قبل ساعات من إثبات جميع تحذيراته بشأن الوضع في روسيا نقل رئيس المخابرات العسكرية الأوكرانية الجنرال كيريلو بودانوف زوجته إلى مكتبه خوفا من أن الأسوأ لم يحدث بالفعل، وفق تقرير نشرته صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية. كان ذلك في ليلة 23 فبراير عام 2022، وهي الليلة التي سبقت بدء روسيا حربها على أوكرانيا، حيث أنه وبعد 11 شهرا على بداية الحرب، تحمل كلمات بودانوف البالغ من العمر 37 عاما وزنا خطيرا لدى الرئيس فولوديمير زيلينسكي وآخرين في كييف.في الأوساط السياسية الأوكرانية، يحظى الرجل بالاحترام باعتباره الشخص الوحيد جنبا إلى جنب مع المخابرات الأميركية والبريطانية، الذي حذر بشكل صحيح مقدّما قبل أشهر مما تخطط له روسيا. "لن تستخدم النووي"في توقعاته لعام 2023، أشار بودانوف إلى أن روسيا ستركز على احتلال المزيد من الأراضي في منطقتي دونيتسك ولوغانسك الشرقية. وقال إن شن هجوم متجدد من القوات الروسية المتمركزة في شمال أوكرانيا خصوصا في بيلاروسيا أمر غير مرجح وهو مجرد محاولة لتشتيت انتباه قوات كييف وتقسيمها. وأضاف بودانوف "علينا بذل قصارى جهدنا لضمان عودة شبه جزيرة القرم إلى ديارها بحلول الصيف". ولدى سؤاله عما إذا كان يعتقد أن وصول القوات الأوكرانية إلى شبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا بشكل غير قانوني عام 2014، قد يدفع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى استخدام سلاح نووي، قال بودانوف "هذا ليس صحيحا. وستتم إعادة القرم إلينا. سأخبركم أكثر: بدأ كل شيء في شبه جزيرة القرم في عام 2014 وسينتهي الأمر عند هذا الحد". وأضاف "روسيا بلد يمكن أن تتوقّع منه الكثير ولكن ليس حماقة صريحة. آسف، لكن هذا لن يحدث. إن توجيه ضربة نووية لن يؤدي فقط إلى هزيمة عسكرية لروسيا بل إلى انهيارها. وهم يعرفون ذلك جيدا". قالت بريطانيا الثلاثاء إن قوة روسية كبيرة تقدمت مئات الأمتار في هجوم كبير جديد على معقل تسيطر عليه أوكرانيا في جنوب شرقها الأسبوع الحالي، رغم أنه من المستبعد تحقيق نجاح كبير هناك. وزعم مسؤولون روس أن التقدم ضمن لموسكو موطئ قدم في بلدة فوليدار الأوكرانية، في حين اعترفت كييف باندلاع قتال عنيف هناك لكنها تقول إنها تصدّ الهجوم حتى الآن بينما ألحقت خسائر فادحة بالمهاجمين، وفق وكالة "رويترز". تكثيف روسي للهجماتوفي تحديث استخباراتي قدّم تفاصيل نادرة عن ساحة المعركة، قالت وزارة الدفاع البريطانية إن روسيا تهاجم البلدة بقوّات لا تقلّ عن حجم لواء، وهي وحدة تتألف عادة من آلاف عدة من الجنود بقدرات كاملة. ومن المحتمل أن يكون الروس تقدموا عدة مئات من الأمتار من الجنوب إلى ما بعد نهر كاشلاهاك، الذي قالت الوزارة إنه ظل بمثابة خط المواجهة لأشهر. ويجري النهر الصغير على طرف بلدة بافليفكا على بعد نحو كيلومترين جنوبي فوليدار. وجاء في التحديث أن "هناك احتمالا واقعيا أن تواصل روسيا تحقيق مكاسب محلية في القطاع. ومع ذلك، فمن المستبعد أن يكون لدى روسيا عدد كاف من القوات غير الملتزمة (بمهام) في المنطقة لتحقيق نجاح كبير من الناحية العملياتية". وأضاف أن قادة القوات الروسية حاولوا على الأرجح إنشاء محور تقدّم جديد وإزاحة القوات الأوكرانية عن باخموت إلى الشمال، وهو المحور الرئيسي للجهود الهجومية الروسية منذ شهور. ولم يتسن لرويترز التأكد من الوضع في المنطقة بشكل مستقل. وتقع فوليدار في أقصى الطرف الجنوبي للجبهة الشرقية في أوكرانيا، وتطلّ على خطوط السكك الحديدية التي توصل الإمدادات إلى القوات الروسية على الجبهة الجنوبية المجاورة، وصدت أوكرانيا عدة هجمات روسية على البلدة منذ بدء الحرب قبل 11 شهرا. ويأتي الهجوم الروسي هناك بعدما تقدمت موسكو بشكل كبير حول باخموت خلال الأسبوعين الماضيين، وهي أكبر مكاسب تحققها منذ استعادة أوكرانيا أجزاء كبيرة من الأراضي في النصف الثاني من عام 2022. وقد تحول الزخم إلى روسيا في الأسابيع الأخيرة بعد استقرار الخطوط الأمامية منذ نوفمبر تشرين الثاني. ويقول خبراء عسكريون إن موسكو عازمة على تحقيق مكاسب في أوكرانيا في الأشهر المقبلة قبل أن تتلقى كييف مئات الدبابات والمركبات المدرّعة التي تعهد بها الغرب في الفترة الأخيرة لشن هجوم مضاد من أجل استعادة الأراضي المحتلة هذا العام. وتبدو باخموت، المدينة التي كان يقطنها 100 ألف شخص في يوم من الأيام، معرضة للخطر بشكل متزايد بعد أن استولت روسيا قبل نحو أسبوع على بلدة سوليدار التي تقع إلى الشمال من باخموت وتشتغل في استخراج الملح. وتقول موسكو إنها حقّقت مكاسب كبيرة أخرى في الضواحي الشمالية والجنوبية لباخموت، فيما تقول كييف إن المدينة نفسها لم تتعرض لخطر السقوط بعد لكن القتال هناك شديد. انتقام وصف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي هجوم روسيا في الشرق بأنه محاولة "للانتقام" بعد أن تكبّدت خسائر في وقت سابق. وقال الاثنين "أعتقد أنه لن يكون بوسعهم أن يقدّموا لمجتمعهم أي نتيجة إيجابية مقنعة من الهجوم. أنا واثق من جيشنا. سنوقفهم جميعا، شيئا فشيئا، سندمرهم ونجهّز هجومنا المضاد الكبير". تقول كييف إن الهجمات الروسية في الأسابيع الماضية كان لها ثمن فادح واعتمدت بشكل مبدئي في أغلبها على المرتزقة بما يشمل آلاف المدانين المجندين من السجون الروسية الذين أُرسلوا إلى القتال في موجات بشرية بلا تدريب كاف أو معدات مناسبة. ولكن استدعاء روسيا مئات الآلاف من قوات الاحتياط في أواخر العام الماضي يعني أنها قادرة الآن على إعادة تشكيل وحدات جيشها النظامي التي أُنهكت أو تكبدت خسائر كبيرة في وقت سابق من الحرب. وورد في بيان وزارة الدفاع البريطانية أن الهجوم على فوليدار قادته وحدة من مشاة البحرية الروسية التي حاولت مهاجمة البلدة وفشلت في نوفمبر الماضي. (وكالات + ترجمات)