اضطر الكثير من سكان بيت لاهيا إلى الفرار منها ولا سيما بعد الهجوم الصاروخي السبت الذي أوقع فيها عشرات القتلى، مع احكام الجيش الإسرائيلي قبضته على شمال قطاع غزة، ما يزيد من البؤس المنتشر مع نقص حاد في الطعام والأدوية. وقد تسبب قصف صاروخي إسرائيلي على مربع سكني في بيت لاهيا بشمال قطاع غزة ليل السبت بمقتل 73 شخصا على الأقل وفق ما أعلن الدفاع المدني مشيرا إلى وجود عالقين تحت الأنقاض. تقول مريم حمودة إنها فرت مع أطفالها "فلا يوجد طعام أو شراب، مشينا على الأقدام مسافة طويلة من بيت لاهيا إلى غزة" المدينة. وأظهرت صور لوكالة فرانس برس أن الغارة سوت بالأرض مباني سكنية بالكامل في بلدة بيت لاهيا. وحمودة البالغة 33 عاما من بين الآلاف الذين نزحوا هربا من العملية العسكرية الإسرائيلية التي تستهدف منطقة جباليا في شمال قطاع غزة والأحياء المحيطة بها إذ يقول الجيش إنه يستهدف مقاتلي حماس يعيدون التموضع في المكان. في مستشفى كمال عدوان وهو من المشافي الرئيسية في شمال قطاع غزة تجمعت عائلات الضحايا تنتحب أمام جثامين القتلى الملفوفة بالأكفان البيضاء. أما الجرحى الذين غطى التراب أجسامهم، فيعالجون من قبل الطواقم الطبية على أرض أروقة المستشفى. من نجا من القصف واجه مجددا مرارة النزوح ومشقته من جوع وانهاك مع محاولة الافلات من أتون الحرب. "نموت ببطء"يقول إبراهيم حمودة البالغ 66 عاما "وصلنا إلى غزة من بيت لاهيا، والقصف فوق رؤوسنا، لا نعرف إلى أين نذهب، لا مكان نجلس فيه نحن وأولادنا أطفال ونساء وعجائز ومرضى". ويضيف "هذه ليست حياة، نموت ببطء.. إلى متى القتل والدمار كفى". باشرت إسرائيل في 6 أكتوبر هجوما جويا وبريا واسعا على شمال قطاع غزة لمنع حركة "حماس" من إعادة تجميع صفوفها وشددت حصارها على المنطقة المدمرة أصلا جراء الحرب التي دفعت بالآلاف إلى النزوح. وقال مبعوث الأمم المتحدة الخاص بعملية السلام في الشرق الأوسط تور وينسلاند الأحد "الكابوس في غزة يتفاقم". وأضاف "المشاهد المروعة تتكشف في شمال القطاع وسط النزاع والضربات الإسرائيلية المتواصلة والأزمة الإنسانية المتفاقمة على نحو متزايد".والجمعة، قالت الأمين العام المساعد للشؤون الإنسانية، ونائبة منسق الإغاثة في حالات الطوارئ في مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية جويس مسويا عبر منصة "إكس": "في جباليا، الناس محاصرون تحت الأنقاض ويمنع عمال الإغاثة من الوصول إليهم". وأضافت "يتم تهجير عشرات الآلاف من الفلسطينيين قسرا، تنفد الإمدادات الأساسية، لقد تم قصف المستشفيات التي كانت مكتظة بالمرضى". ودافع الجيش الإسرائيلي عن عمليته واتهم مسؤولي الصحة في قطاع غزة ب"المبالغة" في تقدير حجم الخسائر في صفوف المدنيين بما يشمل بيت لاهيا. "متى يأتي دورنا"وقال الجيش في بيان يصف عملياته في جباليا "تم القضاء على العشرات من الإرهابيين في غارات جوية دقيقة من قبل طائرات سلاح الجو الإسرائيلي وسط قتال عنيف وتم تفكيك العديد من الأسلحة ومبان خصصت للانشطة الإرهابية والتي تحصن فيها العدو". السبت، قال الدفاع المدني في قطاع غزة إن العملية في الشمال تسببت بمقتل أكثر من 400 شخص خلال أسبوعين. وتواجه إسرائيل انتقادات متنامية حول الحصيلة المدنية الهائلة ونقص الطعام ودخول المساعدات إلى قطاع غزة حيث حذرت الأمم المتحدة من مجاعة. وتسبّب هجوم "حماس" في 7 أكتوبر 2023، بمقتل 1206 أشخاص غالبيتهم مدنيون، حسب تعداد لوكالة فرانس برس يستند إلى أرقام إسرائيلية رسمية تشمل أسرى ماتوا أو قتِلوا خلال احتجازهم في غزة. ومن أصل 251 شخصا خطفوا خلال الهجوم، ما زال 97 محتجزين في غزة، بينهم 34 يقول الجيش إنهم لقوا حتفهم. وتردّ إسرائيل منذ أكثر من عام بحملة قصف مدمّرة وعمليات برّية في قطاع غزة أدّت الى مقتل ما لا يقل عن 42603 فلسطينيين، معظمهم نساء وأطفال، وفق أحدث بيانات وزارة الصحة التابعة لـ"حماس" والتي تعتبرها الأمم المتحدة موثوقة. بالنسبة لأولئك الذين قرروا البقاء في شمال قطاع غزة، زاد القتال المتواصل من حدة بؤسهم. يقول أحمد صالح الذي نزح من منطقة التوبة في شمال القطاع "نحن الآن محاصرون بدون طعام ولا شراب ولا دواء، نحن نتعرض فعلا إلى مجاعة وسط الركام والدمار والقصف والمجازر". ويضيف "الوضع كارثي جدا، خائفين بشدة ونتساءل دائما متى سيأتي دورنا، يبدو أن إسرائيل تريد إبادتنا جميعا".(أ ف ب)