المرحلة الثانية من المناقشات، فستركز على إعادة تشكيل السلطة الفلسطينية، حيث يبحث المسؤولون الأميركيون والعرب، إصلاح قيادة السلطة وتوليها زمام الأمور على غزة بعد انتهاء الحرب، بحسب ما يذكر التقرير. وفي المرحلة الثالثة، سيضغط المسؤولون الأميركيون والسعوديون على إسرائيل، للموافقة على شروط إنشاء دولة فلسطينية، مقابل قيام المملكة بإقامة علاقات رسمية مع إسرائيل للمرة الأولى على الإطلاق.خريطة طريق إنهاء حرب غزةوبحسب التقرير، فإنّ المطالب والنتائج التي تجري مناقشتها في جميع المراحل الـ3 مرتبطة ببعضها البعض، كما يُنظر إلى المحادثات في الغالب على أنها جولات مستقبلية طويلة الأمد. إلا أنّ هناك عقبات كبيرة في كل مرحلة من المفاوضات، والأمر الأكثر أهمية هو رفض الحكومة الإسرائيلية السماح بالسيادة الفلسطينية الكاملة، ما يثير الشكوك حول ما إذا كان من الممكن إحراز تقدّم على الجبهات الرئيسية، وفقًا لـ"نيويورك تايمز". ولم تنجح الحملة العسكرية الإسرائيلية في تدمير "حماس"، كما أنه من غير الواضح كيفية إقناع "حماس" بالتنحي عن إدارة القطاع، بينما لا تزال تسيطر على جزء من غزة. وتحاول الولايات المتحدة ربط كل هذه العقبات ببعضها البعض، إذ قال مسؤول كبير في وزارة الخارجية، إنّ بريت ماكغورك، كبير مستشاري البيت الأبيض لشؤون الشرق الأوسط، كان في المنطقة الأسبوع الماضي، بهدف التأكد من أنّ مسؤولًا أميركيًا كبيرًا يتحدث وجهًا لوجه في جميع الأوقات مع القادة الإسرائيليّين والعرب. ويتداول المسؤولون أفكارًا كثيرة لوضع حلول للأزمة الحالية، أغلبها موقّتة أو بعيدة المدى، أو تعارضها بشدة بعض الأطراف. ومن بين الاقتراحات المثيرة للجدل بحسب "نيويورك تايمز":نقل رئاسة السلطة الفلسطينية من الرئيس الحاليّ محمود عباس، إلى رئيس وزراء جديد، مع السماح لعباس بالاحتفاظ بدور شرفي. إرسال قوة حفظ سلام عربية إلى غزة لدعم الإدارة الفلسطينية الجديدة هناك. إصدار قرار في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، بدعم من الولايات المتحدة، من شأنه أن يعترف بحق الفلسطينيّين في إقامة دولة.في ما يلي خريطة طريق المراحل الثلاث، استنادًا إلى مقابلات مع أكثر من 10 دبلوماسيّين ومسؤولين آخرين مشاركين في المحادثات، وجميعهم تحدثوا لصحيفة "نيويورك تايمز" من دون الكشف عن هويتهم. 1. إطلاق سراح الأسرى ووقف إطلاق النار يرى الأميركيون أنّ إنهاء الحرب هو أول ما يتعين على الأطراف تحقيقه. وتتزامن هذه المحادثات مع مفاوضات من أجل إطلاق سراح أكثر من 100 أسير تم احتجازهم خلال الهجوم الذي وقع يوم 7 أكتوبر. وقالت "حماس" إنها لن تطلق سراح الأسرى حتى توافق إسرائيل على وقف دائم لإطلاق النار، وهو الموقف الذي يتعارض مع هدف إسرائيل المعلن، المتمثل في القتال حتى يتم إخراج "حماس" من غزة. ويناقش مسؤولون من الولايات المتحدة وإسرائيل ومصر وقطر، اتفاقًا من شأنه أن يوقف القتال لمدة تصل إلى شهرين. وفي أحد الاقتراحات، سيتم إطلاق سراح الأسرى على مراحل، خلال فترة توقّف تصل إلى 60 يومًا مقابل إطلاق سراح الفلسطينيّين الذين تعتقلهم إسرائيل. واقترح بعض المسؤولين إطلاق سراح المدنيّين الإسرائيليّين أولًا، مقابل إطلاق سراح النساء والقاصرين الفلسطينيّين الذين تحتجزهم إسرائيل. وبعد ذلك سيتم تبادل الجنود الإسرائيليّين الأسرى بقادة نشطاء فلسطينيّين يقضون عقوبات طويلة الأمد. ويقول دبلوماسيون من مختلف الأطراف إنهم يأملون في إمكانية إجراء مناقشات أكثر تفصيلًا خلال فترة الهدنة حول وقف دائم لإطلاق النار، تشمل انسحاب معظم أو كل القوات الإسرائيلية، ورحيل قادة "حماس" من القطاع وانتقال السلطة إلى السلطة الفلسطينية. لكن في الوقت الحالي، رفضت كلّ من إسرائيل و"حماس" بعض هذه الشروط. ولمحاولة دفع هذه المفاوضات إلى الأمام، يعتزم ويليام بيرنز، مدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية، الاجتماع في أوروبا خلال أيام مع نظرائه الإسرائيليّين والمصريّين والقطريّين.2. إصلاح