فتحت قضية وفاة الطالبة بجامعة العريش نيرة الزغبي، الباب مرة أخرى، أمام قضية العنف الإلكتروني، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لكي تطرح تساؤلات أمام الكثير حول كيفية التعامل مع هذه الجرائم وكيفية حماية أنفسنا منها. ومع الانتشار الكبير للتكنولوجيا في العالم، بات من السهل على لبشر كافة، التعاطي مع هذه التكنولوجيا من خلف شاشة الهاتف، ولكن هناك من يسيء استخدام هذه التكنولوجيا ظنًا منه أنه بمأمن من طائلة القانون. وأصدرت الحكومة المصريّة قانونًا لمعاقبة مرتكبي الجرائم الإلكترونية في العام 2018، وتصل عقوبته إلى السجن وغرامة مالية، إذ تتنوع مدة العقوبة بحسب نوع الجريمة التي يرتكبها الشخص، فضلًا عن قانون الأحوال الجنائية. وكانت النيابة العامة المصريّة، قد قررت وجهت اتهامات لاثنين من زملاء طالبة العريش تتعلق بالتهديد بكتابة وإفشاء أمور تتعلق بالحياة الخاصة، والاعتداء على حرمة الحياة الخاصة للمجني عليها، وقررت حبسهما على ذمة التحقيقات. ويعدّ المشاهير من أكثر الأشخاص عُرضة لانتهاك خصوصيتهم عبر الإنترنت، سواء بانتحال الشخصية من خلال تدشين صفحات تحمل أسماءهم، أو اختلاق قصص أو تركيب صور تخص هؤلاء المشاهير. أما على المستوى الأفراد العاديّين، فتعدّ جريمة الإبتزاز والتشهير هي الجريمة الأبرز التي يتعرضون لها، وكان آخرها ما حدث مع الطالبة المصرية نيّرة الزغبي، الأمر الذي تسبب في وفاتها. تحرك قضائي ومنذ وفاة الطالبة المصرية، ثارت حالة من الجدل على وسائل التواصل الاجتماعي، وانتشرت الكثير من المعلومات منها الصحيح ومنها الخاطئ أو المُجتزأ، إذ وقف رواد مواقع التواصل الاجتماعي أمام هذا الكمّ الهائل من المعلومات، حائرين، فمن الصعب التحقق من مدى صدق كل هذه المعلومات. وبناءً على ما سبق، تحركت النيابة العامة المصرية، وأصدرت بيانًا قالت فيه، إنه سيتم فتح تحقيق في ما أثير على وسائل التواصل الإعلاميّ من وقائع نشر أخبار كاذبة، من شأنها تكدير الأمن العام وإلقاء الرعب بين الناس حول واقعة فتاة جامعة العريش. وقررت النيابة العامة، تكليف قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بوزارة الداخلية، بإجراء التحريات الفنية اللازمة لفحص المواقع الإلكترونية كافة التي تناولت الواقعة، للتأكد ما إذا كان أيّ منها احتوى على معلومات كاذبة من شأنها تكدير الأمن العام. الوصم المجتمعي وقالت المحامية الحقوقية انتصار السعيد، إنّ المشكلة الأكبر التي تواجه الفتيات اللاتي يتعرضن لمحاولات التشهير والابتزاز، هي فكرة الوصم المجتمعيّ والخوف من الأسرة. وأوضحت في حديث لمنصة "المشهد"، أنّ الفتاة التي تتعرض لهذه النوعية من الجرائم، في الغالب تواجَه بكمّ كبير من اللوم من قبل الأهل، وهو ما يضطرها في كثير من الأحيان إلى السكوت والخوف من تداعيات الحديث في هذا الأمر. وأشارت السعيد إلى أنّ واقعة الطالبة نيرة الزغبي ليست الأولى في جامعة العريش، ولكن حدثت مشكلة مشابهة أيضًا قبل شهور مع فتاة أخرى، إذ تعرضت لانتقادات كبيرة وتهديد بسبب المعتقد الديني، مُشيرة إلى ضرورة أن يكون للجامعة دور في التصدي لهذه الظواهر. وبحسب حديث المحامية الحقوقية، فكلتا الفتاتين توجهتا إلى إدارة الجامعة للإبلاغ عن المضايقات التي يتعرّضن لها، ولكن لم يكن هناك إجراء حاسم حيال هذه الشكاوى.ماذا تفعل إذا تعرضت للابتزاز الإلكتروني؟ماذا تفعل إذا تعرضت لمحاولة تشهير إلكتروني؟ تجيب السعيد بقولها: "حين يتعرض أيّ شخص لمحاولة ابتزاز أو تشهير عبر الإنترنت، عليه التحرك فورًا لمباحث الإنترنت الموجودة في كل محافظة وتقديم بلاغ بالواقعة". وأوضحت أنّ هذا الاجراء يحمي الضحية بشكل كبير، لأنّ الشرطة تتحرك وتقوم برصد هذه التجاوزات، وبالتالي يتم معاقة الجاني وفقًا لقانون الجريمة الإلكترونية الصادر عام 2018 ووفق قانون الجنايات المصريّ. وطالبت المحامية الحقوقية بضرورة أن يقف الأهل خلف أبنائهم الذين يتعرضون لمثل هذه النوعية من الجرائم، لأنّ لوم الضحية لن يكون في صالحه وسيكون له أثر عكسيّ كبير. كيف تحمي نفسك من القرصنة؟ كيف تحمي نفسك من عمليات القرصنة واختراق حساباتك الإلكترونية، في هذا السياق، يقول خبير تكنولوجيا المعلومات أحمد السبكيي، إنّ القاعدة الرئيسية لحماية بياناتك الحساسة من الاختراق، هو عدم وضعها على أجهزة الهاتف المحمول وكذلك الكمبيوتر المحمول. وأضاف السبكي في حديث لـ"المشهد"، أمر آخر يجب فعله عند التعامل مع التكنولوجيا الحديثة، وهو اتخاذ إجراءات عرقلة الوصول إلى حساباتك الشخصية، حتى لا يكون الوصول إلى بياناتك بالأمر السهل. وتطرق خبير تكنولوجيا المعلومات إلى الحديث إلى العقوبات القانونية التي تضع الشخص الذي ينتهك خصوصية الآخرين تحت طائلة القانون، قائلًا:" هناك قانون حماية خصوصية برقم151 الصادر عام 2020 وكذلك قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات الصادر عام 2018 والذي يعاقب كل من يدخل على أي نظام إلكتروني غير مصرح له بالدخول عليه، وإذا اقترن هذا الاختراق بارتكاب فعل إبتزاز فهذا يحيله إلى جريمة أخرى وفقًا لقانون الجنايات المصري". وأكد السبكي على ضرورة عدم وضع البيانات ذات الحساسية العالية، سواء معلومات شخصية أو حسابات مصرفية على حسابات مواقع التواصل الاجتماعي، لأنها في النهاية لا تخضع للحماية الكاملة ومن الممكن أن تتعرض للاختراق. (المشهد- القاهرة)