ينشط تنظيم داعش في السنوات الأخيرة بشكل كبير، وتوالى عدد من الأشخاص على قيادته، تم استهدافهم من قبل التحالف الدولي بشكل أساسي.ويستمر التنظيم الإرهابي في استغلال إمكاناته لترسيخ وجوده عالميا، مركّزا بشكل لافت على الجانب الإعلامي، ليقينه بقدرة الإعلام على نشر إيديولوجيته وأفكاره لأوسع شريحة ممكنة، كما أنّ استهدافه من قبل معظم الأجهزة الأمنية والمؤسسات العسكرية العالمية، أجبره على اللجوء إلى العالم الافتراضي كملاذ أكثر أمنا.أبرز هجمات "داعش" في عام 2023 يستغل التنظيم الأوضاع الأمنية غير المستقرة في بلدان عدة، ولا سيما في سوريا والعراق ويشن هجمات فيها، كان آخرها أمس الجمعة، إذ قُتل 7 عناصر من القوات السورية في هجوم شنّه في البادية السورية حيث يحتفظ عناصر التنظيم بملاذات لهم، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان.وفيما يلي أبرز هجمات تنظيم "داعش" لعام 2023: في مارس، قتل 15 شخصاً أثناء جمعهم الكمأة جراء هجوم شنّه التنظيم بالقرب من البادية السورية سوريا. في إبريل، قتل 36 شخصا جراء هجومين منفصلين شنهما تنظيم "داعش" في ريف دير الزور الشرقي.وشنَّ التنظيم في سوريا أيضا هجمات في شهري يوليو وأغسطس 2023، كانت الأعنف والأكثر دموية خلال 2023، وكان أحداها بالقرب من العاصمة دمشق بمنطقة "السيدة زينب". في ديسمبر، قتل 11 شخصا شرق العراق جراء انفجار عبوتين ناسفتين بحافلة صغيرة زرعهما التنظيم. في أكتوبر، قالت حركة طالبان إن 7 أشخاص على الأقل قتلوا وأصيب 15 آخرون بتفجير انتحاري هزّ مسجداً للأقلية الشيعية في شمال أفغانستان، وأعلن تنظيم داعش مسؤوليته عن الهجوم. في أغسطس، هاجم إرهابيون جنودا ماليين يرافقون شاحنات في طريقها إلى النيجر المجاورة، ويخشى أن تكون حصيلة الهجوم مرتفعة. في مارس، أعلن تنظيم داعش مسؤوليته عن تفجير وقع في حفل توزيع جوائز صحفية في ولاية بلخ بشمال أفغانستان. نشاط تنظيم داعش في السياق، قالت المتخصصة في الشؤون الإرهابية د. سمية العسلة إن "تنظيم داعش كأي تنظيم إرهابي يتمدّد وينشط في وقت الأزمات، خصوصا وأن الفترة الماضية كان العالم كله يعيش أزمات كثيرة ومتتالية بدأت بأزمة كورونا الصحية، ووصلت إلى أزمة أوكرانيا الأمنية والعسكرية، وتأثيرها على سلاسل الإمداد والاقتصاد الأوروبي وحركة التجارة الدولية، وصولا إلى أزمة السودان، وكذلك أزمة ليبيا ومحاولة بناء دولة للعائدين من داعش على الحدود المصرية - الليبية، بل إن داعش بدأت تتخذ من اليمن مقرات آمنة لها مستغلة الحرب وحالة النزاع الداخلي لتبدأ داعش في مخطط استهداف رموز يمنية ووضعهم على قائمه الاغتيالات"، على حد تعبيرها.وتضيف العسلة "لم ينته الأمر عند هذا الحد فمنذ أيام قامت داعش بإعلان مسؤوليتها عن تفجير داخل دولة الفلبين ومقتل جندي فرنسي من القوات الخاصة، ومن ثم عملية اعتقال لداعشي اقتحم أحد الفنادق في العراق وخلال عام ازدادت داعش توحشا في مالي وفق ما نشره مرصد الأزهر المصري لمكافحه التطرف". وتؤكد الخبيرة المصرية أن:تنظيم "داعش" وبعد مقتل زعيمه أبو بكر البغدادي في عام 2019 وضع تركيزه الأكبر على فروعه في إفريقيا، بما في ذلك الصومال والكونغو والحدود التشادية.الغريب أننا مؤخرا أصبحنا نسمع عن مجتمعات عمرانية كاملة اختارت الانضمام إلى "داعش" إيمانا منها بالعقيدة الدينية التي ينشرها داعش وتقيمها في البلاد في ظل مناطق أخرى ليست ملتزمة بالعقيدة نفسها من وجهة نظره.