بعد أن أعلنت الفصائل السورية المعارضة، في 8 ديسمبر 2024، دخولها العاصمة السورية دمشق، وسيطرتها على مبنى الإذاعة والتلفزيون، بدأت الأنظار تتجه إلى شمال شرقي سوريا، حيث تسيطر قوات سوريا الديمقراطية (قسد) على المنطقة، وبدأت التساؤلات، كيف ستتعامل القوات الكردية مع تغيير نظام الحكم في سوريا؟ وماهي الرواية الكردية للمستقبل؟وبعد إعلان مغادرة الرئيس السوري السابق بشار الأسد، البلاد إلى جهة غير معلومة، بدأت القوى والأحزاب الكردية بنشر بياناتها، وفي صباح الأحد 8 ديسمبر، أصدر المجلس العام لحزب الاتحاد الديمقراطي في شمال شرق سوريا، بياناً أكد من خلاله، أن الحزب يحرص على أن تكون هذه الأيام التي نشهدها انتقالاً مرناً للسلطة، وأن يتمكّن السوريون من إدارة أنفسهم وشؤون بلادهم في سوريا الجديدة. وطالب الحزب عبر بيانه، جميع السوريين بالتحلّي بثقافة التسامح وتمكين لغة الحوار ونبذ خطاب الكراهية لأجل بناء سوريا الجديدة التي تسودها الحريّة والديمقراطية والعدالة بين كل مكوّناتها، مُعرباً عن استعداده للحوار والتعاون مع كل القوى السورية التي تعمل من أجل الوطن السوري. وفي السياق ذاته، قال القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي، إن سقوط نظام بشار الأسد فرصة لبناء سوريا الجديدة، التي تضمن حقوق كل السوريين. فيما قالت الرئيسة المشاركة لدائرة العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية: "انتهى زمن الاستبداد، اليوم نطوي صفحة الماضي لتوحيد جهود السوريين في سبيل مستقبل أفضل قائم على العدالة والديمقراطية".دستور جديدوحول مستقبل كرد سوريا، قال عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني السوري كاوا آزيزي، لمنصّة "المشهد" "إننا نعيش اليوم في سوريا الجديدة بلا عائلة الأسد وبلا حزب البعث وبلا ديكتاتورية، نحن نعتقد بأن مستقبل الكُرد مرتبط بمستقبل الشعب السوري ككل، وقضيتنا قضية وطنية سورية، ومع كل السوريين نعتقد بأننا سنعيش في جمهورية ديمقراطية عادلة، تحفظ حقوق وواجبات جميع المكوّنات السورية".وأوضح آزيزي أن الحزب الديمقراطي الكردستاني السوري، هو جزء من الائتلاف الوطني السوري، وجزء من المعارضة، لديه ممثلون في منصات التفاوض تحت إشراف الأمم المتحدة، ولم يغب ولا دقيقة واحدة عن الحوار، ومستعدون للحوار مع جميع الأطراف.وعن مطالب الكرد من الحكومة السورية المستقبلة أو القائد السوري الجديد، يقول آزيزي: "أولى مطالبنا أن تتم كتابة دستور عادل، يعترف بالوجود الكردي في سوريا، ويكون للكرد حقوقهم، والسماح بنظام الفيدرالية والاتحادية، أي تكون للكرد منطقة فيدرالية". وعن مستقبل الكرد في ظل وجود الفصائل المعارضة، يقول آزيزي: "نحن عانينا من اضطهاد البعدث، واضطهاد الفصائل وتنظيم داعش"، ما زال معظمنا بلا جنسية وبلا حقوق، وبلا اعترف بهويتنا، لذلك نريد اعتراف دستوري بوجودنا كقومية أو مكوّن أساسي، كثاني أكبر قومية في البلاد، نعيش على أرضنا التاريخية، ويكون لنا ما يميزنا في الجغرافيا السورية". وأضاف "سنكون في مركز الحوار الوطني السوري، لدينا وعي سياسي عالي، وأحزاب سياسية، وبرامج سياسية، وشعبنا شعب واعي ومثقف، مشكلتنا كانت في دمشق وليس في أي مكان آخر، ومشكلتنا ستحل بجهود وطنية لكل السوريين، نأمل أن تكون سوريا الجديدة، هي سوريا العادلة، ولا يتم تكرار الديكتاتورية من قبل أي قومية أو مذهب أو دين".