قالت تقارير عبرية إن الوزير في حكومة الحرب الإسرائيلية بيني غانتس وخلال اجتماعاته التي عقدها مؤخرا في واشنطن، أدرك أن "الحكومة الإسرائيلية في ورطة عميقة".جاء ذلك في الوقت الذي كشف فيه مسؤولون إسرائيليون وأميركيون أن غانتس الذي أجرى زيارة إلى واشنطن والتي أفضت إلى غضب من قبل رئيس الوزراء الإسرائيلي، واجه أسئلة صعبة بشأن الأزمة الإنسانية في قطاع غزة واستراتيجية الحرب الإسرائيلية، وفق ما نقله موقع "أكسيوس" الأميركي. وواجه الوزير الإسرائيلي وخلال لقائه نائبة الرئيس كامالا هاريس ومستشار الأمن القومي جيك سوليفان في البيت الأبيض، انتقادات عدة للسياسة التي تعتمدها الحكومة الإسرائيلية في الحرب على قطاع غزة، وسط وقوع أكثر من 30 ألف قتيل فلسطيني وإصابة عشرات الآلاف منذ 7 أكتوبر، دون تحقيق أي إنجاز فعلي على الأرض. وفي ظل الأزمة بين وزراء حكومة الحرب الإسرائيلية التي انكشفت مؤخرا، ومآلات الحرب الإسرائيلية في غزة وعدم تحقيق أية إنجازات فعلية للجيش في المعركة، باتت التكهّنات تتحدث عن رغبة لغانتس في خلافة نتانياهو في الوقت الذي بات هناك امتعاض علني من واشنطن من سياسات رئيس الوزراء الإسرائيلي، في حين ذهب البعض للتنبؤ بأن أميركا تريد الخلاص من نتانياهو لكنها تنتظر الفرصة السانحة. لا انقلاب على نتانياهو وفي هذا الصدد، قال رئيس الجمعية الأردنية للعلوم السياسية الدكتور خالد شنيكات إن الرئيس الأميركي وإدارته لم يكونا على وفاق مع بنيامين نتانياهو منذ تسلمه رئاسة الحكومة الإسرائيلية لأسباب عدة أهمها موقف الأخير من الانتخابات الرئاسية الأميركية ومحاولة تدخله في سيرها لصالح دونالد ترامب. ولفت شنيكات في حديثه لمنصة "المشهد" إلى أن هناك خلافات بينهما فيما يتعلق بقضايا المنطقة، ومع ذلك بقي بايدن مُلتزما بالأمن الإسرائيلي وبقاء إسرائيل قوية. وأما بالنسبة للقضية الفلسطينية، بقيت الأمور تراوح مكانها والاستيطان على وتيرته وعلى أشده وبالتالي لم يكن هناك توافق بين بايدن ونتانياهو. وأضاف شنيكات "ربما غضّت الولايات المتحدة الطرف عن التوسع الاستيطاني إلا أنه لم يكن هناك قوة دفع حقيقية من الجانب الفلسطيني بسبب الضعف الذي يعيشه". واعتبر أن هناك متغيّرات عدة طرأت على السياسة الأميركية في المنطقة ربّما بعد الحرب، والتي من بينها أن نتانياهو من المستحيل أن يتقدم خطوة واحدة باتجاه السلام، حيث يذهب في بناء وحدات استيطانية بما فيه إقرار اليوم لتوسيع مستوطنة معالي أدوميم ومستوطنتين أخريين بما يوازي 3500 وحدة سكنية. وأشار إلى أن نتانياهو يُراوغ ويناور بايدن في الوقت الحالي، ويسعى إلى أن تنتهي الأمور إلى الانتخابات الرئاسية في انتظار حليفه الأساسي وهو ترامب الذي يقف قلبا وقالبا مع رئيس الوزراء الإسرائيلي. من جهته، يستبعد المحلل السياسي جهاد حرب في حديثه لمنصة "المشهد" أن يحصل انقلاب سياسي في إسرائيل على نتانياهو. وأضاف "من الواضح