"يتم اصطحاب الأطفال من خارج المبنى ويختفون ولا يتم العثور عليهم، المُتجِرون بالبشر أخذوهم من الشارع" هذه شهادة لأحد المصادر التي جاءت في تحقيق صحفي أثار صدمة كبيرة في الأوساط السياسية والحقوقية في بريطانيا.تحقيق صحيفة "ذ أوبسيرفر" الذي نشرته صحيفة "الغارديان" البريطانية بعنوان "اختطاف العشرات من طالبي اللجوء الأطفال من فندق وزارة الداخلية"، كشف عن أعداد لأطفال تم اختفاؤهم في ظروف غامضة من نزل تديره وزارة الداخلية في مدينة برايتون بإقليم ساسكس جنوب شرق البلاد.تشير الأرقام إلى أن حوالى 600 طفل غير مصحوبين بذويهم قطنوا في فندق ساسكس خلال 18 شهرا الماضية، لكن تم الإبلاغ عن 136 منهم في عداد المفقودين، وأكثر من نصفهم لا يُعرف مكانهم لحدود الساعة.تقصير الحكومة؟وزيرة الداخلية في حكومة الظل التابعة لحزب العمال إيفيت كوبر، وصفت قضية الاختفاء بأنها "فضيحة ومروّعة"، ودعت الحكومة إلى الكشف عن عدد الأطفال الذين اختفوا وما الذي يجب فعله للعثور عليهم في أقرب وقت ممكن.وأضافت: "سويلا برافرمان (وزيرة الداخلية) أخفقت في التصرف رغم تلقي تحذيرات متكررة بشأن الضمانات غير الكافية لحماية الأطفال طالبي اللجوء.وتابعت: "إنه تقصير كامل في أداء واجب وزارة الداخلية حيث فشلت في حماية سلامة الأطفال أو قمع العصابات الخطيرة التي تعرضهم لخطر رهيب، يجب على الوزراء وضع ترتيبات حماية جديدة على وجه السرعة".وقال مصدر للصحيفة البريطانية إن بعض الأطفال المفقودين من فندق برايتون ربما تم الاتجار بهم في أماكن بعيدة مثل مانشستر واسكتلندا.كما تبين أن وزارة الداخلية قد تم تحذيرها مرارًا وتكرارًا من قبل الشرطة من أن السكان المعرضين للخطر في الفندق، الأطفال طالبي اللجوء الذين وصلوا مؤخرًا إلى المملكة المتحدة بدون آباء أو مقدمي رعاية، سيتم استهدافهم من قبل الشبكات الإجرامية.خرق لجهاز الشرطةوتعليقا على قضية الاختطاف، قال الخبير الدولي في شؤون الهجرة واللاجئين أحمد السعدون، إن ما حدث صدمة كبيرة وخرق كبير لجهاز الشرطة البريطانية.وأوضح السعدون في تصريح لمنصة "المشهد" أنه بمجرد وصول الأطفال بأي طريقة كانت إلى بريطانيا يكونون تحت الرعاية الاجتماعية المسؤولة على حمايتهم، مضيفا أن مهمة الحماية لا توكل للشرطة فقط، بل أيضا للمسؤولين عن الرعاية من موظفين وإداريين. ووصف الخبير القانوني ما حصل بالأمر غير طبيعي، وقال: طوال عملي لعقود في مكتب محاماة ببريطانيا لأول مرة أسمع بهذا الأمر الذي خلق ردة فعل غير مسبوقة لدى البريطانيين ونحن ننتظر نتائج التحقيقات. وأكد المصدر ذاته أنه هناك منظمات تحمل نوايا غير أخلاقية تجاه الأطفال وتسعى للاتجار بهم، لكنه شكك في الرقم الذي ورد في التحقيق الصحفي موضحا أنه لا يمكن اختطاف 120 طفلا في دفعة وادة.وتابع: هذا الأمر تم ترتيبه ليس بين ليلة وضحاها، بل قبل شهر أو شهرين التحقيقات يستظهر كيف تم مراقبتهم وتتبعهم وتنفيذ عملية الخطف وتحديد المكان. وعن وضع طالبي اللجوء في بريطانيا، أشار السعدون إلى ما يلي: أكثر من 140 ألف طالب لجوء وصلوا خلال سنتين عبر فرنسا التي لم تتعاون بشكل حقيقي مع بريطانيا. الأزمات التي يعيشها العالم ساهمت في نشاط عصابات التهريب والاتجار بالبشر الذين يسعون للحصول على الأموال بأي طريقة. جهاز الشرطة البريطانية حريص أن يشعر اللاجئ والمقيم بالأمن ولديه تقنية عالية لمتابعة المجرمين. قضية اختطاف الأطفال خرق أمني يضر بسمعة بريطانيا. جدل واسع في بريطانياوكشفت بيانات في أكتوبر الماضي أن 222 من طالبي اللجوء غير المصحوبين بذويهم فُقدوا من الفنادق التي تديرها وزارة الداخلية، واعترف حينها وزراء بأنهم ليس لديهم فكرة عن مكان وجودهم.كما تُظهر البيانات الصادرة بموجب قانون حرية المعلومات أن الأطفال غير المصحوبين بذويهم الذين وصلوا حديثًا إلى بريطانيا يقضون ما معدله 16.5 يومًا في فنادق وزارة الداخلية قبل نقلهم إلى رعاية المجلس في جميع أنحاء البلاد.عندما طُلب من مجلس مدينة برايتون التعليق على الأمر، فإن مجلس مدينة برايتون، الذي توكل مهمة الاعتناء بطالبي اللجوء من الأطفال عند وصولهم إلى المملكة المتحدة دون الوالدين أو الأوصياء، أحال الاستفسارات المتعلقة بالمجرمين الذين يستهدفون الأطفال إلى الشرطة.وقالت شرطة ساسكس إن الاستفسارات بشأن المجرمين الذين يستهدفون الأطفال يجب توجيهها إلى وزارة الداخلية.من جانبها، قالت وزارة الداخلية: "على السلطات المحلية قانونيا حماية جميع الأطفال، بغض النظر عن المكان الذي يختفون منه".وتضيف: "لدينا إجراءات حماية قوية مطبقة للتأكد من أن جميع الأطفال في رعايتنا آمنون ومدعومون قدر الإمكان".وعلقت منظمة مجلس اللاجئين عبر حسابها على "تويتر": هذه قصة مروعة للغاية حول بعض الأشخاص الأكثر ضعفًا في المملكة المتحدة، يجب على وزير الداخلية إجراء تحقيق عاجل. This is a deeply shocking story about some of the most vulnerable people in our UK: the Home Secretary must launch an urgent inquiry. https://t.co/dWFyLO322P— Refugee Council 🧡 (@refugeecouncil) January 21, 2023 من جانبه قال مدير اللجنة المستقلة للعلاقات بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي مايك باكلي إن "هذه الحكومة لا تراعي قيمة الحياة البشرية أو سلامة الأطفال المعرضين للخطر".ويضيف في تغريدة على موقع تويتر: يقوم المُتجِرون بإيقاف السيارات ويزجون الأطفال داخلها. وفي عام 2021 كشف تحقيق أجرته صحيفة "اندبندنت" عن اختفاء 16 طفلا لاجئا غير مصحوبين بذويهم من فنادق التابعة للحكومة بين 20 يوليو و 25 نوفمبر، بمعدل مرة واحدة في الأسبوع.(المشهد)