وحول مخاوف الكرد من الجانب التركي، يقول آزيزي: "هذه توازنات جيوسياسية وحساسة، لا يمكننا التحكم بها، لكن أعتقد أن كل شيء سيكون على ما يرام، لأننا لا نحمل أي توجهات انفصالية، وقيادة قوات سوريا الديمقراطية (قسد) ليست فقط من الكرد بل أيضاً من العرب والسريان ومختلف مكونات الشعب السوري، وبعد سقوط النظام أظن أنه سيتم تشكيل هيئة حكم انتقالي، وسننتقل إلى مائدة الحوار السوري السوري، التي تشتبك بها أيدي الجميع، ونتمنى أن تعود بالخير على جميع المكوّنات السورية".هجوم عنيففي العام 2012، أعلن الأكراد إقامة "إدارة ذاتية" في مناطق نفوذهم (في الشمال والشرق) بعد انسحاب قوات النظام من جزء كبير منها من دون مواجهات، وتوسعت هذه المناطق تدريجا بعدما خاض المقاتلون الأكراد بدعم أميركي معارك عنيفة لطرد تنظيم "داعش". وفي العام 2015، تأسست قوات سوريا الديمقراطية، وعمودها الفقري وحدات حماية الشعب الكردية، وضمنها فصائل عربية وسريانية مسيحية، وباتت تعد اليوم بمثابة الجناح العسكري للإدارة الذاتية. وتصنّف أنقرة الوحدات الكردية، منظمة "إرهابية" وتعتبرها امتدادا لحزب العمال الكردستاني الذي يخوض تمردا ضدها على اراضيها منذ عقود. ومنذ العام 2016، شنّت تركيا ثلاث عمليات عسكرية في سوريا استهدفت بشكل رئيسي المقاتلين الأكراد الذين لطالما أعلنت أنقرة سعيها إلى إبعادهم عن المنطقة الحدودية. وفي السياق ذاته، قال الكاتب والباحث السياسي هوشنك حسن، "بلا شك كرد سوريا يشاركون بقية السوريين فرحتهم بسقوط نظام بشار الأسد، لأن الكرد عانوا كثيراً من هذا النظام، حُرموا من هويتّهم ولا يتمتعون بحق التحدث بلغتهم الرسمية وغيرها الكثير من الويلات". وأوضح حسن لمنصة "المشهد" أن "الكرد منفتحون على الحوار مع فصائل المعارضة وجاهزون لذلك، حيث صدرت العديد من الإشارات الإيجابية في هذا الخصوص، التي دعت إلى الجلوس على طاولة الحوار السوري، لكن لا بد أن تكون هنالك رعاية أممية لعملية الحوار أو التفاوض، ولا بد من ضبط السلاح المنتشر في سوريا، سواء بيد الفصائل المسلحة أو غيرها". وأضاف حسن: "نشهد الآن هجوم عنيف للجيش الوطني السوري الموالي لتركيا على مدينة منبج، وسط أن جميع السوريين مشغولة بسقوط الأسد، إلا أن الفصائل الموالية لتركيا ما تزال مستمرة بهجومها على مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية، لذلك لابد من الحوار برعاية أممية". وقال مصدر أمني تركي اليوم الاثنين إن جماعات معارضة سورية مدعومة من أنقرة انتزعت السيطرة على مدينة منبج في شمال سوريا من قبضة قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة، وذلك بعد يوم من إعلان المعارضة الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد.(المشهد)