أيام قليلة تفصلنا على تولي الرئيس الأميركي المُنتخب، دونالد ترامب، مقاليد السلطة في البلاد رسميا وهو ما يُثير تكهنات كثيرة بشأن تعامل الإدارة الجديدة مع القوة الاقتصادية والسياسية للصين. وخلال فترة ولايته الأولى دأب ترامب على تحجيم الوضع الصيني المُتصاعد من خلال وضع الكثير من العراقيل أمام الشركات الصينية للتوسع في سوق التجارة العالمي، كرفع التعريفة الجمركية على الواردات الصينية وفرض عقوبات على شركة "هواوي" التكنولوجية.الحرب التجارية بين أميركا والصينالتحركات الأميركية ضد الصين لم تبدأ خلال حقبة ترامب، بل سبقت ذلك بسنوات عدة وتحديدا خلال سنوات الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر، حين أبدى مستشار الأمن القومي الأميركي حينذاك بريجنسكي خشية الولايات المتحدة من الصعود الكبير للصين. صعود خبرته الولايات المتحدة جيدًا، فهو يحاكي تجربة صعودها ويلتقي معها في مشاهد عدة، فالولايات المتحدة خلال مطلع القرن الـ19 اكتفت ببناء قوتها الداخلية وإزالة التهديدات في محيطها الإقليمي قبل أن تعمل على تحجيم نفوذ القوى العظمى آنذاك كبريطانيا وفرنسا في الأميركيتين وهي مرحلة مرت بها الصين في مرحلة الزعيم الصيني السابق ماو تسي تونغ. الولايات المتحدة في بداية الحرب العالمية الأولى نأت بنفسها عن الصراع قبل أن تتخلى عن الحياد وتدخل بنفسها بشكل رجّح موازين القوى لصالح الحلفاء في مشهد مطابق أيضا لموقف الصين من حرب الكوريتين والتي تمكنت في تثبيت حكم الزعيم الكوري السابق كيم إل سونغ.صراع مستمر في التفاصيل، استبعد الدبلوماسي والخبير في الشأن الأميركي، السفير مسعود معلوف، أن تستمر الولايات المتحدة في سياستها كأن تكون شرطي العالم. وقال في مقابلة مع قناة "المشهد"، "أميركا تحاول أن يكون لها دور عالمي في شتى الأمور ولكن صعود دول أخرى مثل الصين و عودة روسيا إلى المشهد لا يجعلها القوة العظمى الوحيدة في العالم كما كانت في تسعينيات القرن الماضي". وأشار معلوف إلى أنّ واشنطن تحاول أن تضع حدًا للتقدم الصيني على المستوى الاقتصادي، مضيفًا "خلال فترة ترامب الأولى بدأ في حرب تجارية على الصين ومن بعده بايدن الذي انتهج نفس السياسة وزاد من الضغوط على الصين". وأوضح أنّ الصين تعاني حاليًا من أزمة اقتصادية ولكن في الوقت نفسه تعتمد عليها الولايات المتحدة في الكثير من الواردات الخاصة بالتكنولوجيا. وتوّقع معلوف أن تستمر أميركا في حربها التجارية على الصين والحد من تقدمها التكنولوجي، لافتا إلى وجود بعض الأصوات داخل الولايات المتحدة التي تحذر من حدوث تضخم مالي كبير داخل أميركا جراء هذه السياسات. وقال "ليس من المؤكد أن ينجح ترامب في خطته بتحجيم الصين"، مشيرا إلى أن ترامب سيكون أكثر واقعية وسينظر إلى مصلحة أميركا ومصلحته الشخصية ولن يكون من المفيد الصدام مع الصين. وأضاف أنّ المنافسة بين البلدين ستستمر خلال السنوات القادمة مع سعي كلا البلدين إلى عدم تحويلها إلى صراع، خصوصا أن الصراع بين البلدين ليس تجاريا فقط ولكن منافسة سياسية بين البلدين في أكثر من منطقة في العالم بما في ذلك القارة الإفريقية وأميركا اللاتينية. واختتم الخبير في الشأن الأميركي حديثه بالقول "ما يشغل بال الأميركيين التحالف القوي بين الصين وكوريا الشمالية وروسيا وإيران وهو ما يضع العالم على عتبة حرب باردة جديدة".(المشهد)