فيما كانت تستعد إسرائيل لإعلان انتصارها بعد عام من الحرب في كل الجبهات، عقب هجوم "حماس" في 7 أكتوبر الماضي، هاجمت إيران تل أبيب بعشرات الصواريخ الباليستية ما يفتح الباب أمام موجة جديدة من التصعيد في المنطقة، وفق محللين. تل أبيب وجهت خلال الأسابيع الماضية ضربات قوية لـ "حزب الله" حليف طهران الإستراتيجي، تمكنت خلالها من قتل قيادات بارزة في الحزب وعلى رأسها الأمين العام حسن نصر الله، فضلًا عن تدمير منشآت عسكرية للحزب.وبينما كانت تستعد - بحذر- لتوغل بريّ محدود في الأراضي اللبنانية بهدف تدمير البنية العسكرية لـ"حزب الله" هناك، وفق الجيش الإسرائيلي، قامت إيران بعملية، قالت إنها تأتي ردًا على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس"، إسماعيل هنية في طهران، فضلًا عن مقتل قيادي بارز في الحرس الثوري الإيراني كان برفقة حسن نصر الله. وعلى الرغم من أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، قد أعلن فشل الهجوم الإيراني على تل أبيب بفضل القدرات العالية لأنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلي، فإنه قال إنّ إيران ستدفع ثمن هذا الهجوم. وأمام الهجوم الإيراني على إسرائيل والرد المُحتمل لتل أبيب، يُخيّم على المنطقة شبح الصراع الواسع، وسط تحذيرات دولية من خروج الأمور عن السيطرة. ورجّح محللون في حديث لمنصة "المشهد" أنّ الرد الإسرائيلي هذه المرة على إيران سيحمل في طياته تصعيدًا بخلاف الرد السابق بعد هجوم أبريل الماضي، وقد يشمل منشآت نفطية إيرانية بالإضافة إلى ضربة رمزية للمنشآت النووية الإيرانية. استهداف المنشآت النووية؟ ونقلت صحيفة "نيويورك تايمز" عن مسؤولين أميركيين قولهم إن السيناريوهات الأكثر تطرفًا في الردّ الإسرائيلي على إيران قد تكون ضرب المنشآت النووية ومواقع تخصيب اليورانيوم. وقال المسؤول السابق في البنتاغون غرانت روملي، إنه من الصعب النظر إلى الهجوم الإيراني الجديد على أنه رمزي فحسب، بل يبدو وكأنه تصعيد من جانب إيران. وقال محللون أمنيون إن إسرائيل تتمتع بقدر أكبر من الحرية في الردّ بقوة على وابل الصواريخ الإيرانية مقارنة بما كانت عليه في أبريل، عندما كان ردها على الهجوم الإيراني السابق عبارة عن ضربة رمزية إلى حد كبير ضد منشأة للدفاع الجوي في إيران. لكن بعد إطلاق حملة قصف أسفرت عن مقتل زعيم "حزب الله" وقادة آخرين الأسبوع الماضي، إلى جانب غزو بري بين عشية وضحاها يوم الثلاثاء، أضعفت إسرائيل "حزب الله"، وجردت إيران من الكثير من قوتها الرادعة ضد هجوم إسرائيلي أوسع، كما قال ضابط الاستخبارات الإسرائيلي المتقاعد، داني سيترينوفيتش. وأضاف سيترينوفيتش: "هذا تصعيد يصعب التنبؤ بنهايته. ومن المؤكد أن تصرّف إسرائيل سوف يؤدي إلى رد فعل إيراني آخر. ويبدو أننا في بداية مواجهة قوية بيننا وبين الإيرانيين". وقال الضابط الإسرائيلي المتقاعد ياكوف أميدرور، إنّ السؤال الوحيد هو "إلى أيّ مدى يمكننا أن نلحق بهم الضرر مقارنة بقدرتهم على إيذائنا"، لافتًا إلى أنّ الهجوم على المنشآت النووية الإيرانية - التي كانت مصدر خوف لإسرائيل لفترة طويلة، والتي تخشى من حصول طهران على سلاح نووي - "يجب أن يؤخذ في الاعتبار". واتفق 3 خبراء في حديث لمنصة "المشهد" على أنّ الرد الإسرائيلي ربما يستهدف المنشآت النفطية الإيرانية، ولكنهم استبعدوا أن تستهدف إسرائيل المنشآت النووية نظرًا للمخاطر الكبيرة التي قد تُحيط بهذه الخطوة.