أوقفت السلطات التونسية ليلة الثلاثاء رئيسة الحزب الدستوري الحرّ عبير موسي، من أمام قصر الرئاسة بقرطاج، قبل أن يتقرّر الاحتفاظ بها لمدّة 48 ساعة. وقال محامي موسي كريم كريفة وهو نائب سابق بالبرلمان وعضو بحزبها، لمنصّة "المشهد"، إنّ حالتها الصحيّة تعكّرت بعد ساعات من توقيفها وتم نقلها ليلًا إلى المستشفى، موضّحا أنّ فريق الدفاع عنها لا يملك معلومات حول إمكانية عرضها على التحقيق خلال الساعات المقبلة من عدمه، أو إطلاق سراحها من عدمه. وكشف أنّ فريق الدفاع عن موسي لم يتمّكن من التواصل معها، ووحده ممثل عن هيئة المحامين سُمح له بذلك. وكانت الصفحة الرسمية لموسي أوّل من أعلن خبر توقيفها، قبل أن تظهر مساعدتها وعضو اللجنة المركزية بحزبها مريم ساسي، في فيديو مباشر بُثّ على الحساب الرسميّ أكدت فيه خبر التوقيف. وكشف كريفة أنّ ساسي ستمثل أيضا يوم الخميس أمام المحكمة، بعدما تمّ سماعها ليلة الثلاثاء بمركز الشرطة. ما هي التهم المنسوبة لموسي؟ وعن التهم الموجّهة لها قال ممثل فرع هيئة المحامين بتونس العروسي زقير لمنصّة "المشهد"، إنّ موسي تواجه 3 تهم، وهي الاعتداء المقصود منه إثارة الهرج بالتراب التونسي، ومعالجة معطيات شخصيّة من دون إذن صاحبها، وتعطيل حرية العمل، فيما قال محاميها نافع العريبي إنّ "عقوبة إحدى هذه التهم تصل إلى الإعدام". وظهرت موسي من أمام مكتب الضبط بقصر قرطاج في فيديو بثّته على حسابها الرسمي على "فيسبوك"، المتابع من مئات الآلاف وهي تحتجّ بسبب رفض قبول تسلّم مطلبها، داعية النيابة العمومية للتدخل ومعاينة هذه المخالفة للقوانين.ماذا حدث مع عبير موسي؟ وتوجهت موسي عشية الثلاثاء إلى مكتب الضبط بقصر الرئاسة بقرطاج، لتقديم مطلب تظلّم وفق كريفة الذي أكّد أنها كانت بصدد التحضير لرفع قضية ضدّ أوامر رئاسية متعلقة بالانتخابات المحلية، والتقسيم الترابيّ لتونس، مضيفا أنّ إيداع هذا المطلب هو خطوة ضرورية للقيام برفع القضية وفق ما تقتضيه الإجراءات. وفي 22 سبتمبر الماضي أصدر الرئيس سعيّد مرسومَين، الأول يتعلق بإجراء انتخابات محلية يوم 24 ديسمبر المقبل، والثاني بتقسيم تونس إلى 5 أقاليم. وتعارض موسي وهي محامية في الأصل هذه القرارات، وسبق لها أن وصفتها "بغير القانونية". ويقول العريبي إنّ موسي التي كانت مصحوبة بعدل تنفيذ لمعاينة إيداعها مطلب التظلّم أصرّت على عدم مغادرة المكان إلى حين انتهاء توقيت الدوام الإداري، "حتى يتمكن عدل التنفيذ معاينة ذلك، بعد امتناع العاملين بالمكتب عن قبول الملف". ويتابع مؤكدا أنّها مثل عادتها نشرت فيديو على حسابها الخاص عبر تقنية المباشر، لإعلام أنصارها والرأي العام بما حدث، لكنها فوجئت بعد ذلك بحضور عشرات الأمنيّين الذين قاموا بتوقيفها وافتكاك جميع أجهزة الهاتف، ثم اقتادوها لمكان لم يعلم به أحد. ردود فعل متباينة على إيقاف عبير موسيوأثار إيقاف عبير موسي ردود فعل متباينة خصوصا وأنها من أبرز الشخصيات السياسية في تونس. واستنكر سياسيون بما ذلك معارضون لموسي عملية توقيفها، فيما تجمّع العشرات من أنصارها الغاضبين، أمام مركز الشرطة بحلق الوادي مرددين شعارات "لا خوف لا رعب عبير بنت الشعب". أمّا محاموها فقد اعتبروا توقيفها "احتجازا غير قانوني" لافتين إلى أنهم مُنعوا من الحضور أثناء التحقيق معها، فيما أشار آخرون إلى أنّ موسي محامية ولا بدّ من احترام جملة من الإجراءات التي ينصّ عليها القانون في مثل هذه الحالة، كإعلام هيئة المحامين قبل توقيفها. في المقابل علّق أنصار قيس سعيّد على قرار توقيف موسي، معتبرين أنه "تطبيق للقانون" نافين أن يكون قرارا سياسيًا. ويقول رئيس المكتب السياسي لمسار 25 تموز (مناصر لسعيّد) عبد الرزاق الخلولي، إنّ توقيف موسي كان قرارا قضائيا، نافيا في تصريح لمنصّة "المشهد"، أن تكون وراءه أسباب سياسية أو سعي للتضييق على المعارضين كما يسعى البعض لترويجه، مشددا على أنّ "ذلك مردود عليه فكل من تمّ إيقافهم ثبت ارتكابهم لأفعال يجرّمها القانون ولم تتم متابعتهم من أجل أفعال سياسية". ويعتبر المتحدث أنّ موسي من أكثر الشخصيات التي قادت احتجاجات ضدّ الرئيس سعيّد ومسار 25 يونيو، "بل إنّها تغوّلت في معارضتها، حتى أنّها كانت تشكك في شرعيته وشرعية كلّ قراراته، لكن مع ذلك لم تتعرض لأيّ مضايقة من السلطة السياسية" وفق تعبيره.ويتابع مؤكدا، "اليوم انتهى زمن الإفلات من العقاب، فلا جريمة دون عقاب ولا جريمة دون نصّ"، لافتا إلى أنّ موسي "اعتدت على إحدى مؤسسات السيادة في تونس وهذا مثبت".من هي عبير موسي؟ومع إيقافها، تزايدت التساؤلات عن من هي عبير موسي، حيث تُعتبر موسي من أبرز الشخصيات السياسية في تونس، وكانت قبل 2011 من أنصار حزب الرئيس السابق بن علي، ثم أسست بعد ذلك الحزب الدستوري الحر، لتصبح بعدها من أبرز معارضي الإخوان الذين دخلت معهم في صراعات حادة. وفي عام 2019 ترشحت موسي للانتخابات الرئاسية، لكنها حلت في المرتبة التاسعة ولم تتمكن من بلوغ الدور الثاني، في حين استطاعت أن تفوز مع حزبها في الانتخابات التشريعية بعدد مهمّ من المقاعد في البرلمان، لتترأس كتلة معارضة للكتل المتحالفة مع الإخوان ساهمت في إسقاط مخططاتهم. وسبق لموسي التي تقود منذ أحداث تموز الاستثنائية، احتجاجات عديدة ضدّ الرئيس سعيّد، أن أعلنت نيّتها الترشح للانتخابات الرئاسية لعام 2024.(المشهد)