أن الإدارة الأميركية ستسعى للضغط أكثر على نتانياهو لاتخاذ إجراءات وسياسات تُعنى بالانصياع لمصالح واشنطن في المنطقة وكذلك ما يتعلق بالحرب وعدم منحه مزيدا من الوقت ليقوم بعمليات قتل أوسع أو على الأقل أن تكون العمليات العسكرية مضبوطة تقنياً وبحيث لا يكون هناك أعداد كبيرة من القتلى الفلسطينيين". وأشار حرب إلى أن ذلك يأتي بعد الحديث عن اجتياح وشيك لرفح حيث طلبت الإدارة الأميركية من نتانياهو أن تكون هناك خطة مدروسة موثقة لعدم القيام بعمليات واسعة أو سقوط ضحايا كُثر من المدنيين الفلسطينيين.عبء على واشنطنوإن كان غانتس قادرا على تشكيل حكومة إسرائيلية بديلة عن الحكومة الحالية، قال شنيكات إنه من الصعب ذلك إلا بإجراء انتخابات. واعتبر أن اليمين المتطرف يُحكم سيطرته على الكنيست وبما يصل إلى 64 مقعدا، أي أنه يتوفر لدى الحكومة الحالية هامش من الراحة لكن استطلاعات الرأي تشير إلى تقلص تأييد الحكومة اليمينية إلى 45 مقعدا. وأوضح شنيكات أن نتانياهو وحزب الليكود واليمين المتطرف يرفضون إجراء انتخابات، لهم يعلمون أنها لن تكون في صالحهم وبالتالي سيستمرون حتى موعد الانتخابات الرسمية كما هو مقرّر لها. وأكد أن نتانياهو يعي أن إجراء انتخابات في إسرائيل، يعني خروجه من اللعبة السياسية والتي ستلحقها تحقيقات قضائية. وتابع: "إذا أجريت انتخابات في إسرائيل وهذا مُستبعد حاليا لأن اليمين يرفض إجراءها، فمن المتوقع إعادة ترتيب الأوراق السياسية الداخلية الإسرائيلية وترتيب الكتل والأحزاب السياسية الفاعلة". وأشار شنيكات إلى أن فُرص إبعاد نتانياهو عن الحكومة حاليا تكمن في حدوث انشقاق داخل حزب الليكوود نفسه، إلا أن هذا الحزب ما زال متماكسا حتى هذه اللحظة ويدعم رئيس الوزراء. نتانياهو "غير مرغوب فيه"فيما يرى حرب أن "نتانياهو بات واضحا أنه شخص غير مرغوب فيه لدى الرئيس الأميركي". وقال "هذا الأمر ليس جديدا، منذ تسلّم بايدن رئاسة أميركا وعند عودة نتانياهو إلى رئاسة الحكومة، هناك خلاف واسع وكبير أثناء التظاهرات المتعلقة بالانقلاب القضائي وأيضا في هذه الحرب على الرغم من الضوء الأخضر الذي منحه الرئيس الأميركي للحكومة الإسرائيلية في الحرب الحالية من أجل القضاء على الحركة". ويرى أن نتانياهو تجاوز كل النصائح التي قدّمها بايدن له سواء فيما يتعلق بعدم احتلال أو اقتطاع أراضٍ من قطاع غزة أو توسيع إدخال المساعدات، وبالتالي، تشعر الإدارة الأميركية بأن رئيس الحكومة الإسرائيلي يريد توريط واشنطن في المنطقة من جهة ومن جهة أخرى بات عبئا على الإدارة الأميركية التي تستعد للانتخابات وهذا يقلص من إمكانية عودة بايدن إلى الحكم في حال استمراره في دعم الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة. يُذكر أن اتهامات لحقت ببايدن من قبل جمهور واسع في الولايات المتحدة وخصوصا من الديمقراطيين لدعمه مشاركة نتانياهو بالإبادة الجماعية، الأمر الذي جعل