نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرًا أكدت فيه أنه وعلى مدى أشهر من القتال في غزة، خاضت حركة "حماس" القتال كقوة لا مركزية ومخفيّة إلى حدّ كبير، على النقيض من الهجوم الذي شنته في السابع من أكتوبر على إسرائيل، والذي اتسم بالمباشرة، عبر مناورة واسعة النطاق منسقة، اندفع فيها الآلاف من قواتها عبر البلدات الحدودية.وتضيف الصحيفة أنّ "حماس" اختارت الانسحاب من قواعدها ومواقعها الأمامية، بدلًا من المواجهة المباشرة للهجوم الإسرائيليّ الذي أعقب ذلك، للتمكن من إضعاف التفوق التكنولوجيّ والعدديّ الذي تتمتع به إسرائيل. تكتيك "حماس" القتالي ويشن مسلحو "حماس" هجمات مفاجئة على مجموعات صغيرة من الجنود الإسرائيليّين، ولا يخرجون من الأنفاق إلا بشكل مفاجئ لضرب جنود إسرائيليّين ثم العودة بسرعة إلى حصونهم تحت الأرض. ووفقًا للصحيفة، يختبئ عناصر الحركة بين عدد قليل من المدنيّين الذين قرروا البقاء في أحيائهم، على الرغم من الأوامر الإسرائيلية بالإخلاء، أو رافقوا المدنيّين أثناء عودتهم إلى المناطق التي استولى عليها الإسرائيليون ثم تركوها. وتعتمد "حماس" على أسلوب حرب العصابات، وغالبًا ما يتنكّر مقاتلوها في زيٍّ مدني، ويختبئون داخل الأحياء السكنية ويخزّنون أسلحتهم في شبكة طويلة من الأنفاق، وفي المنازل والمساجد وتحت الأرائك، وحتى في غرف نوم الأطفال، وفقًا للتقرير. وتضيف الصحيفة، أنه يشير تحليل لمقاطع فيديو من ساحة المعركة نشرتها "حماس"، ومقابلات مع 3 من أعضاء "حماس" وعشرات الجنود الإسرائيليّين، الذين تحدّث معظمهم بشرط عدم الكشف عن هوياتهم، لأنهم غير مخولين بالتحدث علنًا، إلى أنّ استراتيجية الحركة تعتمد على: استخدام مئات الأميال من الأنفاق، التي فاجأ حجمها القادة الإسرائيليّين، للتحرك في غزة من دون أن يراها الجنود الإسرائيليون. استخدام المنازل والبنية التحتية لإخفاء المقاتلين، ومداخل الأنفاق والفخاخ ومخازن الذخيرة. نصب كمائن لجنود إسرائيليّين بمجموعات صغيرة من المقاتلين يرتدون ملابس مدنية للعمل كمراقبين. ترك علامات سرية خارج المنازل، مثل ورقة حمراء معلقة على النافذة أو كتابات على الجدران، للإشارة إلى بقية المقاتلين بوجود ألغام أو مداخل أنفاق أو مخابئ أسلحة في الداخل. إطالة أمد الحرب لأطول فترة ممكنة، من أجل إغراق إسرائيل في معركة استنزاف، أدت إلى تضخيم الانتقادات الدولية لإسرائيل. قرار كارثي وتصف صحيفة "نيويورك تايمز" قرار "حماس" مواصلة القتال، بالكارثيّ بالنسبة للفلسطينيّين في غزة، إذ مضت إسرائيل قدمًا في حملتها العسكرية، مضيفة أنه وعلى الرغم من المذبحة في القطاع، فإنّ استراتيجية الحركة ساعدتها على تحقيق بعض أهدافها الخاصة، إذ شوّهت الحرب سمعة إسرائيل في معظم أنحاء العالم، وفق الصحيفة. وأدت الحرب إلى اتهام إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية بحق الفلسطينيّين، في محكمة العدل الدولية في لاهاي، كما أعادت مسألة الدولة الفلسطينية إلى الخطاب العالمي، الأمر الذي دفع العديد من الدول إلى الاعتراف بفلسطين كدولة.ونقلت صحيفة "نيويورك تايمز" عن العضو السابق في الجناح العسكري لـ"حماس"، الذي يعمل محلّلًا مقيمًا في إسطنبول، صلاح الدين العواودة، قوله: كتائب القسام كانت تعمل كجيش له قواعد تدريب ومخزونات قبل 7 أكتوبر، ولكن خلال الحرب الحالية يتصرفون كعصابات". قامت الحركة بتوسيع شبكة واسعة من الأنفاق، وخلقت نقاط دخول في المنازل في جميع أنحاء غزة، تسمح للمسلحين بالدخول والخروج من دون أن يتم رؤيتهم من الجو. تم تجهيز الشبكة بشبكة هاتف أرضي يصعب على إسرائيل مراقبتها، وتسمح للمسلحين بالاتصال حتى أثناء انقطاع شبكات الهاتف المحمول في غزة، والتي تسيطر عليها إسرائيل.وبعد 9 أشهر يقول كبار المسؤولين الإسرائيليّين إنهم لم يدمروا إلا جزءًا صغيرًا من الشبكة، وإنّ وجودها كان سببًا في إحباط قدرة إسرائيل على تدمير "حماس".وحتى في المناطق التي تزعم فيها إسرائيل أنها هزمت "حماس"، اضطرت القوات الإسرائيلية في كثير من الأحيان إلى العودة، بعد أسابيع أو حتى أشهر، لمواصلة المعركة ضد المسلحين الذين نجوا من المراحل السابقة من الحرب. واندلعت الحرب في 7 أكتوبر، عندما هاجمت "حماس" جنوب إسرائيل، ما أسفر عن مقتل 1200 شخص، واحتجاز نحو 250 وفقًا لإحصاءات رسمية إسرائيلية.في المقابل، أكدت وزارة الصحة في غزة، مقتل أكثر من 38 ألف فلسطينيّ بسبب الهجوم الإسرائيلي، مع نزوح جميع السكان البالغ عددهم نحو 2.3 مليون نسمة، ما أدى إلى أزمة إنسانية حادة. (ترجمات)