تصاعدت حدة حرب الاغتيالات بين إسرائيل وإيران في الأسابيع الأخيرة، مما يثير مخاوف المراقبين من تحولها إلى حرب مفتوحة وشاملة بين البلدين في حال استمرارها.فقد استهدفت إسرائيل السبت، 4 مستشارين عسكريين لإيران في حي المزة بالعاصمة السورية دمشق، بحسب الحرس الثوري.وقالت وكالة "مهر" نقلا عن مصدر مطلع لم تسمه إن "مسؤول استخبارات الحرس الثوري في سوريا حاج صادق، ونائبه وعنصرين آخرين من الحرس قتلوا في الهجوم الذي شنته إسرائيل على سوريا".وبحسب تقارير صحفية، فإن حاج صادق هو المسؤول عن شن الضربات على الأهداف الأميركية في سوريا، بالإضافة إلى إطلاق صواريخ على إسرائيل.كما استهدفت إسرائيل السبت أيضا، في غارة جوية سيارة تضم عناصر لـ"حزب الله" في جنوب لبنان، مما أسفر عن مقتل مسلحين.وبعدها بساعات، قال مصدران أمنيان ومصدر حكومي إن مهاجمين أطلقوا صواريخ عدة على القوات الأميركية في قاعدة عين الأسد الجوية بالعراق.وتأتي الغارة الإسرائيلية بعد 4 أيام على إعلان الحرس الثوري أنه هاجم "مقرا للاستخبارات الإسرائيلية" في أربيل، عاصمة إقليم كردستان العراق، ردا على استهداف إسرائيل القيادي في الحرس الثوري رضي موسوي في دمشق في 25 ديسمبر.كما اغتالت إسرائيل القيادي في حركة "حماس" صالح العاروري في مطلع الشهر الجاري في الضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية بيروت، وهو ما اعتبره "حزب الله" تجاوزا للخطوط الحمراء وحدود الاشتباك المتعارف عليها بين الطرفين.وفي 9 يناير، أعلنت إسرائيل قتل حسن عكاشة في بيت جن، الواقعة تحت سيطرة الحكومة السورية والقريبة من مرتفعات الجولان.حرب بالوكالة بين إسرائيل وإيرانتزداد الخشية من توسع الحرب في المنطقة وخصوصاً إلى جبهة لبنان، لكن لا يزال كثير من المحللين يستبعدون هذا التحول في سير المعارك.يقول المحلل العسكري اللواء محمد عبد الواحد، إن لجوء إسرائيل للاغتيالات هي محاولة لتحقيق أي نصر بعد فشلها في حرب غزة، لذلك بحثت عنه في المجال الذي تملك فيه خبرة كبيرة.وأشار عبد الواحد في حديثه مع منصة "المشهد" إلى أن إسرائيل الدولة الوحيدة في العالم، التي تمتلك فرقا خاصة لعمليات اغتيال الشخصيات تتبع رئيس الوزراء مباشرة، مشيرا إلى أن التاريخ شاهد على اغتيال تل أبيب لعدد من علماء الذرة في المنطقة.وأضاف أن إيران ليس لديها القدرة على اغتيال شخصيات إسرائيلية كما تفعل تل أبيب، لهذا تستهدف منشآت أو مناطق ضمن قواعد الاشتباك.ولفت إلى أن إسرائيل لديها بنك معلومات استخباراتية بالشخصيات الإيرانية المهمة، لذلك من السهل عليها تنفيذ عمليات الاغتيال.من جانبه، يقول الخبير العسكري اللواء سمير فرج، إن حرب الاغتيالات بين الدول هي إحدى استراتيجيات وأساليب الحرب الحديثة تشبه الضربات الصاروخية، مؤكدا أنه شيء متوقع بين إيران وإسرائيل في ظل تصاعد التوترات بينهما.واستبعد فرج في حديثه مع منصة "المشهد" احتمالية أن تتطور هذه الاستراتيجية إلى حرب أو مواجهة مباشرة بين تل أبيب وطهران، مؤكدا أنه لا توجد رغبة لدى البلدين في هذا التصعيد بسبب ارتفاع تكلفة الحروب.كما استبعد فكرة أن ترد إيران على هذه العمليات من خلال تصعيد "حزب الله" المعارك على الحدود، مشيرا إلى أنه من أول يوم للمعارك لا ترغب طهران في دخول الحركة اللبنانية الحرب بشكل كامل.ويتفق الخبير العسكري رياض قهوجي مع هذا الرأي، وقال "كلاهما (إيران وإسرائيل) لا يريدان الدخول في حرب مباشرة، لذلك يخوضان حرب بالوكالة، وأتوقع أنها ستستمر بهذا الشكل".وأصبحت احتمالية نشوب مواجهة مباشرة بين إسرائيل و"حزب الله" الذراع الأولى لإيران عالية جدا، بحسب القادة الإسرائيليين.ونقلت تقارير صحفية أميركية عن مسؤولين غربيين أن إسرائيل أمهلت لبنان أسابيع قليلة لإبعاد "حزب الله" عن الحدود أو ستصعد الحرب.المواجهة واردةومنذ اندلاع الحرب في غزة، ومنذ بدء حرب غزة، تشهد المنطقة الحدودية في جنوب لبنان تبادلاً للقصف بين "حزب الله" وإسرائيل. ويعلن "حزب الله" استهداف مواقع ونقاط عسكرية إسرائيلية دعماً لغزة و"إسناداً لحماس"، بينما يردّ الجيش الإسرائيلي بقصف جوي ومدفعي يقول إنه يستهدف "بنى تحتية" للحزب وتحركات مقاتلين قرب الحدود.وتزامناً، يشنّ "الحوثيون" في اليمن هجمات في البحر الأحمر ضد سفن تجارية مرتبطة بإسرائيل، وتتبنى فصائل عراقية تدعمها طهران هجمات ضد قواعد تضم قوات أميركية في سوريا والعراق.كما أطلقت مجموعات موالية لإيران بضع مرات قذائف من جنوب سوريا باتجاه الجولان. ومنذ بدء التصعيد على جانبي الحدود، قتل 193 شخصاً في لبنان، بينهم 141 عنصراً من "حزب الله" وأكثر من 20 مدنياً بينهم 3 صحفيين، وفق حصيلة جمعتها فرانس برس.بدوره، يرى عبد الواحد أن المواجهة العسكرية بين إيران وإسرائيل واردة إذا حدث اختراق للعبة بين طهران وتل أبيب.وأكد أنه ربما تتصاعد عمليات المناوشات بين إسرائيل وإيران، مشيرا إلى أنه إذا اندلعت مواجهة مباشرة ستكون من إسرائيل وليس إيران، لأنه يوجد يمينيون متطرفون في تل أبيب يضغطون للدخول في حرب مع طهران.ولفت إلى أن توجد خطة أميركية إسرائيلية غربية لقص أظافر إيران في المنطقة سواء "حماس" في غزة أم "الحوثيون" في اليمن، أم "حزب الله" في لبنان.وقال إن الرد الإيراني على هذه الاغتيالات سيكون ضمن قواعد اللعبة مع أميركا وإسرائيل من خلال استهداف بعض القواعد العسكرية بصواريخ محدودة من دون إحداث أضرار كبيرة. (المشهد)