الإدارة الأميركية تعيد حساباتها فيما يتعلق بدعمها إسرائيل الواسع في الحرب "وهنا أريد أن أفرق بين دعم الولايات المتحدة لإسرائيل والعلاقة بين البيت الأبيض ورئاسة الحكومة الإسرائيلية". وقال حرب "على المستوى الإستراتيجي هناك دعم لا متناهي لإسرائيل من قبل الولايات المتحدة وهذا ما نشاهده سواء بالدعم العسكري أو المالي أو الحماية السياسية التي توفرها واشنطن في المؤسسات الدولية وبشكل خاص في مجلس الأمن". وأكد أن الخلافات مع رئيس الحكومة الإسرائيلية فبدأت تظهر إلى العلن، سواء من خلال تصريحات عدة "سمعناها على لسان الرئيس الأميركي أو من بعض أعضاء إدارته، وبالتالي من الواضح أن الإدارة الأميركية ترى بأن نتانياهو بات عبئا عليها وعلى سياستها ومصالحها في المنطقة". ما فُرص غانتس في حكومة جديدة؟ واعتبر شنيكات أن غانتس يعتمد على استطلاعات الرأي فقط ليعرف موقعه من اللعبة السياسية في إسرائيل "لكن هذه الاستطلاعات لا تغني ولا تُسمن من جوع ما لم تُجر الانتخابات". وأضاف شنيكات "غانتس سيبقى داخل المعارضة. مصدر قوته أنه أصبح عدواً في مجلس الحرب بعد الهجوم فصائل مقاومة الفلسطينية على مستوطنات غلاف غزة". فيما قال حرب إن غانتس لا يستطيع تشكيل حكومة إسرائيلية في الوقت الحالي دون أن يكون شريكه من الليكود خصوصا وأن تحالفه مع لابيد وليبرمان والقائمة الموحدة لا يسمح له بالحصول على أغلبية داخل الكنيست، إلا إذا كان هناك بعض الأطراف الموجودين في الائتلاف الحكومي سواء من الحريديم أو الليكود. وقال: "أعتقد أن هناك صعوبة بتجنيد الحريديم لأن يكونوا جزءا من هذه الحكومة، لأن هنالك اختلافات جوهرية مع لبيد وليبرمان فيما يتعلق بالتجنيد وفيما يتعلق بالحياة يوم السبت". وأضاف حرب "تصريحات لبيد المتعددة حول سموتريتش وبن غفير، أعتقد أنه سيكون صعبا عليه التحالف معهما سياسيا". واعتبر أن زعيم الأغلبية حاليا هو يائير لبيد وليس بيني غانتس، وبالتالي ينبغي أن يكون هناك اتفاق مع الأول حول رئاسة الحكومة. وقال حرب "في هذه الحالة سيكون لبيد للمرة الثانية التي يتنازل عن رئاسة الحكومة لصالح حزب أصغر منه كما حدث مع بينيت في المرة الأولى. أعتقد أن هذا سيكون صعبا عليه لأنه سيُشعر الجمهور بأن لبيد لا يستحق أن يكون رئيساً للحكومة". ما أثر الخلاف على الحرب؟ وفي هذا السياق، أكد حرب أنه لا خلاف بين نتانياهو وبيني غانتس على الحرب في غزة، لكن الخلافات تكتيكية حاليا. وقال إن غانتس يتحدث عن عودة الأسرى الإسرائيليين باعتبارها الأولوية الأولى من أهداف الحرب، وأنه يُمكن مواصلة الحرب ربما بعد سنة أو سنتين للقضاء على حركة "حماس" وذلك أيضاً قد يكون ضمن التغيرات السياسية التي قد تنشأ بعد العملية العسكرية في قطاع غزة. وأضاف حرب أنه في الظروف الحالية، لا اختلافات جوهرية بين الاثنين (نتانياهو وغانتس) في ما يتعلق بالحرب إلا ما يتعلق بالتكتيك وتفضيل هدف على آخر فقط.(المشهد)