السلطة الفلسطينية سيطرت السلطة الفلسطينية لفترة وجيزة على غزة، بعد مغادرة القوات الإسرائيلية عام 2005، لكنّ "حماس" أجبرتها على التنحّي عن السلطة بعد عامين. والآن، يريد البعض عودة السلطة إلى غزة ولعب دور في حكم ما بعد الحرب. ولجعل هذه الفكرة أكثر جاذبية لإسرائيل، التي تعارضها، هناك توجه من قبل الولايات المتحدة والأردن ومصر والسعودية ودول عربية أخرى لإصلاح السلطة وتغيير قيادتها. وفي عهد رئيسها الحاليّ محمود عباس (88 عامًا)، يُنظر إلى السلطة على نطاق واسع، على أنها "فاسدة وسلطوية"، بحسب ما تقول "نيويورك تايمز"، مشيرة إلى أنّ الوسطاء يشجعون عباس للقيام بدور شرفي، والتنازل عن السلطة التنفيذية لرئيس وزراء جديد يمكنه الإشراف على إعادة إعمار غزة والحدّ من الفساد. ويقول المسؤولون الأميركيون إنّ الهدف هو جعل السلطة إدارية أكثر قبولًا للدولة الفلسطينية المستقبلية. ويؤكد المسؤولون الإسرائيليون أيضًا، أنّ السلطة بحاجة إلى تغيير نظامها التعليمي، الذي يقولون إنه لا يعزز السلام، ويدعم ارتكاب أعمال عنف ضد الإسرائيليّين. ويريد بعض منتقدي عباس أن يحلّ محله سلام فياض، الأستاذ بجامعة برينستون الذي يعود إليه الفضل في تحديث السلطة خلال فترة رئاسته للوزراء قبل عقد من الزمن، أو ناصر القدوة، المبعوث الفلسطينيّ السابق إلى الأمم المتحدة، الذي انفصل عن عباس منذ ثلاثة أعوام. لكنّ دبلوماسيّين يقولون إنّ عباس يضغط من أجل مرشح يتمتع بنفوذ أكبر عليه، مثل محمد مصطفى، مستشاره الاقتصاديّ منذ فترة طويلة. واقترح بعض المسؤولين تشكيل قوة حفظ سلام عربية لمساعدة الزعيم الفلسطينيّ الجديد في الحفاظ على النظام في غزة بعد الحرب. ويرفض المسؤولون الإسرائيليون هذه الفكرة، لكنهم طرحوا فكرة إنشاء قوة متعددة الجنسيات تحت إشراف إسرائيل في القطاع. لكنّ دبلوماسيّين أميركيّين قالوا للإسرائيليّين هذا الشهر، إنّ الزعماء العرب يعارضون فكرتهم.3. إقامة دولة فلسطينيةفي مجموعة المحادثات الأكثر طموحًا، أعادت إدارة بايدن إحياء المناقشات مع السعودية للموافقة على إقامة علاقات دبلوماسية رسمية مع إسرائيل، بحسب ما ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز". والاتفاق الثلاثيّ الذي كان قيد المناقشة قبل هجمات 7 أكتوبر بين السعودية وإسرائيل، يقول المسؤولون الأميركيون إنه كان قد يتيح موافقة السعوديّين على التنازلات الإسرائيلية البسيطة نسبيًا بشأن القضية الفلسطينية، مقابل الاعتراف السعوديّ بإسرائيل. لكن منذ أن بدأت الحرب، رفعت السعودية والولايات المتحدة الثمن بالنسبة لإسرائيل، وتصران الآن على أنه يجب أن تلتزم إسرائيل بعملية تؤدي إلى إقامة دولة فلسطينية، وتشمل الحكم الفلسطينيّ في غزة، وفقًا لـ"نيويورك تايمز". وأخبر المسؤولون الأميركيون قادة إسرائيل، أنّ المملكة والدول العربية الأخرى لن توافق على تقديم الأموال لإعادة إعمار غزة، إلا إذا التزم القادة الإسرائيليون بمسار يؤدي إلى إقامة الدولة فلسطينية. وتم التعبير عن هذه الشروط الجديدة علنًا لأول مرة من قبل وزير الخارجية الأميركية خلال زيارته هذا الشهر إلى السعودية. كما قام بإبلاغ رئيس الوزراء الإسرائيليّ بنيامين نتانياهو بهذه الشروط خلال زيارته تل أبيب. كما كررها مرة أخرى في دافوس بسويسرا، كما فعل جيك سوليفان، مستشار الأمن القوميّ بالبيت الأبيض. ورفض نتانياهو هذه الشروط علنًا، وتعهد مؤخرًا بالحفاظ على السيطرة العسكرية الإسرائيلية على كامل الضفة الغربية وقطاع غزة. ويؤيد العديد من الإسرائيليّين ذلك، على الرغم من أنّ بعض المسؤولين الأميركيّين يتساءلون عما إذا كان هذا موقفًا تفاوضيًا من جانب نتانياهو. ومن أجل طمأنة السعوديّين والفلسطينيّين بشأن إقامة دولة مستقبلية، يقترح بعض المسؤولين إصدار قرار من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، بدعم من الولايات المتحدة، من شأنه أن يكرّس حق الفلسطينيّين في السيادة، "لكنّ الفكرة لم تكتسب زخمًا بعد"، وفق التقرير.(ترجمات)