بعض المنضمين الجدد يبحثون عن جهة توفر لهم الموارد اللازمة للحياة في ظل التحديات الاقتصادية التي تعيشها إفريقيا، وحركات الانقلاب الداخلي، وعدم الاستقرار السياسي والأمني وهي الأجواء المناسبة التي تنشط فيها "داعش".الاهتمام بالجانب الإعلامي وركز "داعش" في عام 2023 على الجانب الإعلامي بشكل كبير، ولا يقل الخطر الإعلامي لـ"داعش" عن الخطر الواقعي لوجود التنظيم، نتيجة لذلك خصصت العديد من مراكز الدراسات العالمية أبحاثا كاملة، كشفت فيها أدوات التنظيم الإعلامية، وتأثيرها، ومستقبلها، وكيفية مواجهتها. ودائما ما يحاول "داعش" تطوير أدواته الإعلامية، ومواكبة التطور الحاصل في الثورة التكنولوجية، وقد نجح في إحداث نقلة نوعية في المجال الإعلامي في مارس الماضي، تبلورت في تحالف إعلامي جديد، يضم منصات مختلفة عددها 14 جهة إعلامية مؤيدة للتنظيم، وبلغات عالمية يصل عددها إلى 15 لغة، وأطلق على هذا التجمّع الإعلامي اسم "فرسان الترجمة". تتميّز هذه المنصات الإعلامية بجودة محتواها من ناحية الصور والرسوم البيانية والإحصائيات التي تعرضها، متفوّقة في بعض الأحيان على منصات رسمية تابعة أو مموّلة من قبل دول بحدّ ذاتها، ما يشير إلى الدعم الكبير الذي يقدّم للتنظيم من جهة، وإلى وعي "داعش" لتأثير الإعلام من جهة ثانية. يتعمّد "داعش" بث الرعب في نفوس الجميع، وذلك كنوع من السيطرة على الضعفاء لكسبهم إلى صفوفه، وظهرت هذه النظرية في مواقف عدة منذ بداية توسّعه.في المقابل، نظرية "الذعر" ليست دعاية إعلامية فقط، بل هي نهج حياة يعتمده التنظيم. على سبيل المثال، واستنادا إلى روايات عدة، فقد عمل أهالي المناطق التي سيطر عليها التنظيم، على تغطية فتياتهنّ بشكل كامل حتى الأطفال منهنّ، وذلك خوفا من تزويجهنّ لعناصر التنظيم."داعش" في عام 2024 وحول نشاط "داعش" في 2024، تشير العسلة إلى أنه "من المتوقع زيادة نشاط داعش في إفريقيا العام القادم، لسبب رئيسي أيضا وهو الفراغ الأمني الذي خلفه تراجع المساعدات العسكرية الغربية، ورحيل القوات الفرنسية التي اضطرت لإنهاء مهامها، وإغلاق بعثة حفظ السلام الأممية في مالي هذا العام".وترى العسلة أن "تنظيم داعش شهد تراجعا في العراق هذا العام، لكن فلوله لا تزال تشكل تهديدًا للمناطق التي لا تخضع لحماية التحالف الذى تقوده الولايات المتحدة، بما في ذلك أجزاء من سوريا حيث يرى الخبراء أن التنظيم يتوسع في إفريقيا وآسيا، علما بأنه لايزال تنظيم داعش يقود ما بين 5000 و7000 مسلح في سوريا والعراق، وعلى مستوى إفريقيا فلا يمكن نفي أن تنظيم داعش يزداد تمددا في ما يقارب من 20 دولة في إفريقيا".وتُنهي العسلة حديثها إلى "المشهد" أن "مواجهة تنظيم داعش تكمن عبر الوصول إلى استراتيجيات سياسية لحل الصراعات التي تغذي الإرهاب، حيث إن طبيعة التهديد الذي يشكله داعش تؤكد الحاجة إلى مزيد من التكامل بين الاستجابات الأمنية والتدابير الوقائية". إن مكافحة الإرهاب ومنعه يتطلبان التزاما طويل الأمد بحسب العسلة، فضلا عن "جهود مستمرة ومنسقة. هناك تحديات تواجه مكافحة الإرهاب، أبرزها المشهد الجيوسياسي المجزأ، وظهور مناطق صراع جديدة، وأمور عدة جعلت حل الصراعات ومحاربة الإرهاب أكثر صعوبة". (المشهد)