منذ اللحظة الأولى لإعلان اغتيال نائب رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" صالح العاروري بغارة إسرائيلية، حيث كان موجودًا بالضاحية الجنوبية في بيروت مساء الثلاثاء، خرج المئات من الفلسطينيين إلى الشوارع ومراكز المدن بالضفة الغربية، بتظاهرات عفوية وهتافات شعبية، مستنكرين اغتيال العاروري، ومطالبين بالرد الفوري، فيما أشادت كل فئات المجتمع الفلسطيني عن حالة الإجماع الوطنية التي يحظى بها العاروري.الإضراب الشامل الذي دعت إليه حركة "فتح" وباقي الفصائل والقوى الوطنية شلّ جميع مناحي الحياة، حيث أُغلقت الجامعات والبنوك والمحالّ التجارية، وعمّ الإضراب أرجاء القدس والضفة الغربية، بمدنها وقراها ومخيماتها، تلبية لدعوات الإضراب الشامل، تنديدًا باغتيال العاروري.كما أدى المصلون صلاة الغائب على روح العاروري في مراكز المدن، ودعوات التصعيد والمواجهة والنفير ضد إسرائيل، سرعان ما تحولت لمسيرات جماهيرية حاشدة توجهت نحو الحواجز والمستوطنات الإسرائيلية ومناطق التماس المباشر، حيث اشتبك الفلسطينيون مع قوات الجيش الإسرائيلي التي جرحت واعتقلت عددًا منهم.وحتى اللحظة، يتجلّى الحرص الإسرائيلي للتعامل بحذر شديد مع حادثة الاغتيال في جواب الناطق العسكري دانيال هغاري، حينما سئل عنها، اكتفى بالقول: إننا مستعدون لكل الاحتمالات، ونحن نركز في الحرب على "حماس"، فيما اعتبر الفلسطينيون عملية الاغتيال ضربة موجعة في معركة إسرائيل على الوعي، لاستعادة هيبتها وقوة الردع في اليوم الـ88 من الحرب.ساحة الضفة ستتحرك ثأرًا للعاروريوحول مدى قدرة واتساع الرد الفلسطيني في القدس والضفة الغربية على عملية اغتيال العاروري، قال الأكاديمي والمحلل السياسي أيمن يوسف لمنصة "المشهد" إن "اغتيال القيادي الفلسطيني صالح العاروري من قبل إسرائيل، كان متوقعًا، وكان جزءًا من بنك أهداف إسرائيل، وعندما وقع هجوم 7 أكتوبر، أعلنت إسرائيل نيتها القضاء على حركة "حماس"، وهذا يعني الوصول إلى بنيتها العسكرية، وبنيتها التحتية وقياداتها السياسية، فلا بد أن يتخلصوا من كل الأعضاء المنتمين والمتعاطفين مع الحركة".ويستدرك يوسف قائلًا "إسرائيل استطاعت الوصول إلى صالح العاروري، وهذه العملية يقف وراءها رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو، سعيًا منه للهروب إلى الأمام من خلال تأزيم جبهات أخرى وفتحها مع لبنان، وإرسال رسالة إلى الولايات المتحدة الأميركية، لكي تبقى في المنطقة، لأن هناك حديثًا مطولًا أن واشنطن سحبت حاملة الطائرات من شرق المتوسط، وبالتالي هذه العملية أفشلت كل جهود السلام العربية المقترحة والتي نسمعها من فينة إلى أخرى".وأضاف: "الرد الفلسطيني في القدس والضفة على اغتيال القيادي العاروري، سوف يكون من كل الفصائل وليس فقط من حركة حماس، على اعتبار أن العاروري شخصية وطنية فلسطينية له باع طويل في المفاوضات والمقاومة، والمصالحة الوطنية، والرد سيتنوع في الضفة الغربية بمحاولة القيام بعمليات عسكرية في أرجاء الضفة الغربية من كل الأجنحة الموجودة، وحتى محاولة مهاجمة بعض الأهداف الإسرائيليّة في العمق الإسرائيلي".وأشار يوسف إلى "أنه من غير المتوقع أن يتحول هذا الرد الثائر إلى انتفاضة شاملة، سيكون الرد أكثر، من خلال الاشتباكات، والعمليات والاستهدافات هنا وهناك، لاسيما وأن إسرائيل تستبيح الأرض على مدار الساعة، ولربما الردود الأكثر سوف تكون في العمق الإسرائيلي، بفعل القبضة الإسرائيلية المحكمة على القدس والضفة منذ الحرب".جبهة اشتعال جديدةمن جانبه، قال الباحث في الشؤون الفلسطينية في جامعة تل أبيب ميخائين ميليشتاين، لمنصة "المشهد": "بالطبع سوف يكون هناك ردة فعل في الضفة الغربية، ومن الممكن أن تحاول حركة "حماس" الانتقام للعاروري من خلال تنفيذ الهجمات المباغتة بالقدس والضفة الغربية، عمليات وهجمات مسلحة لمواقع إسرائيلية، ولربما تقوم بإطلاق صواريخ من المناطق الخاضعة لسيطرتها في غزة على البلدات الإسرائيلية، سوف يكون هناك رد متنوع على عملية الاغتيال".ويتابع ميليشتاين قائلًا "أغلب التقديرات ترجح بأن الثأر على عملية اغتيال العاروري، سوف تقع في الضفة الغربية، فهذه أول مرة تنجح فيها إسرائيل باغتيال أحد قادة "حماس"، فمساعيها للوصول إلى ذلك كبيرة وكانت منذ بدء الحرب، فالرد الآن سوف يكون متوقعًا".وأضاف: "طبيعي أن يكون هناك رد بالضفة الغربية، لأن العاروري له امتداد وقاعدة فيها، فهو من عمل على تحريك ساحاتها منذ فترة طويلة، وهو من كان ينسق مع المقاومة في لبنان كجبهة قتالية ضد إسرائيل، وعمل على بناء القدرات العسكرية لحماس".ويرجح ميليشتاين أنه في المحصلة سوف تحاول "حماس" الثأر لاغتيال العاروري، من خلال عمليات في الضفة الغربية، أو من خلال إطلاق صواريخ أو عمليات اختراق للحدود من جنوب لبنان. ويقول "حزب الله لن يسارع لإشعال حرب واسعة بسبب الاغتيال، رغم وقوعه على الأرض اللبنانية وفي قلب الضاحية".وأشار إلى أن "عملية الاغتيال من الممكن أن تضع الحرب على مفترق طرق، يتمثل في اتساع وامتداد الحرب والصراع ليشمل كل الساحات وكذلك رقعة المواجهة".(المشهد)