على الرغم من تعثر جولة المفاوضات الأخيرة التي كانت ترمي إلى وقف إطلاق النار داخل قطاع غزة لضمان مرور شهر رمضان بسلام ورفع المعاناة الإنسانية المتفاقمة على الفلسطينيين منذ ما يزيد عن 5 أشهر، فإن المساعي المصرية لم تتوقف حتى الآن في البحث عن حلول ناجعة لإقرار هدنة خلال الأيام القليلة المقبلة.وبحسب خبراء أمنيين قريبين من دوائر صنع القرار في مصر تحدثوا لمنصة "المشهد" فإن القاهرة تعمل في هذا التوقيت على بذل جهود حثيثة للوصول إلى اتفاق الهدنة في غزة من خلال الضغط على طرفي الصراع، وتقديم حلول وسط بسبب تعارض المواقف حول بعض الأمور.تقريب المسافات وتواجه جهود الوسطاء عقبات عديدة تحول دون التوصل إلى اتفاق حول إقرار هدنة في شهر رمضان، وتتبادل كلا من إسرائيل و"حماس" الاتهامات بشأن المسؤول عن عدم نجاح المفاوضات حتى الآن.وألقت إسرائيل اللوم على "حماس" في فشل التوصل إلى اتفاق، واتهمت الحركة بالتشبّث بمواقفها وعدم إبداء أي اهتمام لإنجاح الاتفاق، والسعي إلى إشعال المنطقة خلال شهر رمضان، بينما أكد رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية، في كلمة له مؤخراً بمناسبة حلول شهر رمضان انفتاح الحركة على جهود التفاوض.وحمل هنية إسرائيل مسؤولية فشل محادثات الهدنة لأنها لا تريد أن تلتزم بالمبادئ الأساسية للاتفاق. وفي هذا السياق، يقول مدير إدارة الشؤون المعنوية الأسبق بالجيش المصري والخبير العسكري اللواء سمير فرج، إن الاتصالات المصرية ما تزال قائمة حالياً مع كافة الأطراف المعنية بالأزمة من أجل تقريب المسافات بين إسرائيل و"حماس" حول نقاط الاختلاف بينهما.وأوضح فرج في تصريحات لمنصة "المشهد: أن كلا الطرفين لديهما ادعاءات ميدانية ويخيل لهما إمكانية تحويلها وترجمتها لأهداف إستراتيجية، فيما أن المرحلة الثانية من الجهود المصرية حول التوصل إلى هدنة، الدافع وراءها مصلحة الشعب الفلسطيني الذي دخل عليه شهر رمضان وهو بحاجه للغذاء والشراب والأمن.وأكد فرج وجود محاولات للاتفاق على هدنة قصيرة قد تكون 3 أو 5 أيام يجري خلالها استكمال المفاوضات من أجل هدنة أطول وأكثر تفصيلاًأبرز نقاط الخلافوأشار فرج إلى أن ما يعرقل التوصل إلى هدنة حتى الآن هو تمسُّك كل طرف بموقفه، "حيث وضعت حماس شروطاً لا تقبلها إسرائيل، وفي المقابل وضعت تل أبيب شروطاً لا يمكن أن تقبلها حماس". وأكد أن المفاوضات تراوح مكانها ولا بد من تحكيم صوت العقل، وإبداء مرونة أكبر من أجل حلحلة الأزمة المتفاقمة في القطاع، ولفت إلى أن أبرز الخلافات تتمثل في عودة النازحين من مدينة رفح إلى شمال ووسط غزة، إذ وافقت تل أبيب على عودة النساء والأطفال فقط، أما الرجال فيتم ترحيلهم إلى معسكر نزوح جديد على بحر غزة بعد تفتيشهم بشكل كامل.وقال فرج إسرائيل أضافت مطلباً لم يكن في اتفاق إطار باريس وهو أن تتسلم كشف بأسماء من هم أحياء من جنود وضباط الجيش والثمن المطلوب مقابل الإفراج عنهم، وهذا ما ترفضه "حماس" لأنها من نظرها فإن هذا يعني أن المرحلة المقبلة من المفاوضات بلا قيمة لأنه سيكون عُرف الثمن.وأضاف: "الفصائل الفلسطينية ولا سيما حماس تسعى للحصول على تعهد في نهاية هذه الهدنة لوقف نهائي لإطلاق النار وذلك بسبب تخوفهم من أن إسرائيل من الممكن أن تعاود اجتياح القطاع مرة أخرى بعد الإفراج عن الأسرى وفي هذه الحالة لن تملك هذه الفصائل أوراق ضغط على إسرائيل للمساومة". وأشار إلى أن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو، يصر على تنفيذ عملية عسكرية في مدينة رفح من أجل الحصول على مكاسب سياسية فقط في الداخل الإسرائيلي، وغير عابئ بمخاطر هذه العملية على أكثر من مليون فلسطيني نازح هناك.تفاصيل الهدنة المتوقعةووفقا للخبير في الشؤون الإسرائيلية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية الدكتور سعيد عكاشة، فإن تعثر هدنة الستة أسابيع التي تحدث عنها الجميع خلال الفترة الماضية وفقا لورقة باريس كان متوقعاً.وأشار عكاشة في حديثه مع منصة "المشهد" إلى أن هناك مشروعاً تسعى إليه مصر في هذه الأثناء بالتعاون مع الوسطاء من قطر والولايات المتحدة الأميركية في التوصل إلى هدنة مدتها من 3 أيام إلى أسبوع كحد أقصى في مقابل تسليم "حماس" قوائم بأسماء المحتجزين الإسرائيليين لديها وأيضا إلزام إسرائيل إدخال كميات كبيرة من المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى قطاع غزة، وهذا ما تم مناقشته خلال زيارة مدير الاستخبارات الأميركية وليام بيرنز إلى القاهرة الجمعة الماضية،.وأكد أنه في حال نجاح هذا المشروع فمن الممكن أن يتم البناء عليه فيما بعد في إنجاح العديد من الهدن الأخرى التي قد تصل مدتها إلى أسبوعين أول ثلاثة أسابيع.ويقول المدير الأسبق للشؤون المعنوية بالجيش المصري اللواء سمير فرج، إن دور بلاده أساسي في هذه المفاوضات ولا يمكن الاستغناء عنه لاعتبارات هامة في مقدمتها الأمن القومي المصري، لأنها دولة جوار لطرفي النزاع ومن مصلحة القاهرة وجود استقرار داخل المنطقة وحل لتلك الأزمة وبالتالي دورها أكبر بكثير من أي أدوار أخرى ويعول عليه الأميركيون بشكل كبير، هذا بجانب الدور القطري الذي يلعب دورا هاما في الضغط على حماس التي تلقي تمويلاً ودعما غير محدودين من القطريين.ويرى عكاشة أن الحرب ستستمر خلال شهر رمضان، ولكن بوتيرة أقل عن طريق تقليل الضربات الجوية إلى حد كبير وعدم اتساع الخسائر في أرواح المدنيين، متوقعا أن الحرب ستكون أصعب على "حماس" بعد انتهاء شهر رمضان.وتساءل "عن ماذا تريد حماس من هذه الحرب وعلام يراهن قادتها في شهر رمضان تحديدا". واستبعد عكاشة: "نجاح رهان حماس على فكرة تأجيج مشاعر المسلمين سواء في الداخل الفلسطيني أو في الدول العربية والإسلامية".(المشهد)