من المفترض أن يكون، تعيين محمد مصطفى رئيساً جديداً لوزراء السلطة الفلسطينية، يوم الخميس، بمثابة إشارة إلى المطالب الدولية بإدارة أكثر تكنوقراطية وأقل فساداً.ولكن يبدو أن محمد مصطفى 69 عاماً، الذي عيّنه الرئيس الفلسطيني محمود عباس رئيساً للسلطة، لن يتمكن من إنتاج السلطة الفلسطينية النشطة، التي دعا إليها الرئيس بايدن، بحسب العديد من المحللين. وباعتباره أحد كبار مستشاري الرئيس، لا يمثل مصطفى قطيعة مع الماضي، ولا يمثل تهديدًا للسلطة التي يمارسها عباس، الذي يبلغ من العمر 88 عامًا، ولا يحظى بشعبية كبيرة بين الفلسطينيين، خاصة منذ اندلاع الحرب في غزة. ويجب على محمد مصطفى، الخبير الاقتصادي الذي عمل في البنك الدولي ويرأس صندوق الاستثمار الفلسطيني، أن يعين حكومة جديدة خلال الأسابيع القليلة المقبلة، وهو ما يقول المحللون إنه سيوفر مؤشرا أفضل حول ما إذا كان يخطط لإجراء تغييرات كبيرة. ويشكك منتقدوه في أن مصطفى سيكون بمثابة تحسن كبير في إدارة السلطة الفلسطينية، التي لديها صلاحيات حكم محدودة في الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل، والتي تهيمن عليها حركة فتح التي يتزعمها عباس. وفقدت السيطرة على غزة لصالح "حماس" عندما هُزمت قواتها في حرب أهلية قصيرة عام 2007.وقال الخبير في السياسة الفلسطينية معين رباني، إن تعيين محمد مصطفى كان بمثابة تراجع عن هدف إعادة توحيد السلطة الفلسطينية، التي يمكن أن تحظى بدعم "حماس".وأضاف رباني أن إنشاء سلطة فلسطينية تتمتع بمصداقية كافية في كل من غزة والضفة الغربية، يجب أن يأتي من توافق بين السلطة الفلسطينية و"حماس"، مضيفاً: "ولم أر أي مؤشر على أن العملية المؤدية إلى تعيينه يقودها الفلسطينيون، بل القوى الأجنبية، سواء الإقليمية أو الدولية".وأوضح رباني أن الانتخابات، إذا أجريت الآن، ستصب في مصلحة "حماس" بشدة، وستقوّض المصالحة بين الفصائل الفلسطينية التي يجب أن تتم قبل تشكيل سلطة فلسطينية جديدة تتمتع بمصداقية لإدارة الضفة الغربية وقطاع غزة بعد انتهاء الحرب.ورأى رباني أنه من الأفضل تشكيل حكومة جديدة على أساس اتفاق وتوافق جميع الفصائل الفلسطينية، بما في ذلك "حماس" والجهاد الإسلامي الفلسطيني.وقال رباني إن وجود شريك لعباس يتمتع بمصداقية دولية مثل مصطفى هو بالضبط ما تريده واشنطن، مضيفاً أنهم يعملون على افتراض خاطئ بأن السلطة الفلسطينية يمكن أن تكتسب المصداقية من خلال القيام بما تفعله الآن، ولكن بشكل أكثر كفاءة، مع إغفال الأساس الحقيقي للشرعية، وهو ما لا يمكن تحقيقه إلا من قبل الفلسطينيين أنفسهم.وتمارس إسرائيل والولايات المتحدة ضغوطاً، من أجل تشكيل حكومة جديدة تستبعد صراحة "حماس" والجهاد الإسلامي. ولكن كبار أعضاء فتح يعترفون بأن الحفاظ على مصداقية الفصيل يتطلب بعض التسوية، أو حتى تقاسم السلطة مع "حماس"، وهو الموقف الذي يفضله الزعيم الفلسطيني المسجون مروان البرغوثي.شعبية محمد مصطفىوقال أستاذ العلوم السياسية في جامعة بيرزيت علي الجرباوي، إن قدرة مصطفى على النجاح في غزة ستعتمد على تحقيق تفاهمات مع "حماس"، التي لا يزال لها وجود كبير في القطاع بعد مرور 5 أشهر على الحرب. مضيفاً: "لن تكون قادرة على فعل أي شيء في غزة دون موافقة حماس".وأضاف الجرباوي أن الحكومة أيضاً في حاجة ماسة إلى ضخ كميات كبيرة من المساعدات الخارجية، ودون المال، لن تتمكن الحكومة من توفير احتياجات الجمهور، بما في ذلك دفع رواتب موظفيها كاملة، إنها بحاجة إلى مساعدة من العالم الخارجي.وقال مدير مؤسسة الشاهد البحثية الفلسطينية كايد ميري، إن الفلسطينين بشكل عام ينظرون لمصطفى على أنه استمرار لنظام أبو مازن، و أن الوضع بالنسبة للفلسطينيين قاتم للغاية الآن، و إذا تمكن مصطفى على الأقل من إعادة دفع الرواتب الكاملة لموظفي الحكومة أو وضع ختم رمزي للسلطة الفلسطينية على المساعدات الإنسانية لغزة، فإنه سيكتسب شعبية على الأقل على المدى القصير.(ترجمات)