منذ الساعة الثامنة صباحا انطلق التونسيون في الإدلاء بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية حاملين انتظارات مختلفة تتفق جميعها على تجاوز أزمات البلد المتعددة. وسينتخب التونسيون رئيسًا من بين 3 مرشحين وهم الرئيس المنتهية ولايته قيس سعيد والعياشي زمال وزهير المغزاوي. وانقسم الشارع التونسي بشأن مسألة التصويت لهذه الانتخابات من عدمها وصباحًا كانت نسبة الإقبال على مراكز الاقتراع وفق ما رصدته منصة "المشهد" متفاوتة ولحدود الواحدة ظهراً لم يصوت إلا 14.16% من الناخبين وفق البيانات الرسمية للهيئة العليا للانتخابات علمًا وأن عددهم يبلغ نحو 9.8 ملايين ناخب. ماذا ينتظر التونسيون؟ ويقول أحمد وهو شاب كان يجلس بمقهى بوسط العاصمة تونس إنه لم يحسم أمره بعد بخصوص المشاركة في التصويت، موضحًا أن "السياسة لا تستهويه"، ويؤكد أنه لم يشارك في كل المحطات الانتخابية السابقة، مضيفًا "لماذا أفعل ذلك الآن؟ ما الذي تغيّر... هؤلاء لا يهتمون لمشاغلنا كشباب (في إشارة للسياسيين)". وعن انتظاراته من الرئيس القادم يقول الشاب التونسي إن أهم ما يشغله هو إيجاد عمل، ويوضح "كأغلب من تخرج من الجامعات نأمل إيجاد عمل يغنينا عن التفكير في مغادرة البلد بأيّ طريقة كانت حتى وإن كان ذلك بالمغامرة بحياتنا عبر رحلات الهجرة غير الشرعية".لكن سيرين التي حرصت على التقاط صورة لها من أمام مركز الاقتراع بمدرسة نهج مرسيليا وسط العاصمة تونس بعد الانتهاء من الإدلاء بصوتها تقول لمنصة "المشهد" إنها حرصت على المشاركة في التصويت، مضيفة أن هذه أول مرة تصوت فيها بعد بلوغها السن القانونية، وتتابع" سابقًا كنت في كل مرة أحسد شقيقي الأكبر لأنه يستطيع التعبير عن رأيه بالتصويت واليوم عندما حان دوري وبلغت سن 18 قمت في ساعة مبكرة وكلي حماس لفعل ذلك، أشعر أنني صرت مواطنة ناضجة تؤدي واجبها الوطني"، وتتطلع الشابة التونسية "لتونس أفضل"، وفق تعبيرها "تقدر شبابها وتمنحهم فرصة للتحليق عاليًا لأنهم مستقبل البلد".أما والدها الذي كان يقف إلى جانبها فيؤكد لمنصة "المشهد" أنه لم يفوت أيّ موعد انتخابي منذ 2011، ويقول "اليوم أيضا قمت باكرًا للإدلاء بصوتي والمشاركة في اختيار من أراه الأفضل ليكون رئيسًا للجمهورية"، ويتابع أنه ينتظر الكثير ممن اختاره ليكون رئيسًا " الأهم أن يلتفت لمشاكل التونسيين بعيدًا عن التجاذبات السياسية وأن يعمل على حل الأزمة الاقتصادية للبلد.. لقد أنهكت مقدرتنا الشرائية ولم نعد قادرين على المواصلة في ظل ارتفاع الأسعار وانخفاض الرواتب وأن يقلص نسبة الفقر "، ويختم حديثه قائلا" أحلم بأن أرى شوارع بلدي نظيفة وخدمات مؤسساته متطورة وتعليمه متقدماً وألا يظل شبابه بلا عمل ".لحظة فرز ودأب التونسيين على التقاط صور لهم من مراكز الاقتراع ونشرها على حساباتهم على شبكات التواصل الاجتماعي في إشارة لاعتزازهم بأداء ما يعتبرونه "حقًا وواجبًا وطنيًا".لكن شبكات التواصل الاجتماعي التي لعبت دورًا هامًا في الحملة الانتخابية للرئاسيات في تونس وعوضت لحد كبير الحملات الميدانية عجّت بأصوات أخرى تعبر عن رفضها للمشاركة في الاقتراع. كما رصدت ذلك منصة "المشهد" في منشورات عديدة رأت أنّ مقاطعة الاقتراع هي أيضا شكل من أشكال التعبير عن مواقف أصحابها من هذه الانتخابات وانتظاراتهم منها. وكان عدد من الأحزاب السياسية دعا إلى مقاطعة الانتخابات تعبيرًا عن رفضه لما رافقها من إجراءات يقول إنها ضيقت على المعارضين وأقصت المنافسين الجديين.وسبق إجراء الانتخابات تعبير عدد من المراقبين عن خشيتهم من أن تؤثر الأجواء المتوترة التي ميزت فترة الحملة الانتخابية على نسبة المشاركة فيها، متوقعين أن تكون أضعف من النسب المسجلة في الانتخابات الرئاسية السابقة.ويخوض المرشح العياشي زمال هذا السباق الانتخابي من السجن بعد أن صدرت ضده أحكام بالسجن تصل إلى 12 سنة من أجل تهمة تزوير تزكيات انتخابية.غير أن ضعف المشاركة في جميع الاستحقاقات التي نظمت في العامين الأخيرين لا يعني أن التونسي سيعزف عن التصويت بكثافة في الانتخابات الحالية وفق المحللة السياسية أحلام العبدلي التي تقول لمنصة "المشهد" إن طبيعة الاستحقاق الانتخابي تفرض نفسها فالرهان اليوم وفق رأيها هو انتخاب رئيس للجمهورية وهذا لوحده كفيل بأن يحفز الناخب التونسي على التوجه لمراكز الاقتراع. وتعتبر المتحدثة أن الانتخابات الرئاسية الحالية هي محطة للفرز والتنافس بين منظومتين الأولى يقودها الرئيس قيس سعيد متمثلة في منظومة 25 يوليو والتي تسعى لطي صفحة عشرية الإسلاميين ومن حكم معهم، والثانية ممثلة في مرشحي منظومة ما قبل 24 يوليو التي حكمت تونس بعد 2011 وخيبت آمال شق واسع من التونسيين.(المشهد)