تزايدت التوترات بين إيران وإسرائيل في الأسابيع الأخيرة، خصوصا بعد أن نفذت طهران هجمات بطائرات مسيرة وصواريخ على تل أبيب في وقت متأخر من ليلة السبت.وأسقطت الولايات المتحدة وبريطانيا بعض الطائرات بدون طيار قبل وصولها الأجواء الإسرائيلية. وقبل ذلك بيوم، استولى الجيش الإيراني على سفينة شحن قادمة إلى الهند من خليج عُمان عبر مضيق هرمز، حيث تعود ملكية السفينة إلى شركة مقرها لندن يملكها ملياردير إسرائيلي.ومن هنا، قال المحلل الأمني والاستراتيجي اللواء المتقاعد الدكتور هشام أحمد خريسات إن العملية العسكرية التي تمت مساء السبت وإطلاق الصواريخ والمسيّرات من الجانب الإيراني نحو إسرائيل، كانت ردّاً غير مقنع ولم تحقق الهدف العسكري الذي جاءت من أجله، وظهرت كمسرحية سيئة الإخراج. وأضاف في تصريحات لمنصة "المشهد" أن "المأخذ على هذا الموضوع، أنه تم الإعلان عن انطلاق تلك المسيرات والصواريخ حال انطلاقها، وبالتالي فإن جميع الدول التي مرّت من فوقها وحتى إسرائيل والعالم الغربي عمل على الاستعداد لاعتراضها وإسقاطها".المسيّرات الإيرانيةواعتبر أن الطائرات المسيّرة حتى تكون فاعلة، يجب أن تحقّق عنصر المفاجأة وأن تنطلق من مناطق قريبة من مسرح العمليات.وقال خريسات "لا يُعقل أن طائرة مسيّرة تطير لمدة 6 ساعات في الجو ولا يتم اكتشافها أو الإعلان عنها أو اعتراضها". إلا أنه أكد أن ما تمّ ليل السبت، كان عبارة عن هجوم صاحبه هالة إعلامية ضخمة قامت بها إيران وعزّزها الغرب بردود إعلامية سياسية من دون تحقيق أية أهداف عسكرية. وتابع خريسات "بل على العكس، فإن الهجوم وضع المنطقة على صفيح ساخن وتحت الخطر من جراء مرور المسيرات والصواريخ وتم التشويش المسبق على أنظمة تحديد المكان والمسار مما يعني إمكانية أن تحيد المسيرات عن أهدافها". واعتبر أن إيران لو أرادت أن تكون مؤثرة في هجومها "كان يمكن أن تنطلق تلك المسيرات من دول مجاورة لإسرائيل تقع تحت سيطرة طهران وتحت سيطرة ميليشياتها ووكلائها في المنطقة". صورة إيرانوقال خريسات "أعتقد أن إيران ظهرت أمام العالم كدولة معتدية ولم تخدم القضية الفلسطينية، وأظهرت إسرائيل كطرف مُعتدى عليه". وأضاف أن "أي مخرجات لهذه العمليات ما لم تخدم القضية الفلسطينية ستكون مخرجا باهتا وغير مقنع". وأشار خريسات إلى أن الهجمات التي تمت في الساعات الماضية، كانت جزءا من تبييض صورة إسرائيل أمام العالم وإظهار إيران بمظهر المُعتدي.القوة العسكرية بين إيران وإسرائيل عند الحديث عن الاستعدادات العسكرية لدى إيران أو إسرائيل، فإن هناك خطابا عدوانيا من الجانبين ظهر سابقا وزادت وهجته مؤخرا. ونقلت وسائل إعلام غربية عن تقرير لصحيفة "ذا صن" البريطانية، أن إيران تتخلف عن إسرائيل من حيث ميزانية الدفاع، لكن طهران تتقدم بفارق كبير عن تل أبيب من حيث عدد القوات العاملة. وتبلغ ميزانية الدفاع الإسرائيلية 24.2 مليار دولار، بينما تبلغ ميزانية الدفاع الإيرانية 9.9 مليارات دولار. وبالحديث عن القوة الجوية، تمتلك إسرائيل 612 طائرة، فيما لدى إيران 551 طائرة. وفي هذا الصدد، قال خريسات "لو قارنّا موازين القوة ما بين إيران وإسرائيل، سنجد أنها متعادلة وخصوصا من حيث القوة البرية والبحرية لا بل إيران تتفوق بالقوة البرية". وأشار إلى أن عدم وجود التواصل الجغرافي للحدود ما بين الدولتين، فإن سلاح الجو سيكون هو الحاسم عبر الطيران الحربي والصواريخ والتكنولوجيا. وأوضح المحلل العسكري أنه في سلاح الجو، فإن إسرائيل تتفوق على إيران، وبالتالي فإنه مع عدم وجود حدود مشتركة، فإن الخطر كان واقعا على الدول التي مرّت منها تلك الصواريخ وهي الدول العربية.