يطرح الأمر التنفذي الموُقع من قبل الرئيس الأميركي دونالد ترامب، لمحاربة "معاداة السامية"، وما تضمّنه من محتوى يتعلق بالتظاهر ضد "إسرائيل"، أسئلة كبيرة حول أهدافه، و إمكانية تطبيق بنوده، والتأثير الذي سيخلفه على المناهضين للحرب على غزة، خصوصًا الطلبة الجامعيين الذين تظاهروا لأشهر طويلة نُصرة للفلسطينيين.وأصدر الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمرًا تنفيذيًا، يوجه جميع الوكالات الفيدرالية لتحديد السلطات المدنية والجنائية المتاحة لمكافحة "معاداة السامية"، بما في ذلك إيجاد طرق لترحيل ما أسماه "النشطاء المناهضين لليهود". وتواصلت منصة "المشهد" مع الفريق الصحفي للرئيس دونالد ترامب، للحصول على تفاصيل أكثر حول الأمر التنفيذي، فرد هاريسون فيلدز، النائب الأول للمتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، بتوجيهنا لبنوده، التي تتضمن طلبًا للوكالات والوزارات بتقديم توصيّات للإدارة الأميركية في غضون 60 يومًا، تحدد خططًا لوزارة العدل للتحقيق في الكتابة على الجدران وعبارات الترهيب المؤيدة لـ "حماس"، بما في ذلك داخل حرم الجامعات. ويدعو الأمر التنفيذي إلى ترحيل الأجانب المقيمين، بما فيهم الطلاب الذين يحملون تأشيرات، وانتهكوا القوانين كجزء من الاحتجاجات المناهضة لإسرائيل في أعقاب هجمات "كتائب القسام" التابعة لحركة "حماس" على إسرائيل، في الـ7 أكتوبر 2023، وما تبعها من حرب على غزة. الحلقة الأضعف وتعتمد قوة هذا الأمر، حسب المحامي كمال نعواش، على مدى تناسبه مع القوانين الموجودة في الولايات المتحدة الأميركية ودستورها.ويقول نعواش، وهو محامي أميركي من أصل فلسطيني، ينتمي للحزب الجمهوري، لمنصة "المشهد"، إن خطوة ترامب تدخل ضمن العلاقات العامة، و المكسب السياسي، أكثر من كونها رغبة في التنظيم وتطبيق القوانين، وحسب رأيه، فإن الرئيس دونالد ترامب وعد الجالية اليهودية بمعاقبة المتظاهرين ضد الحرب على غزة، ونفذ وعده من خلال إصدار أمر تنفيذي. ويحصر فئة المتأثرين بالأمر الرئاسي، في الطلبة غير الحاصلين على الجنسية الأميركية، أو "البطاقة الخضراء" التي تضمن الإقامة الدائمة، والذين لايملكون سوى تأشيرات محدودة قد يُرفض تجديدها. ومع ذلك، يرى المحامي كمال نعواش، أنّه حتى الطلبة أصحاب التأشيرات بإمكانهم اللجوء للمحاكم، والمجادلة بأنهم لا يكرهون إسرائيل، وإنما يريدون حقوقًا متساوية للشعبين الإسرائيلي و الفلسطيني، والقول بأن لا أحد اشترط عليهم عدم التظاهر نصرة لقضية معينة، للحصول على التأشيرات، والقدوم للدراسة في أميركا. ورغم تقليله من أهمية الأثر القانونيّ للأمر التنفيذي، تحدث كمال نعواش عن شعور الخوف الذي قال إنه سينتاب الكثير ممن تظاهروا سابقًا نصرة للفلسطينيين، خصوصًا أولئك الذي يجهلون الطرق القانونية للرد على هكذا أوامر رئاسية.صدام مُرتقب من جانبه، يعتقد أستاذ العلوم السياسية بجامعة لوس أنجلوس ستيفن زونس، أن المفهوم الذي قدمه الأمر التنفيذي المُوقع من قبل الرئيس الأميركي دونالد ترامب، لـ "معاداة السامية" جد فضفاض، و مختلف عن المفاهيم الموجودة في الكتب.ويقول البروفيسور زونس لمنصة "المشهد"، إن الولايات المتحدة لديها ما يكفي من التعاريف للمصطلح، لكن ترامب يحاول إعادة تقديمه بطريقة تتضمن "معارضة السياسة الإسرائيلية"، ما من شأنه ان يُخلف ردود فعل عكسية وقوية. ويتوقع مقاومة في المحاكم الأميركية للأمر التنفيذي الذي وقعه الرئيس، وبغض النظر عن الطريقة التي ستنتهي بها المعارك القانونية، يرى أن حدوثها سيساهم في رفع الوعي الجمعي الأميركي، بخطورة ما يُسميه "تسليح مكافحة معاداة السامية"، وتحويلها من هدف نبيل لحماية مجموعة معينة، إلى وسيلة لتحقيق مصالح سياسية. وكأستاذ جامعي لدية احتكاك دائم بالطلبة، بما فيهم أولئك الذين خرجوا في مظاهرات واسعة، للاحتجاج على الحرب في غزة، يستبعد البروفيسور ستيفن زونس، رضوخًا تامًا من قبل الطلبة لترامب، فرغم تخوّف البعض من عواقب إقدام إدارته على استهدافهم بناء على أمره التنفيذي، يقول زونس إن الغالبية منهم لن تتوانى عن المطالبة بحقوق متساوية للفلسطينيين و الإسرائيليين على حد سواء. لكن ما يُهدد الدعم الشعبي لغزة في الولايات المتحدة، وأوساطها الجامعية، حسب زونس، ليس الأمر التنفيدي للرئيس وما يحمله من مفهوم واسع لـ "معاداة السامية" قد يبيح استهدافهم، بل السياسات المتبعة من قبل الرئيس في ملفات عدة، على رأسها ملف الهجرة، و محاولاته الحصول على قوة "استبداديّة"، وقضايا أخرى، تجعل جميع الأميركيين يحاربون على جبهات مُتعددة، قد تبدو أمامها غزة، جبهة أقل أهمية بالنسبة لهم. (المشهد - واشنطن)