حرب صواريخوقال المحلل العسكري الأردني، العقيد إسماعيل أيوب، إنّ تل أبيب ربما تقوم بضرب بعض المنشآت الإيرانية ولكن بدرجة لا تسمح باستمرار المواجهات بين إسرائيل وإيران. وأضاف أيوب في حديث لـ"المشهد" إنّ خيارات الرد الإسرائيلي متاحة فلديهم أذرع طويلة بعد أن مدتهم الولايات المتحدة بأسلحة متطورة في المنطقة خصوصًا طائرات "إف 35" الشبحية والتي تستطيع أن تضرب إيران دون رصدها على أجهزة الرادار. وتوّقع أيوب أن يكون الرد الإسرائيلي محدودًا؛ لأنّ استهداف منشآت إيران النووية يعرض المنطقة للخطر، وسوف تكون هناك ردود أفعال أكبر من إيران تجاه هذه الخطوة. وقال إنّ إيران لديها نفس طويل في حروب الصواريخ، وبالتالي في حال تواصل الصراع بين الطرفين فإن إسرائيل ستتضرر كثيرا، لافتًا إلى أن الصراع سيكون بنفس قواعد الاشتباك السابقة خصوصًا وأن إسرائيل ترغب في تركيز جهودها تجاه الجبهة اللبنانية.أهداف إيرانية في مرمى النيرانفي السياق، توّقع أيضًا مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير حسين هريدي، في حديث لـ"المشهد" أنّ يكون الرد الإسرائيلي متمثلا في التالي: استهداف مرافق حيوية في إيران تؤثر عليها اقتصاديًا كحقول النفط.استهداف منشآت نووية ولكنه احتمال ضعيف.اغتيال قيادات سياسية بارزة في إيران أو قيادات في الحرس الثوري.هل تندلع مواجهة مباشرة بين إسرائيل وإيران، قال الدبلوماسي المصريّ، إنه حينما نتحدث عن حرب شاملة أو مواجهة مباشرة يجب أولا النظر إلى طبيعة الجغرافيا بين البلدين فهما ليسا متجاورين، وبالتالي اندلاع حرب شاملة أمر غير وارد. وأشار إلى أن المواجهة بين إيران وإسرائيل قائمة بالفعل سواء في الهجمات التي حدثت أو من خلال أذرعها في المنطقة، لافتًا إلى أن إيران هدّدت بالرد في حال قيام إسرائيل بمهاجمتها. وحول الدور الأميركيّ في هذا الصراع، قال هريدي إنّ الخلاف الجوهري بين أميركا وإيران هو المشروع النووي لطهران، لافتًا إلى أن جهود إيران لامتلاك سلاح نووي هي ما تقلق الولايات المتحدة الأميركية. وفيما يخص احتمالية تدخل أميركا في الصراع، رأى أنّ الولايات المتحدة مترددة أو ربما غير راغبة في الدخول في المواجهة في حال قامت إسرائيل بمهاجمة طهران."ما تسمح به أميركا"بدوره قال المتخصص في الشأن الإيراني الدكتور مسعود إبراهيم، إنّ الهجوم الإيراني أمس كان في حدود ما تسمح به الولايات المتحدة لإيران، لافتا إلى أنّ واشنطن كانت تعرف بالهجوم قبل تنفيذه بساعات. وأوضح إبراهيم في حديث لـ "المشهد" أن الرد الإسرائيلي سيكون بالطريقة نفسها في حدود ما تسمح به أميركا، ولكن قد يكون أكبر من الهجوم السابق نظراً لاختلاف طبيعة الهجوم الإيراني هذه المرة. ورأى أنّ الدفاعات الإسرائيلية فشلت في التصدي للصواريخ الإيرانية وهو ما يحمل رسالة بأن إيران قادرة على الوصول إلى العمق الإسرائيلي. وقال إنّ الرد الإسرائيلي غالباً سيكون من خلال استهداف المنشآت النفطية الإيرانية وقد تكون هناك ضربة رمزية للمنشآت النووية في رسالة إلى طهران، خصوصًا أن اغتيال حسن نصر الله الذي كان يختبئ على عمق كبير من الأرض له دلالة بأن إسرائيل تمتلك أسلحة قادرة على تدمير المنشآت النووية الإيرانية.(المشهد)