قوات برية متأرجحةمن حيث الدبابات، تمتلك إيران ضعف قوة إسرائيل تقريبًا، حيث لدى إسرائيل 2200 دبابة، فيما تمتلك إيران 4071 دبابة. كما تتفوق إيران على إسرائيل في القوة العسكرية البحرية. تمتلك إسرائيل 67 سفينة حربية، بينما تمتلك إيران أسطولًا ضخما مكونًا من 101 سفينة حربية. تمتلك إسرائيل 43 ألف عربة مدرعة، بينما تمتلك إيران 65 ألف عربة مدرعة. وفيما يخص عدد القوات البرية، فإن إيران تتقدم على إسرائيل بفارق كبير، حيث إن لدى تل أبيب 1.73 مليون جندي ضمن القوات العاملة، بينما لدى إيران 5.75 ملايين جندي عامل. وبصرف النظر عن هذا، لدى إسرائيل 4.65 ملايين جندي احتياطي، في حين أن إيران لديها 3.50 ملايين جندي احتياطي. ووفقا لتقارير وسائل الإعلام الدولية، تمتلك إسرائيل حاليا 80 قنبلة نووية، في حين لا تمتلك إيران رسميا أي من هذه القنابل. ومن الواضح أنه فقط بالاعتماد على القنبلة الذرية، تستطيع إسرائيل هزيمة إيران في الحرب، وفق التقرير. إسرائيل يُعتبر الجيش الإسرائيلي من أكثر جيوش الشرق الأوسط تقدّما بالتكنولوجيا، مع استثمارات كبيرة في أحدث الطائرات المقاتلة وأنظمة الدفاع الصاروخي مثل القبة الحديدية والحرب السيبرانية. تؤكد إستراتيجية البلاد على العمليات السريعة وعالية الكثافة والحفاظ على التفوق التكنولوجي على خصومها. إيران تعوّض الإستراتيجية العسكرية الإيرانية عن المعدات القديمة بأحجام قوة أكبر وتركز على تكنولوجيا الصواريخ، بما في ذلك الصواريخ الباليستية القادرة على الوصول إلى مجموعة متنوعة من الأهداف الإقليمية. وتستفيد إيران أيضًا من تكتيكات الحرب غير المتكافئة، بما في ذلك استخدام القوات بالوكالة في جميع أنحاء الشرق الأوسط، وتركز بشكل كبير على توسيع قدرات الطائرات بدون طيار والقدرات السيبرانية. دروس الهجوم الإيرانيواختتم المحلل الأمني والإستراتيجي حديثه قائلا: "من الدروس المستفادة من هذه العملية العسكرية، أن إيران أظهرت للعالم أنها قادرة على إطلاق صواريخ من أراضيها، وأنها تمتلك منظومة عسكرية قوية".وقال إن هذه الأحداث أثبتت أيضا أن إسرائيل ما زالت تعاني ضعفا في منظومتها العسكرية، لذا استنجدت بالعالم الغربي ليكون عونا لها.وأضاف خريسات "يبدو أن جميع الأطراف متفقون على إنهاء الصراع عند حدّ معين وعدم تفاقمه حتى لا تنجرّ الأمور إلى حرب شاملة".وأكد أن الأردن له الحق في حماية مصالحه وأجوائه كونه يقع في المربع الجغرافي الأخير لاحتمالية سقوط تلك المسيرات والصواريخ، مما يعني وضع قواته وأنظمة دفاعه الجوي على أهبة الاستعداد.ورجّح خريسات عدم امتداد الصراع ليرتقي إلى حرب شاملة كون جميع الأطراف ذات العلاقة "اكتفت بما جرى".(المشهد)